يورد كتاب أعمال الرسل كيف اصطدم البلاغ المسيحي منذ البداية بالتيارات الفلسفيّة السائدة في ذلك العهد. وجادل بولس في أثينا بعض الفلاسفة الأبيقوريين والرواقيين (أعمال17/28). المسيحيّون الأولون لم يقصروا استشهاداتهم على "موسى والأنبياء" في خطبهم إلى الوثنيين بل عمدوا أيضاً إلى معرفة الله الطبيعية وإلى صوت الضمير عند كلّ إنسان (روم1/19-21، 2/14-15، أعمال14/16-17) وعمد بولس إلى الاستناد إلى فكر الفلاسفة اليونان الذين نقدوا الديانة الميثولوجيّة الخرافيّة وارسوا معتقدهم في الألوهة على مرتكز عقلي.
تجاه هذا الانفتاح على الفلسفة كان هناك تحفظ تجاه بعض التيارات التي كانت تدّعي المعرفة الباطنيّة كالغنوصيّة. وإياها على ما يبدو أشار القديس بولس في رسالة إلى أهل قولسي: "إياكم وأن يخلبكم أحد بالفلسفة، بذلك الغرور الباطل القائم على سنّة الناس وأركان العالم لا على المسيح" (قولسي2/8). وثمّة كتّاب آخرون من القرون الأولى من مثل القديس ايريناوس وترتليانوس ساروا في خطى القديس بولس وأبدوا تحفظاتهم على بعض من المواقف الثقافية المدعية إخضاع الحقيقة المنزلة لتأويل الفلاسفة. وانتقد الفيلسوف الوثني شلسيوس المسيحيين بأنّهم قوم "أميّون وأفظاظ" فملتقى الفلسفة والمسيحيّة لم يكن فورّياً ولا هيّناً. فالمسيحيّون الأولون ركزوا على المناداة بالقيامة وبشرى الخلاص وإن لم يكونوا تخلوا عن واجب التعمق في فهم الإيمان وحوافزه.