![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
الفصل الخامس عشر
وفى الصباح السرور اخيرا ... على المرتفعات لأننا نعلم ان نقض بيت خيمتنا الارضى فلنا فى السموات بناء من الله بيت غير مصنوع بيد ابدى " 2كو 1:5 عندما استيقظت خوافة، كانت الشمس تتوسط كبد السماء، نظرت خارج الكهف الذى وجدت نفسها ملقاة فيه وحاولت ان تسترجع ما حدث لها ... كان المكان مملوء برائحة المر والطيب، وادركت ان الثياب المصنوعة من الكتان الابيض النقى (مت 59:27) التى تلبسها هى المصدر ... ! وهنا تذكرت ما حدث فنظرت الى قلبها، وازاحت الضمادة ... ولدهشتها لم تكن هناك اى اثار للجراح، او الالام فى قلبها او فى اى مكان اخر فى كيانها . قامت بهدوء، وخرجت خارج الكهف، الذى كان منحوتا فى صخرة كانت فى الهوة التى قدمت فيها ذبيحتها، كان المكان مضاء بنور باهر فبدا مختلفاً عما كان وسط الضباب الكثيف ورأت الزهور الجميلة والخضرة تحيط بالمذبح كما انها وجدت منبع النهر رؤ 1:22) يبدأ من تحت المذبح .. قفز قلبها من الفرحة وملأ السلام العميق كيانها كله. لم يكن هناك اى اثر لرفيقتيها اشجان والام. كانت وحدها مع الطيور المغردة والفراشات الملونة وهى تنتقل فرحة من غصن ومن زهرة الى اخرى. اخذت خوافة بعض الوقت لتتمكن من استيعاب الجو المحيط بها ... ثم قامت وتقدمت نحو النهر وكأنه يجذبها اليه. وانحنت لتأخذ فى كفها بعض الماء وعندما لمسته، بدا وكأن كيانها قد سرت فيه تيارات من البهجة والسعادة مختلطة بشجاعة غامرة. فدلفت الى النهر، واحست بفرح وغبطة لم تعهدها من قبل، وكأن المياه قد بعثت فى نفسها نبضات الحياة. وعندما صعدت من الماء، شعرت انه لم يعد فيها اى نقص من اى نوع، وبسرعة حولت نظرها الى قدميها، لتكشف انها بلا عيب !! وايقنت ان هذا هو النهر الذى لشفاء الامم الذى تكلم عنه رئيس الرعاة فى بداية رحلتها. جرت نحو النهر لترى وجهها فى المياه .. لم تكد تعرف نفسها .. !! لقد اختفى الاعوجاج من فمها ، واصبحت رائعة الجمال . ولبثت قليلا على هذه الحالة من السعادة، ثم شعرت وكأن احد يناديها .. حقيقة لم تسمع اسمها وحقيقة ايضا انها لم تسمع صوتا ولكنها شعرت به فى قلبها، وحاولت الخروج من الهوة، ولكن كيف لها هذا !! والجبال تحيط بها من كل جانب !! تكرر ما حدث يوما عند جبل التجريح، اذ جاء غزال وايل وتقدماها فى الصعود، وكأنهما يرينها الطريق واين تضع قدميها، ففعلت مثلهما، وما هى الا لحظات حتى وجدت نفسها تعتلى قمة الجبل ... وهناك رأته !! تماما كما توقعت ان تراه .. مملوء مجدا وكرامة وقوة. نادى عليها : أنت يا ذات ارجل الايل تعالى هنا، جرت نحوه وسجدت امامه .. كان تاج ملوكى على رأسه، ومتسربلا بثوب الى الرجلين،ومتمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب رؤ 13:1 . اخيرا جئت ، وانقضى ليل البكاء وحل صباح السرور ، قال لها هذا ، واقامها من سجودها، واكمل : لقد حان وقت تتميم الوعد ... واكتب عليها اسمى الجديد واسم الهى (رؤ 12:3) الرب يعطى مجدا ونعمة ولا يمنع خيرا عن السالكين بالكمال (مز 11:84) وهذا هو اسمك الجديد من الان فصاعدا تدعين "نعمة" ولنرى الان هل ازهر الحب فى قلبك ؟ والوعد بأن تحبى عندما تزهر . تكلمت نعمة لاول مرة منذ جاءت الى هذا المكان: لا يوجد فى قلبى نبتة الحب مطلقا لقد اقتلعها الكاهن من قلبى اثناء تقديم الذبيحة . الملك : لا يوجد زهرة الحب ؟!! كيف وانت على المرتفعات ؟!! ولا احد يدخل هنا بدونها .. هيا افتحى قلبك لنتحقق مما تقولين. وعندما فعلت ذلك انبعث منه رائحة ذكية وامتلأ المكان برائحة الطيب. وهناك داخل قلبها وجدا نبات يلفه ويغطيه زهر ابيض صغير وجميل . نعمة : كيف جاءت هذه الزهور الى قلبى يا ملكى ؟!! الملك بابتسامة : لقد زرعتها بنفسى !! الا تتذكرى يوم وعدتينى بأن تصعدى معى للمرتفعات ؟!! يومها زرعت فى قلبك شوكة ... انها بذرة هذا النبات . نعمة : اذن ما هو النبات الذى اقتلعه الكاهن عند المذبح ؟!! الملك : يوم زرعت لك زهرة الحب فى قلبك لم تجدى محبتى فيه اطلاقا .. فقط وجدت حبا بشريا أليس كذلك ؟!! وقد اقتلعته عندما حان الوقت واصبح غير ثابت فى قلبك كى نعطى مكانا للمحبة الالهية . رددت نعمة ببطء : انت اقتلعته من قلبى يا ملكى ؟!! هل كنت انت الكاهن عند المذبح ؟ وانا ظننت انك تخليت عنى . هز رأسه بالايجاب. وسجدت نعمة والدموع تسيل من عينيها وقبلت يده تلك اليد المجروحة من اثر الشوك، والتى اقتلعت من قلبها كل اثار المحبة الغريبة عنه التى كانت سببا فى شقائها. مد يده التى كانت تقبلها ومسح كل دمعة من عينيها (رؤ 4:21) وقال : حان الوقت وآن الاوان لاكمال الوعد . ثم وضع يده على رأسها وقال : بمحبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة (أش 11:54) والان اعطنى الكيس الذى به الحجارة التذكارية التى جمعتها اثناء رحلتك يا نعمة . اخرجت الكيس، واعطته اياه فأمرها ان تفتح يدها لتتلقى محتوياته، ويا للدهشة فبدلا من الحجارة العادية نزلت جواهر متلألئة تخطف الابصار من جمالها !!! وقفت نعمة صامتة مذهولة ورأت الملك ممسكاً بتاج وقال : هاأنذا ابنى بالاثمد حجارتك، وبالياقوت الازرق اؤسسك. ثم امسك بأكبر جوهرة هى من اليشب ووضعها فى منتصف التاج، وامسك بالثانية وهى من الياقوت الازرق ووضعها بجانب الاولى، ثم الثالثة وهى من العقيق الاخضر.. وهكذا ثبت الاثنتى عشرة جوهرة على التاج ووضعه على رأس نعمة . رجعت بذاكرتها للايام الماضية، وتفكرت فى محبته، وحنانه وصبره ورحمته ونعمته التى قادتها ودربتها وحرستها ومنعتها من الرجوع عن طريقها واخيرا حولت كل تجارب الامها الى اكليل مجد ابدى . وبابتسامة فرحة قال الملك : اسمعى يا بنتى وانظرى، واميلى اذنك وانسى شعبك وبيت ابيك فيشتهى الملك حسنك لانه هو سيدك فأسجدى له. كل مجد ابنة الملك من داخل منسوجة بذهب ملابسها . بملابس مطرزة تحضر الى الملك فى اثرها عذارى صاحباتها مقدمات اليك. يحضرن بفرح وابتهاج يدخلن الى قصر الملك مز 1:45-15 . عند هذا تذكرت نعمة رفيقتيها اشجان والام. وكيف كانت مخلصتين لها طوال الرحلة .. فلولا مساعدتهما وصبرهما لما تمكنت من الصعود الى المرتفعات ابدا !! تمنت لو كانتا معها الان لتفرحا لفرحتها، كما تألمتا وتعبتا معها، ودافعتا عنها فى مواجهة اعدائها .. فتحت فمها لتطلب طلبة من ملكها . كانت تريد رفيقتيها المخلصتين ، ولكن قبل ان تنبس ببنت شفة قال لها الملك : هاتان هما رفيقتاك يا نعمة . حينئذ تقدمتا سيدتان تلبسان ثيابا بيضاء ناصعة، تشع ضوءا براقا وعلى وجهيهما بشاشة وفى عينيهما حب بادى ، تقدمت اليهما نعمة لكنهما لم تتكلما قط . نعمة : من انتما ؟ وما اسميكما ؟ ولكن بدلا من ان تردا عليها نظرتا بعضهما الى بعض، وابتسمتا ثم مدتا ايديهما لنعمة لتأخذا يديها. وعند هذه الحركة المألوفة لديها صرخت نعمة : اشجان ... آلام ... اهلا بكما ... لقد اشتقت اليكما كثيراً . لا ... لا ... لم نعد اشجان والام، كما لم تعودى انت خوافة، الا تعرفين ان كل شئ يتغير فى المرتفعات ... لذلك حينما اصعدتنا الى هنا اصبحنا فرحة وسلام . نعمة : اصعدتكما الى هنا ؟!! منذ البداية الى النهاية وعبء الرحلة كله واقع عليكما .. لقد دفعتمانى دفعا حتى وصلت . فرحة وسلام : لا ، لم يكن ممكنا ان نصعد وحدنا الى هنا ، اشجان والام لا يمكنهما الدخول مملكة الحب .. ولكن فى كل مرة قبلتينا برضى ووضعت يديك فى ايدينا، كنا