(13) تدمير أورشليم، والسبي الثالث في 586ق.م:
كانت نهاية المدينة قد اقتربت، ففي السنة الحادية عشرة لصدقيا في 586ق.م في الشهر الرابع، في اليوم التاسع من الشهر، ثُغرت المدينة (إرميا 39: 1 و2) بعد أن أرهقها الحصار والمجاعة. ويبدو أن صدقيا ورجال الحرب لم ينتظروا بالمدينة حتى سقوطها، بل هربوا من المدينة ليلًا "فى طريق جنة الملك من الباب بين السورين"، وساروا شرقًا نحو العربة، ولكن جيش الكلدانيين سعى وراءهم، فأدركوا صدقيا في سهول أريحا، وأخذوه أسيرًا وأحضروه إلى نبوخذنصر في ربلة. فقتل ملك بابل بني صدقيا أمام عينيه، ثم قلعوا عيني صدقيا وقيوه بسلسلتين من نحاس وجاءوا به إلى بابل (2مل25: 4-7). ولم ينج من هذه المرة لا المدينة ولا الهيكل ولا القصر، فقد أحرق نبوزرادان "بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت العظماء، أحرقها بالنار" (2مل25: 9)، كما هدم جنوده أسوار أورشليم. وكل ما نجا من كنوز الهيكل وأمتعته الثمينة، نُقل إلى بابل
لقد كان خراب أورشليم كاملًا. ويعَّبر سفر مراثي إرميا عن مشاعر الحزن والأسى والعار التي جاشت في نفس شاهد عيان لِمَا حاق بالمدينة المقدسة: "أتم الرب غيظه، سكب حمو غضبه، وأشعل نارًا في صهيون فأكلت أسسها. لم تصدق ملوك الأرض وكل سكان المسكونة أن العدو والمبغض يدخلان أبواب أورشليم" (مراثي 4: 11 و12). "ويل لنا لأننا قد أخطأنا. من أجل هذا حزن قلبنا. من أجل هذا أظلمت عيوننا. من أجل جبل صهيون الخرب. الثعالب ماشية فيه" (مراثي5: 16-18). ويلخص إرميا هذه الأحداث بالقول: "فسبى يهوذا من أرضه" (إرميا 52: 27، 2مل 25: 21).