ويُعدّ التنافس الشريف من الوسائل الّتي نستعملها لتقوية الروح الجماعيّة. ونحرص على ألاّ يتمّ بروح حسد، بل "بمحبّة بصيرة". فالمنافس الحسود يرغب في التغلّب على الخصم ولا يبالي بتحسين نفسه، بل يكفيه أن يُذِلَّ الخصم بأيّة طريقة كانت. وهو لا يتمنّى تقدّم خصمه، بل يشمت بتدهوره. أمّا روح التنافس الشريف الّتي نسعى إلى تنميتها، فهي تقدّر الآخر وتشجّعه على التحدّي وتخطّي محدوديّته. هذه غايتنا من كلّ ما ننظّمه في المباريات بشتّى أنواعها: رياضيّة، ثقافيّة، معلوماتيّة ... وإذا كنّا نضيف إلى كلمة "تنافس" لقب "الشريف" فلأنّنا نريد أن يتنافس أولادنا في الفضائل والروحيّات، كما يقول القدّيس بولس. بذلك نستطيع أن نروّض غريزة من أقوى غرائز الشباب، ألا وهي الصراع، ونطوّعها لنجعلها حليفاً لروح المحبّة لا خصماً.
لا شكّ أنّ التدرّب على روح التنافس الشريف صعب. لذا، نعتمد على المراجعة والتقييم بعد كلّ منافسة. ولا يتركّز تقييمنا مع المتربّين حول أسباب النجاح أو الخسارة، بل الروح الّتي خضنا بها المنافسة، وكيف أظهرت وجوه الخطيئة الكامنة في كلّ شخص. ففي المنافسة ينـزع المتربّي عن وجهه قناع التقويّات، ويُظهر كلّ ما فيه من عنف وضعف وأنانيّة وحسد وغضب ... فيسهل على المربّي معرفته معرفة أفضل، ويسهل عليه هو أيضاً، من خلال المراجعة، معرفة نفسه على حقيقتها من دون رياء أو خداع. وبذلك يمكن للعمليّة التربويّة أن تأتي بثمر أفضل، لأنّها تنطلق حينذاك من الواقع وتعتمد على الصراحة. أمّا من جهة "المزيد" و "المحبّة البصيرة" فثمّة مناهج للتكوين على المحبّة وهي: التعاون وتكوين النخبة والحوار والنظام.