لكنه أخلى نفسه
لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ ( في 2: 7 )
كم تنحني هاماتنا وقلوبنا لشخص ربنا يسوع المسيح. فهو ابن ـ كان في الأزل أو جاء في ملء الزمان «هو صورة الله غيرالمنظور» ( كو 1: 15 ). فعندما سأله أحد تلاميذه في شوقٍ شديد لأن يرى الآب، قال له يسوع: «أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني قد رأى الآب» ( يو 14: 9 ). لذلك قال يوحنا: «الله لم يَرَه أحدٌ قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر» ( يو 1: 18 ). وقد كان حري بالملاك أن يقول ليوسف خطيب العذراء «هوذا العذراء تحبل وتَلِد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» ( في 2: 8 ). لقد كان مستحيلاً أن يصل الإنسان الساقط إلى الله، ولم يكن مستحيلاً أن يتنازل هو مُخليًا نفسه آتيًا إلينا في صورة عبد. لقد ارتضى ذلك طواعيةً وحبًا. لكنه أيضًا عاش كالمحرقة الحقيقية مُمجدًا أبيه حتى وصل إلى أعلى قياس في طاعته لله في موته على الصليب ( 2كو 8: 9 ). كما كان افتقاره أيضًا لأجلنا حينما رُفع فوق الصليب (2كو8: 9) لا لكي يعد لنا فقط طريق الخلاص الأبدي، بل لإثراء حياتنا فنستغني نحن بفقره العميق وهو فوق الصليب.
لكن أين مقامه الآن؟ لقد رفَّعه الله وأعطاه اسمًا فوق كل اسم ( في 2: 9 )، وسيأتي اليوم الذي فيه يأتي إلينا مخلِّصًا ( في 3: 20 ) إذ ننتظر مجيئه ليغيِّر أجسادنا الترابية الوضيعة التي تخضع لعوامل الانحلال والموت، لكي تكون على صورة جسد مجده ـ أي على صورة جسده المجيد الذي قام به من الأموات، وعندئذٍ يتحقق خلاصنا النهائي الشامل والكامل لنكون مثله، وأيضًا لنكون معه تحقيقًا لطِلبته من أبيه إذ قال: «أُريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا» ( يو 17: 24 ). كما أيضًا إتمامًا لوعده لنا إذ قال: «آتي أيضًا وآخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» ( يو 14: 3 ).
ربنا يسوع: يا مَن أحببتنا، وأخليت نفسك لأجلنا لكي تأتي بنا إلى بيت أبينا مُمجدين مثلك. لك سجودنا .. لك حمدنا .. لك إكرامنا إلى أبد الآبدين.
أخليتَ نفسكَ وأنتَ مَنْ سَمَـا
وجُلتَ في الدنيـا تحتملُ العنا
وأنا ماذا يا تُرى تركتُ من أجلك؟