مريم تسمع
هناك مقطعان في الأناجيل يحدثاننا عن مريم وهي معرض سماع كلام الله. الأول (لوقا 8/19-20) يأتي حالاً بعد مثل الزارع. يقول الإنجيلي: "جاءت إليه أمّه وأخوته وهم يريدون أن يروه. قال يسوع: إنّ أمي وأخوتي هم الذين يسمعون كلام الله ويعملون به". إنّ للقرابة الدموية أهميتها المحدودة أمّا القرابة الروحية فأشرف منها وأسمى. وفي الثاني (لوقا 11/27-28) امرأة بين الجمع ترفع صوتها لتمدح العذراء فتقول ليسوع: طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين رضعتهما"، فيجيبها قائلاً: "بل طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه". في كلا المقطعين لم يحتقر يسوع القرابة الدموية. إنّما شدّد على أنّ فخر أمّه لا يقوم فقط على أنّها حملته في حشاها بل على أنّها كانت أقرب الناس إليه باستماعها إلى كلام الله والعمل به. فليس الذين يقولون يا رب يا رب يدخلون ملكوت السماء بل الذين يعملون إرادة الأب السماوي.
2- كلمة الله في حياتنا
إنّ المسيح، كلمة الله، هو أمس واليوم وإلى الأبد. وكلمته لا تزال حاضرة في عالمنا فاعلة في حياتنا. لقد كلّم الآباء في القديم ففعلوا ما أمرهم به. كلّم الأنبياء فحملوا كلمته إلى الشعب. وكل الذين سمعوا كلمته وحفظوها استحقوا الطوبى التي قيلت في مريم. نسمع كلامه اليوم في الكتاب المقدس ونسمعه عبر الأحداث اليومية وظروف حياتنا. كلمته تدوي في أعماق ضميرنا. فما يكون موقفنا وجوابنا؟ أنصغي إليه ونفضل سماع كلمته أم نفضل سماع كلام الناس ونداء الهموم والغنى والملذات؟ كلامه يدعونا إلى حمل الصليب وإلى الدخول من الباب الضيق بينما كلام الناس يقودنا إلى الطريق الرحب المؤدي إلى الهلاك. الأصوات المتعددة تنادينا. فلنتعلم من العذراء أن نميز صوت الله لنتبعه. الأحاديث الكثيرة تلهينا. فلنتعلم من العذراء أن نسمع كلام الله ونعمل به فنستحق ما قاله: هنيئاً لمن سمع الله ويحفظها.
صلاة:
ليكن يا رب كلامك مصباحاً لخطاي ونوراً لسبيلي كما كان للعذراء مريم. إنّها حملت كلامك في قلبها وفكرها قبل أن تحملك في الحشى. فساعدنا على أن نسمع الكلمة مثلها ونحفظها ونعمل بها فتثمر فينا الثمار التي تنتظرها منا آمين.