افتح قلبك لله ليحل فيه
بعض المظاهر تخدع ، تغش وتعمي وتُخفي الحقيقة ، تُظهر عكسها تماما ً . قد ترى بجوارك شخصا ً يسير بكل هدوء ويتصرف بكل رقة ، وداخله بركان نار . وقد تجد انسانا ً يبتسم ويضحك لك ويحييك بحرارة وقلبه ُ ممتلئ بالحقد عليك . احيانا ً يختار الناس أن يخفوا باطنهم فينخدع من حولهم فيهم . يصدقون الباطل الذي يرونه ولا يعرفون الحق الذي يخفونه . هؤلاء هم المراؤون ، يدّعون الصلاح وهم ابعد الناس عنه . يُظهرون البر والتقوى والصدق والرحمة وهم اشر خلق الله واسوأهم . واجه المسيح الكتبة والفريسين وكشف خداعهم وفضح ريائهم . أدانهم وهم يعشّرون النعنع والكمون ويتركون الحق والرحمة والايمان . لعنهم لانهم ينقّون خارج الكأس وهي من الداخل مملوءة نجاسة . قال لهم :
" وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. " ( متى 23 : 23 )
" وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. " ( متى 23 : 27 )
ومهما انخدع الناس بالمرائين ، فالله الذي يعرف الخارج والداخل يعرفهم . ومهما عاشوا في العالم يغشون ويخدعون فسوف ينالون في النهاية عقابا ً مخيفا ً . سوف يُقطعون كما قال المسيح عن العبد الرديء ويُلقون حيث البكاء وصرير الاسنان . طهارة الخارج تبدأ من الداخل . نقاوة المظهر تنتج من نقاء الجوهر . يقول المسيح :
" اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ." ( متى 12 : 35 )
وانت وأنا وكل انسان مهما كان قدره لا يستطيع أن ينقّي داخله . هذا عمل الله حين يحل في القلب بالروح القدس ، يقدّس داخلك . لا تتصور نفسك طاهر القلب نقياً بسبب ما تُظهره ُ من صلاح ٍ وتقوى . الشعور بالصلاح ليس صلاحا ً . الشعور بالتقوى ليس تقوى . الصلاح والتقوى والنقاء انعكاس ٌ لقلب ٍ صالح ٍ تقي ٍ نقي ، واظهار لعمل الله كلي ّ الصلاح وكليّ القداسة في قلب الانسان . افتح قلبك لله ليحل فيه ، سلمه حياتك ليسود عليها . حينئذ ٍ وحينئذ ٍ فقط يكون ظاهرك في نقاء باطنك ، وتحيا حياة ً ً واضحة أمينة حقيقية ، داخلها مثل خارجها ، بلا غش ٍ أو مرائاة .