![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ظهور العذراء خدمة صامتة القس بولس بشاي ٢ أبريل ٢٠١٥ ![]() انسان كتب بخط يده فى مفكرته الخاصة تاريخ وساعة نياحته، لم يكن واحداً من قديسي الكنيسة المشهورين بل كان شاباً مغموراً بدأ حياته مستهتراً تأثر بعظة سمعها في الكنيسة ورأى في الليل رؤيا عجيبة: العذراء مريم وقد أخذته إلى الجحيم فانزعجت نفسه وطلب أن يخرج من ذلك المكان سريعاً، ثم أخذته إلى الفردوس وبدأت تعرفه بأبراره المنيرين، هذا إبراهيم وهذا داود النبي وهذا أنبا انطونيوس… الخ رآهم جالسين على كراسي نورانية مهيبة ولاحظ أن احد هذه الكراسي خالياً فسأل باندهاش: من الذي ترك كرسيه هكذا؟ فأجابته العذراء: ألا تعرف كرسي من هذا؟ إن هذا هو كرسيك إن انت تبعت يسوع. انتهت الرؤيا واستيقظ اكثر ما يكون حباً واشتياقاً لهذا الكرسي الذي ينتظره وعاش ما تبقى من عمره القليل قبل أن يتوفى في عمر 27 سنة حياةً مليئة بالقداسة والتقوى والمعجزات. هذه هي العذراء الحنون الخادمة في صمت. برغم أن الكلام عنها أو عن أعمالها أو أقوالها ضئيل جداً في العهد الجديد، إذا ما قورن بشخصيات أخرى مثل القديس بولس مثلاً، إلا أن عملها الصامت والروحاني في الكنيسة هو الأبرز والممتد عبر الأجيال وإلى يومنا هذا. وفي عملها عبر كل الأجيال تسلك نفس سلوكها الهادىء الوديع الحنون، ففى نقل جبل المقطم مثلاً، في هدوء شديد تطمئن أنبا ابرام بن زرعة وتشرح له ما سيكون بالتفصيل ثم تتوارى هي ويخرج الأب البطريرك حاملاً الصليب ومعه القديس سمعان الخراز وجموع من الشعب إلى الجبل. كما عودتنا في كل مواقفها مثل عرس قانا الجليل كان تواريها خلف الأحداث في صمت وهدوء هو الغالب وهذا يذكرنا بما كتب عنها “ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته” اخذها يوحنا إلى بيته كأم لم تخرج معهم للكرازة ولا غادرت أورشليم ولكنها كانت النبع الروحاني الصافي والمرجع التعليمي النقي و الذي ظل التلاميذ يستقون منه، حتى أن القديس لوقا فى مقدمة انجيله يقول “إذ كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت انا أيضاً إذ قد تتبعت كل شىء من الأول بتدقيق أن اكتب على التوالي إليك ايها العزيز ثاوفيلس”(لو 1 :1-3) ولكن أي أول وأي بدء ومن الذي تسلمت منه كل شىء وقد مات يوسف النجار وسمعان الشيخ واستشهد يوحنا المعمدان وزكريا ابوه، فكانت العذراء هي المرجع الأهم والأكثر دقة، يقول: “تتبعت كل شىء من الأول بتدقيق” ولم يذكر حتى أن الكلام كان نقلاً عنها فقد كانت المثال الذي يحتذى في انكار الذات والاتضاع، تغذي الرسل والتلاميذ بما ينجح رسالة ابنها وإلهها الرب يسوع بفرح شديد “تعظم نفسى الرب و تبتهج روحى بالله مخلصى”. ولم تتعلم العذراء حياة الصمت من انسان بل خطة الله في حياتها دبرت أن يكون هذا جزءاً من شخصيتها، فقدت والديها مبكراً و عاشت في الهيكل بهدوئه الروحاني فكان الكلام مع الله هو سلوتها الوحيدة و قلبها الروحاني هو الأنيس الذي يلهمها الفكر المقدس، فتعلمت كيف تحفظ جميع الأمور في قلبها فكان الكلام قليل والعمل أكبر والخدمة أجلَّ فكان صمتها أبلغ من الكلام. والحقيقة أن صمت العذراء أو كلامها القليل لم يكن مجرد حياة عاشتها على الأرض إنما فضيلة لازمتها في كل أشكال خدمتها التي قدمتها والتى مازالت تقدمها للبشرية إلى يومنا هذا، فبهذه الخدمة الصامتة غذت الكنيسة بروح الاستعداد، مجرد ظهورات العذراء فوق قباب الكنائس يدفع أي متأمل بحيادية للتفكير بأنه وراء المرئيات لامرئيات وأنه بعد الأرضيات هناك الأبديات فيصبح من السهل تطبيق الآية “ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية أما التي لا ترى فأبدية” (2كو 4 : 18) فهذا لمسناه من خلال تجلياتها الهادئة دون كلمة واحدة كما قال نيافة انبا ميخائيل عن ظهوراتها في أسيوط: إن ظهورها أقوى من ألف عظة لألف واعظ على ألف منبر. وهذا يدفع الإنسان بتلقائية شديدة إلى الاهتمام بالسمائيات على مستوى البحث الكتابي وعلى مستوى السلوك العملي الذي يؤهل الانسان ليحيا داخل دائرة النور. وإن تكن العذراء لم تترك لنا عظة واحدة مكتوبة إلا أن ظهوراتها عظة متجددة في كل جيل وفي كل بلاد العالم سواء بصورة جماعية أو بصورة فردية. هيئة وهيبة ظهورها الروحاني الهادىء الصامت ترفع الحالة الروحية للانسان ما لا تستطيع الكلمات ولا العظات أن تفعله لدرجة أن هذه البصمات التي تتركها في النفس تظل لما تبقى في العمر من سنوات لا يمحوها الزمن. عبر على التجليات بكنيستها بالزيتون 47 عاماً - والذي نحتفل اليوم بتذكاره المبارك - و مع هذا فإن الحالة الروحية التي تركتها في نفوس من رأوها بل حتى ومن سمعوا وآمنوا بظهورها مجرد الحديث عنه يرفع الحالة الروحية. كل هذا يمثل جانب لا يستهان به من حياة الاستعداد التي نحياها و هذه اكبر خدمة يمكن أن تقدم من الخادم الأمين، أن يصل بالمخدوم إلى النظر الدائم للسماء، كما يقول سليمان الحكيم “كن فى مخافة الرب اليوم كله” (أم23 : 17) قالت للخدام في عرس قانا الجليل: “مهما قال لكم فأفعلوه”. و بتجلياتها حتى الفجر قالت لنا “اسهروا اذاً لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم” (متى 24 : 42) بتجلياتها التى صاحبتها ترانيم وتسابيح حتى الصباح قالت لنا “اسهروا و صلوا لئلا تدخلوا فى تجربة” (متى 26 :41) روح الاستعداد الذي غذت به الكنيسة يمثل الجانب الإيجابي للتوبة فالتوبة هى العودة والرجوع عن حياة الشر، أما الاستعداد فهو العمل الايجابى الذي يهيىء النفس لملكوت السموات “لذلك ايها الاحباء إذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس و لا عيب فى سلام” (2بط 3: 14). |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ربنا يبارك حياتك
|
||||
![]() |
![]() |
|