رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قيامة المسيح فينا _ سمعان اللاهوتي الجديد قيامتنا مع المسيح القديس سمعان اللاهوتي الجديد آبائي واخوتي، ها الفصح قد أتى، هذا اليوم البهيج، المانح الفرح والسرور، يوم قيامة المسيح، الفصح العائد إلينا في كل سنة، بل بالأحرى الذي يتحقق كل يوم وبشكل أبدي في النفوس العارفة سرَّه. لذا قد ملأ قلوبنا بالفرح والبهجة التي لا توصف. وأنهى في الوقت ذاته جهاد الصوم المقدس، بل بالأحرى قد أكمل نفوسنا وشجعها في آن واحد. وهكذا قد أتى الفصح داعياً إياناً وكل المؤمنين معاً إلى الراحة والشكر. فلنشكر إذا الرب الذي أهَّلنا لأن نجتاز بحر الصوم، وهدانا بفرح إلى ميناء قيامته. ليشكره كل من أكمل حلبة الصوم بجد ونشاط، بهمة وحرارة، وجهاد في سبيل إكتساب الفضيلة، وليشكره أيضاً كل من تقاعس بسبب الاهمال وضعف النفس. لأن الرب يمنح أكاليل مضاعفة للمجاهدين الأشداء، وأجراً لائقاً بأعمالهم، ويُسامح المُتهاملين لأنه رحيم محب للبشر. ينظر إلى قلوبنا واستعدادها، إلى النوايا، أكثر مما ينظر إلى الأتعاب الجسدية التي نبذُلها في سبيل الفضيلة، أبذلنا جُهداً كبيراً بعزم كلي أم قمنا - بسبب ضعف الجسد - بأقل مما يقوم به المجاهدون الأقوياء. يوزّع الجوائز ومواهب الروح لكل واحد حسب النوايا وبتوافق. فإما أن يُبرز أحد المجاهدين الأشداء ويمجده او يَدّعهُ وضيعاً راجياً منه نقاوة أكثر. لنرَ إن شئتم، ونتامل جيدأً ما هية سر قيامة المسيح إلهنا، السر الذي يعمل فينا سرياً (مستيكياً) في كل الأوقات، وكيف أن المسيح مدفون فينا كما في قبر وكيف أنه يتحد بنفوسنا ويقوم ثانية، وينهضنا معه. هذا هو هدف حديثنا. المسيح إلهنا عُلق على الصليب وسمرَّ عليه خطايا العالم. لقد ذاق الموت ونزل إلى أسافل الجحيم. ولدى صعوده من الجحيم اتَّحد بجسده الطاهر الذي لم ينفصل عنه أبداً. وقام للحال من بين الأموات، ثم صعد إلى السماء بمجد عظيم. هكذا نحن أيضاً الآن وقد خرجنا من العالم (عالم الخطيئة) ودخلنا إلى قبر التوبة والاتضاع على شبه آلام المسيح، هو ذاته ينزل من السماء ويدخل إلى جسدنا كما إلى قبر. وعند إتحاده بنفوسنا يقيمها، كونها مائتة بالحقيقة. ثم يمنح اولئك القائمين هكذا معه أن يروا مجد قيامته السرية (المستيكية). قيامة المسيح هي إذن قيامتنا نحن الواقعين في الخطيئة. إذ أنه كيف يمكن أن يقوم ويتمجد ذاك الذي لم يسقط أبداً في خطيئة، ولم ينفصل البتَّة عن مجده، الذي هو ممجّد على الدوام بصورة فائقة، الكائن "فوق كل رئاسة وسلطان" (أف 21:1)؟ لذا، قيامة المسيح ومجده هما مجدنا، كما ذكرنا. فمن خلال قيامته فينا تتحقق القيامة في داخلنا، تُكشف لنا ونراها. فهو إذ إتخذ ما هو لنا، ينسب إلى ذاته ما يُتممه فينا. إن قيامة النفس هي اتحادها بالحياة. كما أن الجسد المائت إن لم يتقبل النفس الحية ويتحد بها بدون امتزاج لا يُقال عنه إنه حيُّ ولا يمكن له أن يحيا، هكذا فان النفس لا تستطيع أن تحيا وحدها إن لم تتحد بالله - الحياة الأبدية الحقّة - اتحاداً فائقاً لا اختلاط فيه. قبل هذا الاتحاد تكون النفس مائتة من جهة المعرفة والرؤيا والادراك، بالرغم من إنها عاقلة وخالدة بالطبيعة. ليس هناك معرفة بدون رؤية، ولا رؤية بدون معرفة. هذا ما أريد أن أقوله: الرؤيا تأتي أولاً، وبالرؤيا المعرفة والادراك. أقول ذلك بالنسبة للأمور الروحية لأنه في الأمور الجسدية هناك ادراك حتى بدون رؤيا. الأعمى عندما تصدم رجله حجراً يشعر بالصدمة، أما المائت فلا. لكن بالنسبة للأمور الروحية، إن لم يرتفع العقل إلى التأمل (الرؤيا) في الأمور التي تتخطى الفكر، لا يدرك أفعال النعمة السرية (المستيكية). فذلك الذي لم يصل إلى التأمل في الأمور الروحية ويزعم أنه يدرك الأمور الفائقة على العقل والكلام والفكر، يشبه الأعمى الذي يشعرُ بما يحصل من خير أو شر لكنه يجهل ما هو بين يديه أو عند قدميه، حتى وإن كانا مسألة حياة أو موت بالنسبة له. ولكونه فاقد للقدرة على الرؤيا لا يستطيع ان