الحبل بلا دنس
اضلّ الثلابِ قتّالُ الناس منذُ الابتدا
حواّ فأغوت آدم بعلها فأوردنا الرَّدى
فحنّ علينا ربُنا المنَّان واعداً بالوفا
مبشراً بحوا جديدة تسحق رأس صِلٍ عِدا
وهكذا قد مضت تلك العتيقات جيلاً بعد جيل
كلها نبؤاتٌ على تلك الفتاة ورمز وتمثيل
ولما ان بلغ ملء الازمنة وكثرَ التضليل
سكتت الصور واستبان الحق بناصرة الجليل
يواكيم البار وحنة زوجته كانا يضرعان
الى باري الكون ليُرسل منقذاً يفتدي الانسان
ولم يكن لهم مولودٌ به تقُرُّ العينان
والعقرية كانت عاراً في ذاك الزمان
تجلّى لهما جبريل الملاك مبشراً بالنعم
قائلاً سيكون لكما بنتٌ تدعى مريم
مِن قبلِ الكون أعدّها الباري لسرّ أعظم
سرِّ التجسد قهراً للجحيم ونصراً لآدم
ولما كانت اماً للإله قد استثناها
من شجب الشرّ بمعصية آدم حالما براها
فحبلت حنة بها مبرّأةً ضمن حشاها
فهكذا قد لاق بناسوت الاله الذي انتقاها
وعن براءتها أوصى جليا الروح القدس
كلك جميلة وليس فيك عيب يا اختي العروس
كوردةٍ بهية بين الاشواك أصلُها مغروس
هكذا صَفيّتي ما بين البنات مثل نور الشموس
وقد نصّ عنها نشيدُ الأنشاد ألطفَ الآيات
من هذه المشرقة كالصبح المنير تمحو الظُلمات
جميلةٌ كالقمر مختارةٌ مثل شمس منتقاة
وهي مرهوبة كالصفوف تخطر تحت الرايات
وعنها كَنَّى بجنةٍ مُقفلةٍ ونبع مختوم
لأن الشيطان لم يَقدر ان يَبثّ فيها السموم
فكانت بريئةً من جرم آدم بأمرٍ محتوم
هكذا حدّد باري الكائنات كما هو معلوم
مذ كوّنها انتُخبت لتصير أماً للقدير
يُبين انها بريئةٌ من العيب من غير نكير
أيَصُحُّ القول إن الهاً في يده المصير
يَرى والدته خفضت مرةً لحكم الشرير
يا ام الله نحن الخطأة بعونك نتستعين
وباب رأفتك يا أمنا الحنون نقرع طالبين
فلا تهملينا أنتِ رجاؤنا ومَوْءلُنا الحصين
تشفعي فينا وصلي لاجلنا بكل وقت وحين
فلا شك أنه بك تم الحبل بريئةً من الدنس
لأن الباري عين القداسة منك تأنس
وحاشى ربُّنا ان يتجسم ممن تدنس
وهذا حق لا ريب فيه لمن يتفرس
يا عزا شعبنا ومشتهى الأجيال ومُنتَظَرَ الآنام
ما دمتُ حياً أهتف صارخاً لك مني السلام
يا سيدتنا تسلمي روحنا اذ يوافينا الحِمَّام
وطهِّري نفسنا يا بريئة من دنس الآثام