(15) جدليا حاكم يهوذا:
عُيِّن جدليا حاكمًا على الباقين في البلاد، فجعل من المصفاة مقرًا لحكمه، ومعه حامية بابلية. وتُرك لإرميا الخيار في الذهاب إلى بابل أو البقاء في يهوذا، ففضل البقاء مع الشعب الذين أُوكل أمرهم لجدليا. وبمقتل جدليا على يد إسماعيل بن نثنيا، من النسل الملكي، بدا وكأن مملكة يهوذا قد انتهت تمامًا، ولن تقوم لها قائمة أبدًا. ورغم مشورة إرميا قررت البقية - بقيادة يوحانان بن قاريح - اللجوء إلى مصر. وأصروا على أخذ إرميا وباروخ بن نيريا معهم . وفي مصر قضى إرميا أيامه الأخيرة. وقد اكتشفت مؤخرًا في جزيرة فيله بالقرب من أسوان في صعيد مصر، مخطوطات تركها أحفاد أولئك اليهود الذين نزلوا إلى مصر. وهي تتكون من مخطوطات بردية بالأرامية تعود إلى تاريخ لا يتجاوز المائة عام بعد موت إرميا. وهي عبارة عن حسابات وعقود وصكوك من أنواع مختلفة، نستدل منها على أنه في القرن الخامس قبل الميلاد، كانت تقيم هناك جالية يهودية تعيش منعزلة، وتعبد "يهوه" لا سواه. وكان لها هيكل ومذبح وذبائح، كما كان يفعل أجدادهم في أورشليم قبل تدمير الهيكل. وتقدم لنا هذه البرديات لمحات عن الظروف الاجتماعية والدينية التي عاشها أولئك اللاجئون.