يدرك الأمور الحسنة أو السيئة الآتية عليه. لذلك، وفي كثير من الأحيان، يرفع عصاه أمام العدو فيصيب بالأحرى صديقاً له، بينما يكون العدو واقفاً أمامه ومستهزئاً به. كثيرون هم الذين يؤمنون بقيامة المسيح، لكن قليلون هم الذين عندهم رؤية واضحة لها. أولئك الذين ليس عندهم رؤية لا يستطيعوا حتى أن يعبدوا يسوع المسيح قدوساً ورباً. لقد قيل: "لا يستطيع أحد أن يقول أن يسوع هو الرب إلا بالروح القدس" (1 كو 3:12)، وقيل أيضاً: "الله روح والذين يسجدون له ينبغي لهم أن يسجدوا بالروح والحق" (يو 4). إن الصيغة المقدسة التي نتلوها دائماً لا تقول: "إذ قد آمنا بقيامة المسيح"، بل تقول: "إذ قد رأينا قيامة المسيح، فلنسجد للرب القدوس البريء من الخطأ وحده ". كيف يمكن للروح القدس أن يحثَّنا أن نقول "إذ قد رأينا قيامة المسيح"، التي لم نراها، وكأننا رأيناها عندما قام المسيح قبل ألف سنة، بل حتى لحظة القيامة ذاتها لم يراها أحد؟ بالتأكيد الكتاب لا يريدنا أن نكذب! حاشا! على العكس هو يدعونا أن نقول الحقيقة، إذ أن قيامة المسيح تحصل فعلاً في نفس كل مؤمن على حدة، وذلك ليس مرة واحدة بل في كل ساعة عندما يقوم المسيح السيد فينا لابساً الجلال (مز 93) ومشعاً بأشعة الألوهية وعدم الفساد. ذلك أن حضور الروح القدس المنير يكشفُ لنا قيامة المسيح كما في نور صباحي، أو بالأحرى يؤهلنا لرؤية المسيح نفسه قائماً. لذلك نقول: "الرب هو الله وقد أنار لنا" (مز 118)، ونشير إلى مجيئه الثاني ونقول: "مبارك الآتي باسم الرب" (مز 118). إن أولئك اللذين أنارهم المسيح بفعل قيامته، يظهر لهم روحياً، فيرونه بأعينهم الروحية. عندما يحدث ذلك فينا بنعمة الروح القدس يقيمنا من بين الأموات ويعطينا حياة. ويؤهلنا أن نراه، ذاك الذي هو عديم الموت والفناء. ليس هذا فحسب بل يمنحنا أيضاً معرفته، معرفة ذاك الذي أقامنا (أف 6:2) ومجدنا معه (رو 17:8)، كما يشهد على ذلك الكتاب المقدس بأسره. هذه هي أسرار المسيحيين الإلهية، هذه هي قوة إيماننا الخفية، القوة التي لا يعرفها غير المؤمنين والمُشككون وقليلو الإيمان، ولا يمكنهم أن يروها. غير المؤمنون والمُشككون وقليلو الإيمان هم الذين لا يظهرون إيمانهم بأعمالهم. فإن الشياطين أيضاً تؤمن بدون أعمال وتعترف بأن المسيح السيد هو إله ورب. إذ تقول: "نعرفك من أنت قدوس الله"، وفي مكان آخر: "هؤلاء الناس هم عبيد الله العلي" (أع 16)، ولكن مثل هذا الايمان لا يفيد الشياطين ولا حتى البشر. لا فائدة لمثل هذا الإيمان كونه ميتاً حسب قول الرسول: "الإيمان بدون اعمال ميت" (يع 2)، كذلك هو الحال مع الأعمال بدون إيمان. ولماذا هو ميت؟ لأنه لا يحتوي في داخله الله الذي يعطي الحياة، لأن ذلك الإنسان لم يُمسك بذاك الذي قال: "الذي يحبني يحفظ وصاياي وإليه نأتي أنا وأبي وعنده نصنع مسكناً" (يو 14)، حتى بحضوره يقيم المؤمن من بين الأموات ويحييه ويمنحه أن يراه - رؤية ذاك الذي قام فيه وأقامه. لهذا السبب، مثل هذا الايمان ميت أو بالأحرى الذين لهم إيمان بدون أعمال هم أموات. لأن الإيمان بالله حي على الدوام ويُحيي الذين يأتون إليه بنية حسنة ويتقبلونه. لقد قاد الكثيرين من الموت إلى الحياة حتى قبل أن يتمموا وصايا الله، وكشف لهم المسيح الإله. ولو بقوا أمينين على الوصايا، مطبقين إياها حتى الموت، لحفظوا أنفسهم بواسطتها، وذلك بسبب إيمانهم الحيّ وحده. لكن نظراً لأنهم انحرفوا "كقوس مخطئة" (مز 78)، عالقين في شبكة أعمالهم السالفة، اضاعوا للحال إيمانهم، وجردوا أنفسهم من المسيح الإله الجوهرة الحقيقية. لنحفظ إذاً وصايا الله على قدر استطاعتنا حتى لا يحصل لنا مثلهم، ولكي نتمتع بالخيرات الحاضرة والمستقبلة، خاصة رؤية المسيح، التي نشتهيها كلنا بنعمة ربنا يسوع المسيح، الذي يليق به كل مجد إلى أبد الدهور، آمين. |
19 - 07 - 2014, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: قيامة المسيح فينا _ سمعان اللاهوتي الجديد
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|