|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سؤال مهم للغاية يسأله الكثيرين : ماذا يحدث لنعمة المعمودية ، إذا عدنا للخطية واستهان الإنسان بكرامة البنوة ؟ طبعاً أنا لن أجيب من نفسي ولكني سأكتب ما قاله الأب صفرونيوس كما هو لأنه أجاب باستفاضة ولا يحتاج لتعليق آخر وهو يقول : [ المعمودية " ختم لا ينحلّ "، ولذلك تُعطى مرة واحدة، لأننا نولد مرة واحدة من الآب بابنه يسوع المسيح وبنعمة الروح القدس . ونحن لا نعيد معمودية المرتدين، بل نقبل توبتهم. ولا نُعيد المعمودية بالمرة للذين نالوا هذا السرّ في الكنيسة الجامعة. يقول الرسول: إن النعمة ليست مثل الخطية، ولا الهبة مثل السقوط، ولا يمكن مقارنة آدم الأول بآدم الأخير: الرب يسوع المسيح. وقد لَّخص الرسول التعليم كله في عبارة واحدة وهي أن " عطية الله بلا ندامة " ( رو11: 29 )؛ لأن الرب يسوع لا يندم على ما أعطاه لنا من عطايا مثل المغفرة، وميراث الملكوت، وسُكنى الروح القدس، والشركة في جسده الإلهي ودمه الكريم . وإذ أعاد الإنسان إلى سيرته الأولى وارتد، فأن خطاياه الأولى لا تُحسب عليه؛ لأننا عندما نسمع قول الرسول أننا سوف نعطي حساباً ( رو14: 12، 1بط 4: 5 )، فإن ردَّنا هو حسب تعليم الآباء الرسل ( فهو ) مُلخَّص في عبارة واحدة: " كرحمتك يا رب ولا كخطايانا " ( القداس الإلهي ). وعندما يتوب المرتد، فأن خطاياه لا تُحسب عليه؛ لأن نعمة غفران الخطايا تمحو كل ما سبق، ولذلك يقول الرسول عن الأمم – بشكل عام – إن الله لم يحسب لهم خطاياهم السابقة ( رو3: 25 ) كمانع يمنع عنهم نعمة ( الإنجيل ) وبشارة الخلاص . والذين يأتون للمعمودية، لا يأتون كأبرار وقديسين، بل كخطاة وينالون غفران خطاياهم. والرب لا يحسب لنا خطايانا السابقة بالمرة أي تلك التي غُفرت، والحساب ليس على أعداد وكمية الخطايا، بل على سلوك المحبة. ولذلك فالحساب على الأعمال موجز في كلمة واحدة " حسب أعماله "، أي الغاية التي كنا نسعى إليها، والخدمة التي اخترناها لكي نقدمها للرب وللإخوة والبشر جميعاً؛ لأن أعمال المحبة لها هدف واحد، وهو " المحبة "، ولذلك قال الرب : كنت جوعاناً، وعطشاناً ومريضاً ومسجوناً، وهو كل هؤلاء، لأن كل هؤلاء هم إخوته بسبب تجسده . أمَّا الاستهانة بكرامة البنوة، فهي أولاً مثل خطية عيسو الذي باع " البكورية " بأكلة عدس ، والتي وصفها الرسول بأنها " استباحة " ( عب12: 16 )؛ لأن إزالة الفوارق بين الخير والشرّ، والمقدس والنجس، والسمائي والأرضي تهدم الحياة الداخلية، وتقوَّض الفوارق بين ما هو كريم وصالح وما هو غير لائق ويحط من كرامة وقدر الإنسان. تأمل ماذا يحدث لو أن إنساناً عاش في قصر ملوكي، أو مثل الابن الشاطر ( الضال ) الذي بعد كرامته في بيت أبيه، صار يأكل مع الخنازير، لكنه عندما عاد رده أبوه إلى كرامته الأولى . أما الذي لا يعود إلى سيرة محبته الأولى، فإن الإنذار والتهديد لا يخلصه، بل أحياناً يقود إلى النفاق وإلى التستر حتى لا تنكشف خطاياه. " المستبيح " لا يعرف ولا يحس بالأمور السمائية، ولا بالفرق بين الخالق والمخلوق، لأنه لا يدرك أن له قلباً مملوءاً بأشواق طبيعية غير تلك التي يضعها الروح القدس في القلب؛ لأن الأولى ( الأشواق الطبيعية ) هي عطش الطبيعة المخلوقة لخالقها، أما الثانية ( أشواق الروح القدس ) فهي شوق الخالق للمخلوق، ذلك الشوق وتلك المحبة الجارفة التي تجعل الله يقبل أن يتجسد، وأن يصير كواحد منا ويحيا بيننا . الإيمان يلد المحبة، والمحبة تروي الإيمان. والإيمان – بالمحبة وباستنارة الروح القدس الذي يُنير إدراك الإنسان – تنمو المعرفة وتُثمر، لكن المعرفة تفتح إدراك الإنسان وتحرر الإرادة والقلب من سطوة الجهل، أمَّا هبة الحياة الجديدة، فهي تأتي من الله الذي يعطينا حياة ابنه، ومسحته لكي نرث معه وبه الملكوت الذي لا يفنى. يحتاج " المستبيح " إلى مُعلَّم كنسي مدَرَّب في طريق الرب لكي ينيره بكلمة التعليم، ويفتح له باب الحياة الأبدية، ويقوده إلى ينبوع مياه الحياة بالروح القدس ] ( رسالة الأب صفرونيوس إلى تلميذه ثيؤدوروس عن المئوية الثانية في التوبة – التوبة وعمل الروح القدس في القلب ص25 – 27 فقرة 23 – 26 ) |
|