في عشية عيد الميلاد ، كان الرب يراقب من عرشه الممجد أبنائه على الأرض ، وكان قد مضى أكثر من ( 2000 ) سنة منذ ولادة أبنه ، قال لأحد الملائكة الصغار (( أنزل الى الأرض وأأتني بأفضل عمل تم القيام به بمناسبة هذا اليوم )) سجد الملاك الصغير أمام الله ونشر جناحيه وأنحدر من السماء نحو الأرض – عالم الأنسان –وهو يفكر بالأعمال الكثيرة التي من الممكن أن تكون قد تمت في هذه المناسبة فالحروب قد توقفت مؤقتا والكاتدرائيات الكبيرة قد تم تشييدها ، وروايات عظيمة تم تأليفها في هذا الوقت القصير .
حال وصوله بالقرب من الأرض سمع فجأة صوت أجراس كنيسة صغيرة وموسيقى هادئة في هدوء الليل طابت له لأن نغمتها تذكره بصوت الله ، فرح كثيرا ، وحالما صمتت الأجراس ، بدأت أصوات ألحان وتراتيل من داخل الكنيسة من فرد واحد بداية ثم أصوات أخرى في وئام تام ومن ثم أصوات كثيرة ووجد نفسه يصغي لتلك التراتيل والألحان حتى نهايتها . أستأنف رحلته خلال الليل وشعر بسرور في كل مدينة أو قرية مر بها ، سمع ألحانا من فرق أوركسترا عظيمة وصولا الى تراتيل جنود في مواضعهم ، وأينما حل وسمع هذه التراتيل وجد الأمل في قلوب البشر .
أمسك بمجموعة من التراتيل وهو في الهواء ( الملاك يستطيع ذلك ) وفكر بأن هذه التراتيل هي من أفضل الأشياء التي من الممكن أن تقدم في الميلاد ، تبدو وكأن صوتها يمنح أعظم الفرح والأمل لعميقي اليأس ، ولكن قلبه أشعره بأن هذه الموسيقى ليست كافية ، ولا بد من وجود شيئ أكثر أهمية .
واصل رحلته طوال الليل حتى شعر فجأة بلمسة من صلاة لوالد في طريقها الى السماء ، نظر مرة أخرى الى الأسفل ، فرأى رجلا كان يصلي من أجل أبنه الذي لم يسمع عنه منذ فترة طويلة ، وسوف لن يكون في المنزل في عيد الميلاد ، تابع الملاك الصلاة حتى وصلت الى أبن الرجل المفقود .
أستمر في مهمته فلاحظ فتاة صغيرة واقفة في زاوية من الشارع أثناء سقوط هادئ للثلج وحيدة في تلك المدينة العظيمة ، وعبر الشارع كان هناك بار قديم من النوع الذي يرتاده الفقراء والتائهين ، عمال البار كانوا مشغولون بزبائنهم ولم يبدو عليهم أنهم لاحظوا الفتاة الصغيرة عبر الشارع ، صاحب البار كان قد عمل في هذا البار منذ فترة طويلة لا يستطيع أحد أن يتذكرها ، لم يكن يؤمن بشيئ سوى بالبار وماكنة تسجيل النقود ، لم يسبق له الزواج ، لم يسبق وأن تمتع بأجازة ، ولم يسبق لأحد من عماله وأن رآه الا خلف البار، كان هناك حينما يبدأون دوامهم ، ويتركوه هناك حينما يغادرون ، لم يكن يعطي بالآجل حتى لو كان المبلغ (75 ) سنت .
فجأة فتح الباب ودخل صبي ، لم يتذكر صاحب البار آخر مرة رأى صبياً في هذا المكان ولكن قبل أن يستفسر من الصبي ماذا يفعل هنا ، سأله الصبي أذا كان قد شعر بوجود طفلة في الخارج لا تملك مأوى !!! وبنظرة في الشباك رأى الطفلة وهي واقفة عبر الشارع ، أستدار الى الصبي وقال له كيف تعلم بأنها لا تملك مأوى ؟
أجاب الصبي : في هذه الليلة بالذات ودون بقية الليالي أذا كان لأحد بيت أو مأوى فينبغي أن يكون فيه .
أستدار صاحب البار ونظر عبر الشارع للبنت الصغيرة وهو يفكر بما قاله الصبي ، وبعد بضعة ثواني من التفكير ، ذهب ببطئ الى ماكنة تسجيل النقود وأخرج معظم ما فيها من نقود ، وخرج مع الصبي عبر الشارع ، كل من كان في البار يراقبه وهو يتكلم مع البنت الصغيرة ، وبعد بضعة لحظات نادى الى سيارة أجرة ، ووضع الطفلة داخلها وأخبر السائق أن يأخذ الطفلة الى مطار جون كندي .
وحالما سارت السيارة ، نظر حوله يبحث عن الصبي ، ولكن الصبي كان قد أختفى !! هرول الى الداخل وسأل الجميع أذا كان أحد رأى الصبي أين ذهب ، ولكن لا أحد كان قد رآه لأنهم هم أيضا كانوا يراقبون سيارة التاكسي وهي تغادر ، ومن ثم قد يقول البعض أن الأعجوبة الأهم التي حدثت حينما لم يدفع أحد ثمن مشروباته لبقية الليل .
وفي طريق عودته الى السماء لفت أنتباه الملاك الصغير بيتاً صغيراً في ضاحية شمال مدينة كندية عظيمة تخرج منه صلوات وتضرعات مستمرّة من فم شيخ ناسك وهو يصلّي الى الله في عمق الليل أمام مغارة ميلاد صغيرة في حديقة بيته الصغير من أجل رعيّته التي خدمها لأكثر من عشرون عاماً لكيما الرب يرعاها برحمته ويحميها من الذئاب الخاطفة بعد أن أضطرّ الشيخ الناسك الى أن يبتعد عنها بجسده ولكن روحه ظلّت معها ، فما كام من الملاك الاّ أن يظم تلك الصلوات أيضاً الى ما جمعه في مهمته ليعرضها أمام الله .
وفي نهاية تلك الليلة عاد الملاك الصغير الى السماء ووضع بين يدي الله نتاج رحلته تلك .
وحينما نظر الملاك الصغير الى الله ....... رآه يبتسم
أمنية الميلاد
christmas wish
مترجمة عن الأنكليزية