رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
[ واكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين هذا يقوله الأمين الشاهد الأمين الصادق بداءة خليقة الله: أنا عارف أعمالك انك لست باردا ولا حاراً، ليتك كنت بارداً أو حاراً. هكذا لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً، أنا مزمع أن أتقياك من فمي. لأنك تقول إني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم انك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان. أشير عليك أن تشتري مني ذهباً مصفى بالنار لكي تستغني وثياباً بيضاً لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك وكحل عينيك بكحل لكي تبصر. إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه فكن غيورا وتب. هنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه و أتعشى معه وهو معي. من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه. من له أذنٌ فليسمع ما يقوله الروح للكنائس ] (رؤيا3: 14 – 22) أعظم ضربة لقلب الإنسان الذي يبدأ بالروح ويسير مع الله هو كبرياء القلب، والكبرياء هو أكبر ضربة لمن ينال مواهب الله بأي شكل أو صورة، وعلى الأخص المواهب الظاهرة أمام الجميع، والمواهب الممدوحة من الناس جداً، مثل الكهنوت ودرجاته، أو المعجزات بكل أنواعها… الخ، فالكبرياء هو الحية القديمة التي تسكن في قلب وتنفث سمومها في الداخل سراً فيفقد الإنسان عطية الله وينجرف وراء حب المظهرية ويسعى لمديح الناس ويرتاح له داخلياً، وبذلك يُرفض من الله لأن الله يقاوم المستكبرين بفكر قلوبهم من الداخل، وينزل الأعزاء من على الكراسي، ويشتت المستكبرين بفكر قلوبهم حتى لو كانوا أنبياء عظام وأناس أجلاء، لأن الكبرياء هو الشيطان عينه … يقول القديس مقاريوس الكبير : [ فإذا رأيت إنساناً متكبراً ومنتفخاً بسبب ما ناله من نعمة، فهذا الإنسان حتى لو صنع العجائب وأقام الموتى، ولكنه لم يعتبر نفسه أنه غير مستحق بل مزدرى، ويستمر مسكيناً بالروح ويبغض نفسه، فإن الخطية تخدعه دون أن يدري، وحتى إن كان يصنع العجائب فلا يُمكنك أن تصدقه، لأن علامة المسيحية هي هذه: أن يكون الشخص ممدوحاً من الله بينما هو يسعى باجتهاد لتجنب ملاحظة الناس له، وحتى إذا كان عنده جميع كنوز الملك فإنه يخفيها، ويقول باستمرار "إن هذه الكنوز ليست ملكي بل إن شخصاً غيري قد وضعها بين يدي. وأما أنا فإنسان فقير، وحينما يشاء صاحبها فإنه يأخذها مني"؛ فإذا قال أحد "أنا غني وعندي الكثير وقد ربحت كثيراً ولا أحتاج إلى شيء أكثر" فهذا الإنسان ليس مسيحياً، بل هو إناء للضلالة والشيطان. إن التمتع بالله، إناء لا يُشبع منه، فبقدر ما يذوق الإنسان منه ويأكل، فإنه يجوع أكثر. ومثل هؤلاء الأشخاص لهم حرارة ومحبة لله لا يُمكن حصرها، وكلما سعوا للتقدم والنمو، كلما اعتبروا أنفسهم فقراء، كأولئك الذين هم في غاية الحاجة ولا يملكون شيئاً. وهذا ما يقولونه: "أنا لست أهلاً لإشراق هذه الشمس عليَّ" وهذه هي علامة المسيحية : هذا التواضع؛ أما إن قال أحد: "أنا قد شبعت وامتلأت" فهو خادع وكاذب ] ( عظات القديس مقاريوس الكبير عظة 15 فقرة 37 ) وطبعاً الاتضاع ليس كلمات نرددها من الخارج ونقولها بالفم، بل هو حقيقة نشعرها فعلاً، لأننا لم نصنع شيئاً من أنفسنا بل كل ما نأخذه نأخذه من الله وليس نتاج أعمالنا حتى لو كانت صالحة على الدوام وتفوق قدرات أي إنسان عادي، لأن الله يعطي مجاناً للنفوس، فالله لا يحب الاتضاع الكاذب أو الشكلي، بل الاتضاع الذي من القلب هو الممدوح من الله، فلنحرص يا أخوتي أن نعرف أنفسنا ونعرف أن كل موهبة وعطية هي من عند أبي الأنوار الذي يعطي للنفوس مجاناً، ليتمجد اسمه ويتبارك كل حين آمين |
|