رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مراحل الاعتراف توبة الإنسان تكتمل في اعترافه الشفهي؛ فالاعتراف هو التعبير الأكمل للتوبة، وهو بداية ثمارها. لذلك التوبة لوحدها دون اعتراف لاقيمة لها، وكذلك الاعتراف بدون توبة. وهذا ما كان مدركاً في فكر الكنيسة حين لزمت الإثنين في سر واحد هو سر التوبة والاعتراف. وطبعاً هذا السر، على الرغم من وحدته، إلا أنه يقسم إلى مراحل ثلاثة لتسهيل دراسته فقط. هذه المراحل هي: 1_ ما قبل الاعتراف: الاعتراف، كما ذكرت سابقاً، هو النتيجة الطبيعية للتوبة، فهذه الأخيرة تقود الإنسان إلى الاعتراف أمام الله وأمام الكاهن الذي يمثله. لذا يجب على المعترف أولاً أن يصلي إلى الله، ليساعده في فحص نفسه وخطاياه فحصاً دقيقاً وصادقاً، وليرسل الله له نعمة التوبة الحقيقية والقوة، لكي يتقدم في حياة جديدة، فيعترف بخطاياه بدون حجة أو تبرير، فالصلاة "بطبيعتها مدرسة للتوبة".[32] من بعد ذلك، يأتي التركيز على الذات، فعلى المعترف أن يفحص حياته وعلاقته مع الله وعلاقته مع الآخر. ومن الأمور التي تساعدنا في التوبة والاعتراف، مطالعة الكتاب المقدس. فهو يسلط أنوار الله علينا، فينيرنا في فحص ذواتنا، ويشجعنا على الاعتراف بثقة بالرب.[33] بالإضافة إلى الصوم وأعمال البر، التي تنمي الشعور بالآخر، وتقلل من الإساءة إليه. 2_ خلال الاعتراف: الاشتراك بهذا السر يجب أن يكون بتواضع عميق واعتراف صريح دون تبرير أوحجج لما اقترفناه. فعلى المعترف أن يُقر بخطاياه ببساطة ووضوح، فلا يكثر من الكلام والقصص غير المنتهية، فيكتفي فقط بالضروريات؛ بالإضافة إلى أن عليه أن يعرف أنه خاطئ وبائس، فيتكلم بكل تواضع وانسحاق، ويعترف بدون كذب أو تبرير أو إلقاء الخطايا على الآخرين. لذا على المرء المعترف أن يدين نفسه، ويتحدث بكل لباقة وحياء وورع. لأنه بخطيئته التي كان قد اقترفها، قد أحزن الله، وأضر نفسه والقريب.[34] 3_ مرحلة ما بعد الاعتراف: أهم ما على المعترف أن يدركه ويثق به، هو أن الله سيغفر خطاياه كلها إذا ما اعترف بها. فسر التوبة والاعتراف يضع نهاية للابتعاد عن الله، ويعيد العلاقة السلامية بين الخالق وخليقته. وحينها يعيش الإنسان ويبتهج ويتهلل بإله المحبة والرحمة، لنواله الغفران عن خطاياه كلها. هذا الإيمان يمكِّن المعترف من أن يجني ثمار التوبة والاعتراف. من هنا لابد للتائب أن يقدم ثماراً تليق بالتوبة، فبعد أن يصمم الإنسان على ترك الخطيئة ونبذها، وينال الحل منها، فما عليه عندئذٍ إلا أن ينوي على إصلاح سيرته بشوق صادق وعزم ثابت، وهذا ما يؤكده القديس باسيليوس الكبير بقوله: "أنه لا يكفي للتائبين غفران الخطايا وحده للحصول على الخلاص، بل من الضروري أن تكون لها أثماراً تليق بالتوبة".[35] وبالتأكيد، أن أكثر ما يساعد المعترف على جني هذه الثمار، هي التمارين والارشادات الروحية، التي يعطيها الأب الروحي، بالإضافة إلى القصاصات والقوانين. |
|