رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رسالة المحبة يناير 1951 " ليلة الميلاد " بقلم نيافة الأنبا ميخائيل الأنبا ميخائيل ٥ ديسمبر ٢٠١٤ أبانا أنبا ميخائيل .. الكاتب المعلم ما بين آواخر الاربعينيات ، والخمسينيات عامى 1950 ، 1951 .. ورغم حداثة عمر الانبا ميخائيل فى ذلك الوقت لكن النعمة السمائية الظاهرة فى نبوغة جعلته محط انظار الصحافة القبطية التى حرصت من جانبها على الحصول على المقالات الروحية البليغة بقلم نيافتة خاصة فى الاعياد الكبرى ” الميلاد المجيد ـ القيامة المجيد ” وفى اعدادها الممتازة .. ويعجب المرء ـ كما يسجل الالبوم الخاص بنيافته ـ اين ومتى اتقن أنبا ميخائيل اللغة الرصينة القوية التى اظهرها فى باكوريات شبابة والتى بقيت معه خطيباً مبهراً للسامعين ، كما يشهد الذين تعاملوا معة كيف انه كان ذواقاً للكلمة واللفظ ، يضع الكلمة فى موضعها ، حتى صار الحديث مع نيافتة مدرسة للقيم والفضيلة ، وللغة وحسن التعبير.. لذلك اعتادت مشاهير المجلات القبطية مثل ” مجلة المحبة ” طلب نشر مقالات نيافته لتصدر بها اعدادها الخاصة .. † يسر رسالة المحبة وهى تبدأ عامها السابع عشر بعدد عيد الميلاد المجيد ان تفتتحة كعادتها بالرسالة الابوية الكريمة التى تفضل حضره صاحب النيافة الحبر الجليل الانبا ميخائيل مطران كرسى أسيوط ـ اجابة لرغبتنا ـ بتوجيهها الى قراء رسالة المحبة الاعزاء نفحة مقدسة وتمنيات مباركة . راجين الرب ان يعيد امثال هذا العيد على الكنيسة والشعب بخير وبركة وسلام . مقال بيد مثلث الرحمات نيافة أنبا ميخائيل بعنوان ليلة الميلاد يناير 1951 : † كانت واحده من الليالى العابرة لم يستطع الليل ان يخلع عليها إلا ثوبه القائم ، ولكنها أستعارت من النهار روحه المتحركة ، وسلبت من قلبه النابض ، وحتى هذا الرداء المظلم كان عليها حملاً ثقيلاً ، أبت أن تحتمله طويلاً ، أذ قدمت لها السماء فى فجرها الاول حله من مجد ووقاراً ، من سلام ، ووشاحاً من بهجة ومسرة . † تلك هى الليلة التى ولد فيها المسيح ، وكانت الليلة الفاصلة بين سبات الحياة ويقظتها ، والحد المنتصب بين رجاء امتدت وراءه الآمال حتى كاد اليأس يقعدها ، ويقين تمثل امامه القلوب فيحييها ويسعدها ، إذ دعى الشطر الاول منها الحياة وقد ضلت تائهة ، تجمعها القوة فى عنف ، وتسودها الانانية فى قسوة ، وتقودها المطامع فى غير عطف أو رحمة ، دعى شطرها الأخير مولد المسيح ملك السلام . † بل هى الليلة الفاصلة بين عهدين ، ذكرتها السماء فى مفتتح أحاديثها مع البشرية الاولى فأحتفظت بها القلوب وعداً إلهياً كريماً تعتمد علية ، وهى تعبر برية الحياة الدنيا فى طريقها الى واحة السلام وميناء الخلاص . † وانه الوعد الثمين الذى أحيا فى النفس الامل ، وأشاع فيها الرجاء ، تفضلت السماء فأجازته ومضة وادعة ، بل شعله لامعة ، لتنير امام الانسان الاول الطريق فى هجرته الحائره ، وخطواته العاثرة ، وهو يودع مواطن السعاده والهناء ، ليستقبل حزيناً متألماً دنيا التعب وحياة الشقاء . وتغلغل ذلك الرجاء فى النفس ليهون عليها ماتقاسى فى حياتها من بؤس وتغالب من عناء ، ويخلع على اعوادها الخشنه وأغصانها الشائكة الازاهير اليانعة والورود الفيحاء . وكبر ذلك الرجاء وعظم .. وأمكن الإنسان الأول أن ينقل قبساً من انواره المتلألئة وأضوائه الباهرة ، الى ابنائه من بعده .. واحقابه الكثيرين فى اجيالهم المتواترة . ونقطع تلكم الاجيال المتتابعة الحياة الدنيا مرحله أثر مرحلة ، وتعبر وديانها المخضرة وصحاريها القاحلة ، ويبرز فيها اعلامها وقوادها يحملون لذلك الرجاء المنائر المتوهجة ترسل النور على ذلك الطريق المديد ، وتبعثه الى الافق البعيد ، فيسير القوم على هديه وأرشادة وطمأنينه وسلام ، حتى وأن عجت طرقهم بالمأسى وأكتظت بالمتاعب والآلام . وتتحول الانظار الى هذه اليلة سنى كأنها لتراها ، وتمتد نحوها الايدى مشيرة .. حتى وأن كانت على بعد .. لن يدنيها منها إلا مرور السنين والاعوام إذا جدت فى سيرها ، واسرعت فى أنطوائها ، ويهبط الوحى على فريق من الناس فتجرى على السنتهم كلمات خالدة صاغها الرجاء ، واقوال مقدسة كتب لها مع الزمن البقاء ، فهى