الظهور الإلهي _ أغسطينوس

[sama smsma]

الظهور الإلهي _ أغسطينوس







الظهور الإلهي

أغسطينوس




في هذا اليوم - إيبيفانيا باليوناني ومانيفستاتيو باللاتيني - هيأ الفادي المستعلن لكل الأمم عيداً مهيباً لكل الشعوب. ولذا نحن اليوم نحتفل بإستعلان ذلك الذي إحتفلنا بميلاده قبل أيام قليلة.


بحسب التقليد، ربنا يسوع المسيح الذي ولد قبل إثنا عشر يوماً، كرمه المجوس وسجدوا له في هذا اليوم. إكرام المجوس للرب حقيقة وضحها الإنجيل، أما في أي يوم فعلوا ذلك، يظهر من حقيقة أن هذا العيد المجيد يُعيَّد به في كل مكان.


وبما أن المجوس هم أول من تعلموا أن المسيح هو الرب، من بين جميع الأمم (الوثنيين)، ولأنهم - إذ لم يستفيدوا بعد من كلامه - تبعوا النجم الذي ظهر لهم، الذي تكلم لبصرهم مثل لسان سماوي بدلاً من الكلمة الرضيع، لذا من المناسب جداً أن يتذكر الأمم بإمتنان يوم الثمار الأولى لخلاصهم، ويكرسانه بكل شكر وولاء مهيب للمسيح الرب.

من الواضح أن الثمار الأولى لإيمان وإستعلان المسيح بين اليهود كان للرعاة، الذين جاءوا إليه من الجوار القريب، ورأوه في اليوم ذاته الذي ولد فيه. لقد أعلنت لهم البشارة بواسطة الملائكة، أما الآخرين فبواسطة النجم. قيل لهم "المجد لله في الأعالي"، أما في الآخرين تم هذا الكلام. حقاً أن "السموات تحدث بمجد الله"، مثل قدوم حائطين - أي المختونين وغير المختونين - من إتجاهين مختلفين، وقد إجتمعا كلاهما في حجر الزاوية، لكي يكون هو سلامهما، جاعلاً الأثنين واحداً (أف 2).




سمعوا وطاعوا، جاءوا كلاهما من القريب ومن البعيد، أقاموا سلاماً ووضعوا حداً للكراهية. الرعاة والمجوس هما الثمار الأولى لكلا اليهود والأمم. فيهما بدأ الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه (إش 1). أن الحيوان المُقرَّن يُمثِّل اليهود - الذين فيما بينهم تم إعداد قرون الصليب للمسيح. الحيوان صاحب الأذن الطويلة (الحمار) يمثل الأمم، إذ أنه قيل مسبقاً: "شعب لم أعرفه يتعبد لي. من سماع الأذن يسمعون لي" (مز 18). من الواضح، أن مالك الثور وسيد الحمار كان هناك في المعلف (المزود)، مُقدماً لكلاهما طعاماً مشتركاً.

الرعاة إذن جاءوا من موقعهم القريب لينظروا، والمجوس جاءوا من بعيد ليسجدوا. هذا هو الإتضاع الذي جعل الزيتونة البرية مستحقة لكي تُطعَّم في الزيتونة الأصلية (رو 11)، وتحمل ثماراً بعكس طبيعتها، لأن النعمة جعلتها جديرة بتغيير طبيعتها. لأنه بالرغم من أن العالم بأكمله كان ينمو بطياشة ومرارة في هذه الزيتونة البرية، إلا أنها بواسطة نعمة التطعيم، صارت خصبة ومتألقة بالثمار. كما قال إرميا: "تأتي الأمم من أطراف الأرض ويقولون إنما ورث آباؤنا كذباً وأباطيل ولا منفعة فيه" (إر 16). وبحسب إنجيل لوقا: "ويأتون من المشارق ومن المغارب ومن الشمال والجنوب ويتكئون في ملكوت الله" (لو 13).

هكذا يُدعى العالم بأكمله - بنعمة الثالوث - من أربعة إتجاهات البوصلة إلى الإيمان. عندما يؤخذ رقم أربعة ثلاث مرات، نحصل على الرقم المقدس الذي للرسل الإثني عشر، الذي يُعلن مسبقاً - إذا جاز التعبير - خلاص الأرض كلها من أربعة أطراف الأرض إلى نعمة الثالوث.

هذا الرقم مشار إليه أيضاً بواسطة الأناء الذي ظهر لبطرس، والمملوء بكل الحيوانات - أي بكل الأمم. هنا أيضاً نرى الأناء مربوط ومدلى بأربعة أطراف، وكان نزول وصعود الأناء ثلاث مرات، فنحصل أيضاً على رقم 12 من ضرب ثلاثة في أربعة. هكذا أيضاً - ربما يكون لهذا السبب - جاء المجوس أي الثمار الأولى للأمم بعد 12 يوم من ميلاد الرب لينظروا ويسجدوا للمسيح، فإستحقوا ليس فقط أن يقبلوا خلاصهم الخاص، بل أيضاً أن يشيروا إلى خلاص جميع الأمم.



(الجدير بالذكر أن أعياد الظهور الإلهي تشمل : الميلاد والعماد وإستعلان الرب للأمم ممثلاً في المجوس (موضوع هذه العظة)، ومعجزة عرس قانا الجليل)

[Mary Naeem]

مشاركة جميلة جدا

ربنا يبارك حياتك