الميل الثاني
وقال في ذلك: "من سخرك ميلًا واحدًا، فأذهب معه اثنين. من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاترك له الرداء أيضًا" (مت5: 40، 41).
وبنفس الوضع تحدث الرب عن الخد الآخر.
فقال: "من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضًا"،
وكأنه أراد بها كله أن يقول لنا:
كن مظلومًا لا ظالمًا. وكن مصلوبًا لا صالبًا. لا تنتقم لذاتك.
إن الذات تريد أن تأخذ حقها، وتأخذه بنفسها، وهنا على الأرض، وبسرعة على قدر الإمكان.
أما تعليم الرب لنا في إنكار الذات فيقول لنا فيه:
"لا تقاوموا الشر" (مت5: 39).
لا تجعل ذاتك تتدخل، لتنال حقوقك أو لتنتقم.
واذكر قول الكتاب: "لي النقمة، أنا أجازي، يقول الرب" ( رو12: 19).
ومع أن النقمة للرب، لا تطلب أنت منه هذه النقمة. فالكتاب يقول:
"المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13).
ولماذا لا تطلب ما لنفسها؟ ذلك لأنها بعيدة عن الذات.
وفي نفس الوقت الذي لا تمجد فيه نفسك، ينبغي على العكس أن تدين ذاتك.
مشكلة المشكلات، في كل المعاملات، أن يعتقد الإنسان أنه على حق! على طول الخط!