الاحدوثه الرائعة عما تعده السماء للبشرية من جدة فى حياتها الروحية . † وتتوارى الشمس وقد جنحت الى المغيب لتفسح المجال لهذه الليلة الحافله بروائع الاحداث ، وكأن السماء إتخذت من هزيعها الاول حجاباً أسدلته كثيفاً ، لتوارى عهداً تجلت فيه للأرض مرعبه مهوبه ، إذا تحدثت اليها ففى بروق ورعود تهتز لهولها الجبال . وإذ رسمت لها طرق العبادة أمرت بالذبائح تسيل لها الدماء ، وتتقطع منها الاوصال ، وإذا رضيت عنها وقبلتها ، فانما تعلن ذلك بلغه تنطق بها السنه من اللهب شديدة الاشتعال . † وفى ملء الزمان ، وقد انطوت للأسرائيلية مسوحها القاتمه ، ومدت السماء يدها الكريمة لتنشر المسيحية بساطها اللامع ، فتفتحت العيون لتبصر للرجاء صورته الجميلة الرائعة ، وكفى البشرية ازمنه عاشتها تترقب له ظهوراً تشهده الابصار لا البصائر ، ومالت الآذان لتستمع الى السماء وهى تزف اليها هذه الانباء وتلك البشائر . وفى موكب يحفه الجلال ويحدوه المجد ، وصلت البشرى على اجنحه الملائكة توقع على قيثارتها أغنيه المهد ، وتسبحه الخلود على طول العهد ، المجد لله فى الاعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة ، وهى الاغنية التى انطلقت متهادية فى طريقها الى القلوب الحائرة والنفوس المضطربة ، ودوت لها نفحاتها العذبة فدرجت مسرعة الى الوديان المنبسطة وتلاقت بالتلال الراكعه ، واصطدمت بالجبال المنتصبة ، فكان لها دويها وصداها ، ذلك الذى ارتفع بها حتى ملأ الفضاء ، وتكرر معها حتى عبر المسكونة الى اقصاها . † وللمره الاولى تتصافح الارض مع السماء ، وتستمع اليها وهى تقدم لها السلام جاءها مولوداً من العذراء ، ولقد كان لها أن تراه طفلاً فى مهده تخر له جباه الفلاسفة وتخلع عنها فى حضرته تيجانها ، وتبصر رضيعاً ينعم بعطف الامومة وحنانها ، وقد سادت مهبطه المقدس روحانية أهتزت لها المشاعر وخشعت لهيبتها القلوب ، وبدأ مهده المتواضع أعظم بما لا يقاس من عروش الاباطرة وأخدار الملوك . وتدور عجله الفلك فتنطوى للطفولة البريئة اعوامها الهانئة الوادعه ، وتصل بها الى دور الرجوله اليافعة ، حيث اتيح للأنسانيه أن تستمع الى السيد المسيح داعياً الى السلام وقد أختط له طريقاً فى عالم يموج بالكراهية والعدوان ، ودنيا تسودها المطامع و الاحقاد فقال بالمحبة حتى للأعداء واللاعنين ، واوسعهم من رحمته عطفاً وحناناً وأمر بالاحسان الى الفقراء والمعوزين ، ونادى بالصفح عن المسيئين ، وقدم عنهم الصلاه الحاره وهو يلاقى منهم احتقاراً وهواناً . † وتتعاقب ليلة الميلاد أذ لكل عام ليلته .. يتلاقى فيها المؤمنون فى محبة وأخاء ، حيث تجمعهم بيوت الصلاة ، فيذكرون كيف أن الله بعدما كلم الآباء بالانبياء قديماً بانواع وطرق كثيرة كلمهم فى الايام الاخيرة فى ابنة الحبيب ، وانها لذكرى رائعة كلما طافت بالنفس كان لها أن تنعش فيها روحانيتها ، وتذكى ايمانها ، وتشعل تقواها … † فيا ليلة الميلاد ؟! أن العالم الذى يواجهك فرحاً مبتهجاً انما يتخلف عن صفوفه المضطربة الحائرة ، ويخرج من معترك الحياة وميادينها الصاخبة ، ليأخذ بنصيبه من بهجة العيد ومسراته ، إذ تنتقل النفوس الى ليل الاحلام الهادئة فتنعم بنشوة من السعادة الغامرة . .. فهل لذكرياتك ايتها اليلة أن تبعث الى الارض المزعجة السلام الكامل ، ذلك الذى صفقت له قديماً أطوادها ، وهل لانوارك أن تشرق مرة ثانية فتبدد من القلوب مطامعها وأحقادها ، فتنقضى بالبهجة والسرور مواسمها واعيادها . † ايها المولود العظيم ، يا من باركت الارض إذ أتخذت منها موطئاً لقدميك ، وسموت بالانسانيه إذ خلعت على صورتها مسحة من جمالك البارع ، ها هى القوب بين يديك ، وكم يسعدها لو رضيت بها هياكل تخفق لك فوق اخدارها الاعلام ، وكم يبهجها لو قبلتها عروشاً مهياة ترحب بك ملك المحبة والسلام . انها تعيش فى ثقة ، وتحيا فى أطمئنان ، تنعم برعاية فاديها فى فيض من المحبة والرحمة والحنان . بقلم : أنبا ميخائيل ـ مطران أٍسيوط ـ يناير 1951 |
06 - 12 - 2014, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: رسالة المحبة يناير 1951 " ليلة الميلاد " بقلم نيافة الأنبا ميخائيل
ربنا يبارك حياتك |
||||
|