القديسة تقلا
بكرُ الشهيدات تقلا العذراء وفخرُ الفتيات
تحلّت نفسُها منذ صبائها بجميل الصفات
وكان ثباتها مثالاً صالحاً لكل الشهيدات
فمكثت طاهرة وماتت شهيدة بعزم وثبات
غرباً وشرقاً حازت لفضلها أجمل المديح
لأن قلبَها كان مشتعلاً في حب المسيح
وظهرت في الجهاد كالبطل الشجاع تصرخ وتصيح
يا وثنيون دينُ النصارى هو الدين الصحيح
مولدُها كان في إقونية طودِ الاوثان
ولم يَمِل قلبُها الى حب الوثن أم أي إنسان
قصدت سرّاً بولس الرسول ذاك الملفان
وعنهُ أخذت تعاليم المسيح وصدق الايمان
عز نظيرُها جمالاً وعقلاً وأدباً واحتشام
وزادتْ كمالاً بدرسها العلوم بكدٍ واهتمام
فاستنار عقلها وازدهى فضلها وزادت إنعام
ولم يشغَلها عن حب الله لهوٌ وغرام
ولما اغتسلت بماء سر العماد تلك النقية
زادت ظرفاً ورقة ولطفاً وطلعة بهية
ومذ ذاك شرعت تُحلي بالنقا نفسها الابية
وتقتني الفضائل مكان الزينات والحلى السنية
رأتها أمها تَنهجُ منهجاً مقدساً باجتهاد
لا يسلكه أحد غيرُها في تلك البلاد
فحارت بأمرها وصاحت عليها بغيظٍ واحتداد
ما هذا الزهد وهذا التنسك قولي ما المراد
فأجابتها بطلاقة وجهٍ علاهُ الابتهاج
اني قد أخذت رغبةً في النعيم هذا المنهاج
ونذرتُ العفاف ليسوع المسيح ورفضتُ الزواج
وفضلتُ عارَهُ واعتناق الصليب على لبسِ التاج
فالتظى ذا ذاك صدرُ الوالدة بغضبٍ ذائب
وشكت أمرَها الى خطيبها وباقي الأقارب
فهاجوا وماجوا بتوعدونها بشرِّ العواقب
تبسّمت تقلا ولم تخفُ وعدهم وتلك المصاعب
فأضرموا ناراً دخلتها الفتاة ولم تَمسَسّها
وطُرحت للوحوش فتيَّبتها ولم تفترسها
وتلك العفيفة أدنى شيء لم يدنٍّسها
فبأمر الله قال الملائك فلنحرسها
إذ ذاك رُبطَتْ بذنبي ثورين من كبار البقر
ليُميتوها مهشمة الجسم مثالاً وعبر
أما الثوران فلبثا ثابتين لهذا المنظر
ورفضا الغدرَ بالبتول التي ثباتُها قد ظهر
سَعْديكِ تقلا يا من جهادُها أذهلَ العقول
وجميلُ صبرها لم يتزعزع بالنار والنصول
اليك نطلب عن قلب جريح ايتها البتول
ارفقي بذِلنا واجعلي دعاءنا لله مقبول