يحمل احمالك على كتفيه
على كتف كل انسان احمال ٌ ثقيلة كثيرة تُتعب الكتفين وتثقّل القدمين . ويسير كل منا يصعد جبل الحياة اليومية وهو يئن وينوء تحت أحماله . والكثير من تلك الاحمال يصعب التخلص منها والقائها بعيدا ً عن اكتافنا . هموم ٌ ومتاعب ، آلام ٌ ومصائب ، المرض الذي أعاني منه منذ زمن . مسؤوليات الاسرة واحتياجاتها الكثيرة ، الضغوط المادية الثقيلة ، الوحدة وغياب الأهل والاصحاب ، الاغتراب والبعد عن البلد والوطن ، انتقال الاحباء ولوعة الفراق وقسوة الترمل أو اليُتم . اثقال ٌ واحمال ٌ لا ينجو منها انسان ، تؤلم الكتف وتوهن الجسد . ونسير نجر الاقدام زاحفين في معاناة ٍ وأنين وتثاقل صاعدين الجبل . وننظر حولنا في استنجاد ٍ واسترحام نبحث عن معين فنجد ان الكل يحتاج الى العون . ثم نسمع الصوت ، صوتا ً قويا ً فتيا ً عفيا ً يقول :
" تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. " ( متى 11 : 28 )
وما ان يطرق القول آذاننا حتى تهتز قلوبنا فرحا ً وترتخي اجسادنا طربا ً . نُسرع الخطى ونتقدم الى ذاك الذي يدعونا ، نذهب اليه . نجده فاتحا ً ذراعيه لنا ، ثم يمد يديه ويرفع عنا احمالنا الثقيلة . يأخذ الاثقال جميعها ليحملها ثم يقدّم لنا بدلا ً عنها نيرا ً خفيفا ً . وبوجهه الباسم يقول :
" اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي ، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.
لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ». " ( متى 11 : 29 ، 30 )
البعض يتردد ويتسائل : لماذا نحمل النير ، كفانا احمال ؟ النير ليس حملا ً ، النير على الكتف لا يثقّله ، لا يتعبه ، النير لا يُحمل ، النير يَحمل ، النير لا يُثقّل ، النير يرفع الثقل ، النير على الكتف كالجناحين على كتف الطائر ترفعان الطائر الى اعلى . نير الرب يستقر على كتفك لا ليثقّله بل ليحمل ثقلك . حين تتبادل مع الرب ، حين تُلقي عليه اثقالك وتأخذ نيره ، يحمل احمالك على كتفيه ويسوّي على كتفيك نيره ، فيحملك النير الى اعلى ، تطير ، تسبح في سماء الشركة مع الله . تخف وتضعف جاذبية الارض عليك وترتفع . يرفعك نير الرب الى فوق حيث لا أثقال ولا احمال .
" أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. " ( مزمور 55 : 22 ) استلم من الرب نيره وهو يرفعك ، سيكون لك جناحي حمامة وتطير وتستريح .