ابتدا الذبيحة انتها الشريعة بالنبي تحرّر
وعندها تَظهر أنوارُ الشمس ويُهمَل القمر
الشمسُ والذبيح يسوعُ الحمل الذي قد ظهر
في اورشليم ماتَ مصلوباً مُهاناً مُسَمّر
باسطاً يديهِ هاتفاً تَمِّت نبوةُ داود
ثقِّبوا يديَّ ورجليِّ معاً بتسمير العود
ثم اقتسموا ثيابي بَينهم كغنم موجود
واقترعوا على قميصي المنسوج غير المقدود
صلبوهُ على خشبةِ العار مُهاناًَ عُريان
ما بينَ لصّين وهو الكاسي لبني الانسان
وزادوا نِفاقاً رفاقاً رفاقاً عما قد كان
بتجاديفهم وهزِّ رؤوسهم هزءاً وامتهان
فنادى اباهُ قائلاً ابتِ انتَ اغِفر لهم
اذا لا يَعلمون ما يَعملونَه مُظهراً جَهلَهم
فبعضُهم يجهلونَ الشر الذي يَتبعُ فعلَهم
لا تُعاقِبهُم عقاباً شاملاً هؤلاء كلّهم
واللِّص الذي كانَ مُعَّقا ناحيةَ الشِمال
أخذ يُجدِف قاطِعاً رجاُ بقبيح المقال
فناقضَ قولَهُ اللصُّ اليمين بحقٍّ إذ قال
نحنُ بعدلٍ قد جُوزينا بكلِّ استئهال
ونادى ربِّ اذكرني عندما تأتِ لتُقيم
في ملكوتك واغفر ذنوبي بعفوك يا رحيم
أجابه المخلص ذا اليوم َ حقاً تَحظى بالنعيم
مقرِّ الابرار والذين تابوا بالدّمعِ الحميم
بسادسِ ساعة من نهار صلبهِ حتى التاسعة
حَجبتِ الشمس أنواراً لها كانت ساطعة
وصاحَ مكرراً وقت نِزاعِهِ عبارةً خاشعة
الهي الهي لماذا تركتَني وعيني دامعة
ثم قالَ إني عطشانٌ الى دموع الثوّاب
فسقاهُ القُساة خلاًّ ومرًّا لازيادِ العذاب
ولما ذاقهُ لم يُرِد شُربَهُ والامل قد خاب
سقاهم خَمراً سقَوهُ خلاًّ ممزوجاً صاب
ومع هذا العذاب والوجعِ المرير لم يزل تذكار
أمِهِ بعقله مفكِّراً بغمِّها ومدمعِها الحار
وقالَ يا امرأة إبنُكِ هذا يوحنا البار
ويا يوحنا هذه أمك وفي ذا اسرار
لم يَقُلْ أمي حَذَراً من أنَّ قلبَها المكسور
يَزيدُ انكساراً ولوعاتُ القلب أمرُها مشهور
وقال لحبيب هذه امَّك طِعْها كمأْمور
واعتبرْ شأنَها وَفرّج عنها عمةَ الكدور
ولما سمعتْ ابنَها يُوَصّي يوحنا بها
تفتَّت قَلبُها ألماً وحُزْناً لفقدا ابنِها
وهتفت ولدي أمُكَ تَلظَّت مُهجة قلبِها
وكيف يُمكنها تُقاسي لوعةً تَقضي نَحبَها
ولدي ما العمل حتى أُمسِك دمعي المدرار
او انسى جود طَبعِكَ الذي فاقَ المقدار
ولدي كلاُمُكَ قد كوى كَبِدي وما لي من فرار
من غَمِّ قلبٍٍ أضحى سميراً كيف الاصطبار
ولما عاينتْ وحيدَها أحنى رأسهُ مُوّدِّعا
وأسلَمَ الروح في يدي أبيه ضاقتْ ذَرعا
وهتفت ولدي تركتَني ثكْلى وقلبي انصدعا
فراقُكَ ولدي حُكمٌ والحكم يَقهرُ شَرْعا
يا بنتَ داود هل مثلُ انكسار قلبكِ المفجوع
فموْتُ وحيدكِ جَعَلكِ مَريم بحالةِ الملسوع
هل من يُعطي رأسي ماءً وعينيَّ الدموع
فأبكي معكِ ليلاً نهاراً على موتِ يسوع
جميعُ خدامِكِ حَزانى لحزنكِ يا خيرَ البشر
يُهتفونَ مريم مُصابُك غريبٌ جَلّ مَنْ دَبَّر
يا بكرُ عَزّي قلوبَ الحزانى عزاءً مُقرَّر
واغفِري لعبدٍ من خدمتك لا يتحرَّر