نتحول رويدا رويدا ... لو كنت رفضتنا لما تمكنا من الوصول الى هنا . نظرتا لبعضهما وضحكتا واكملتا : عندما رأيناك اول مرة عند سفح الجبال شعرنا اننا لن نتمكن من الوصول ابدا ... فلقد كنت خائفة منا جدا، وقلنا فى انفسنا ان واحدة منا لن تصل الى المرتفعات !! وسنظل اشجان والام وخوافة . ولكن انظرى الى نعمة ملك المحبة وكيف ساعدنا ودبر لنا حتى وصلنا الى هنا سنكون صديقتاك للابد . وعندما قالتا هذا انضم ثلاثتهم واخذن يقبلن بعضهن بعضا ويرتمين فى احضان بعضهن شاكرات عناية ملكهن بهن . مضت الايام ونعمة تعيش فى سعادة كاملة لا يعكر صفوها شئ تتبع الملك حيثما ذهب وتتعلم اشياء وحقائق جديدة لم تعرفها . وذات يوم جلس الملك معها وسألها : يا نعمة ... هل تدرين كيف جعلت رجليك كالايل واقمتك على المرتفعات ؟ اثار هذا السؤال انتباهها ، ودنت منه قائلة : كيف يا ملكى وسيدى ؟ اجابها : فكرى فى رحلتك، واخبرينى عن الدروس التى تعلمتها اثناء صعودك صمتت نعمة، ومرت بذاكرتها كل الاحداث، منذ قررت ان تتبعه والصعاب التى قابلتها والتى بدا اجتيازها من المستحيل، فكرت فى المخاوف التى احاطت بها وفى الحرب التى شنها عليها اعداؤها، وايضا فى السلام الذى احاط بها فى احلك الظروف وهكذا جلست لوقت طويل تسترجع وتتأمل شاكرة واخيرا قالت : سأخبرك يا ملكى . اجاب بحنان : انا مصغ اليك يا نعمة نعمة : لقد تعلمت كثيرا ... تعلمت ان اقبل بفرح وشكر كل ما تسمح بحدوثه لى اثناء رحلتى. وان التجارب والصعاب لا يجب ان اتجنبها بل ان اضع ذاتى واقدم ارادتى ذبيحة واقول (هوذا انا عبدتك مطيعة) . هز رأسه موافقا، فأكملت : وتعلمت ايضا ان احتمل كل ما يفعله بى الاخرون واغفر لهم واقول (هوذا انا عبدتك سماح) حتى يخرج من الجافى حلاوة . هز رأسه ثانية ، فابتسمت بفرح وقالت : والدرس الثالث الذى تعلمته هو انك يا سيدى لم تكن تنظر الى كما كنت ابدا عرجاء وضعيفة وخوافة .. بل نظرت الى كما سوف اكون مستقبلا ، بعد ان تغيرنى . نظر اليها الملك بعطف ، ولكنه لم يتكلم ليشجعها ان تكمل حديثها . " اما الدرس الرابع فهو فى الحقيقة يعتبر اول درس تعلمته فى المرتفعات ... وهو ان كل ظروف الحياة مهما بدت قاسية وصعبة لو قوبلت بحب وتسامح وطاعة لإرادتك سوف تحولها لخيرنا ... ، لذلك اعتقد يا سيدى انك تسمح لنا بأن نتقابل مع الشر، والقسوة، وتسمح بأن يتواجد فى العالم العذاب والالم والاحزان، لان هذه ان تصرفنا تجاهها كإرادتك وتعاليمك، فسوف تخلق فينا فضائل للابدية، وهذه هى الطريقة المثلى للتعامل مع الشر... ليس فقط تجنبه او تقييده ولكن تحويله للخير ان امكن . رد الملك بسرور واضح وسعادة بالغة : لقد تعلمت حسنا يا نعمة ... ان كل هذه الدروس التى تعلمتها هى التى اهلتك للتغيير من خوافة العرجاء الى نعمة ذات ارجل الايل ، والان تستطيعين ان تتبعينى اينما ذهبت فلا نفترق ابدا . ثم قام من جلسته وقال : هيا بنا يا نعمة نتجول فى المرتفعات وننشد سويا نشيدا جديدا: اجعلنى كخاتم على قلبك .. كخاتم على ساعدك. لان المحبة قوية كالموت . مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها . اسرع يا حبيبى، وكن كالظبى او كغفر الايائل على جبال الاطياب . (نش 6:8 ، 7 ، 14) وكما تعلمون فإن هذه هى اخر ابيات نشيد الاناشيد، التى لسليمان الحكيم ولكنها بالنسبة لنعمة فقد كانت بداية لاناشيد جديدة، لا يعرفها الا الذين اشتروا من بين الناس باكورة لله والخروف رؤ 4:14 |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
رحلة إلى المرتفعات |
خذني في رحلة على جبل المرتفعات |
الصوم رحلة الى المرتفعات |
الصوم المقدس رحلة الى المرتفعات |
رحلة إلى المرتفعات |