الذِي ارتفعَ سيأتي
مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا.. ( أع 1: 11 )
من هذه العبارة الجميلة نرى أن الرب يسوع الذي ترك هذه الأرض وصعد إلى السماء على مرأى من جماعة من الشهود الأُمناء، سيأتي هكذا كما رأوه منطلقًا إلى السماء. ولكن كيف انطلق؟ لقد صعد فعلاً نفس الشخص الذي سبق أن عاش معهم ورأته عيونهم وسمعته آذانهم ولمسته أيديهم وأكل معهم، لا بل «أراهم أيضًا نفسه حيًا ببراهين كثيرة» ( أع 1: 3 ) نعم، سيدنا المبارك هذا «سيأتِي أَيْضًا» ( يو 14: 3 ).
ويمكننا أن نسأل هنا، مَن الذي رأى الرب عندما صعد؟ هل رآه العالم، كلا. إن شخصًا من غير المؤمنين الحقيقيين لم يَره منذ أن وُضع في القبر. فالنظرة الأخيرة التي وقعت من العالم عليه كانت وهو معلّق على الصليب، منظرًا للناس والملائكة والشياطين. والنظرة التالية التي ستقع عليه من العالم هي عندما يرجع ليُجري الدينونة والنقمة المريعة. عندما يدوس معصرة غضب الله القدير، وما أرهب هذا الفكر!
إن خاصة الرب، الذين تمتعوا وحدهم برؤيته عند قيامته، هم، دون غيرهم، الذين رأوه وهو صاعدًا. وقبل أن يتركهم مكث معهم أربعين يومًا، يثبِّت قلوبهم ويعزيهم ويقويهم ويشجعهم بطرق كثيرة. وعندما قصد أن يفارقهم «أخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم وأُصِعدَ إلى السماء» ( لو 24: 50 ، 51) وفيما كانوا يشخَصون إلى ذلك المنظر الرائع، أرسل إليهم هذه الشهادة الثمينة بواسطة الملاكين اللذين قالا لهم: «يسوع هذا» ـ ليس غيره، ولا مَنْ يُشبهه، بل يسوع نفسه، مُحبّهم العطوف المُنعم غير المتغير «يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء» ( أع 11: 1 ).
إن هذين الرجلين، بلباسٍ أبيض، إما أن يكونا شاهدي زور، وإما أن ربنا يسوع سيأتي ثانيةً بنفس الكيفية التي صعد بها إلى السماء، ولا ثالث لهذين الأمرين على الإطلاق. إننا نقرأ في كلمة الله القول: «على فم شاهدين وثلاثة تقوم كل كلمة» ( 2كو 13: 1 )، وهكذا من فم الرسولين السماويين، اللابسين لباسًا أبيض، اللذين أتيا من دوائر النور والحق، من فمهما نقبل الكلمة الثابتة عن مجيء ربنا يسوع المسيح ثانية، مجيئه بصورة مجسَّمة، لتراه عيون خاصته، دون عيون سواهم. «يقول الشاهد بهذا: نعم! أنا آتي سريعًا. آمين. تعال أيها الرب يسوع» ( رؤ 22: 20 ).