رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأجل الأرتقاء في الحياة الروحية ، علينا أن نبدأ بداية صحيحة مهيئينَ ذواتنا جيداً قبل الشروع في الأنطلاق ، لكي ننمو بنجاح . لأجل التقدم في الحياة الروحية علينا أن نعرف أن هناك حروب روحية وتجارب كثيرة في حياتنا . فأفضل سلاح نستطيع الأتكال عليه في تلك الحروب هو التواضع ، به نستطيع أن نعيش أحراراً من كل أدعاء دنيوي وغرور وكبرياء فنضمن لحياتنا الجديدة النزاهة والأستقامة والتفكير الصحيح مقتَدينَ برب المجد الذي بدأ حياته الأرضية من أصطبل بارد منعزل ، فولد بين الحيوانات بعيداً عن الأنظار ، قربيب من مدينة صغيرة شبه مجهولة . وهكذا كانت حياته كلها رمزاً للتواضع . كان يوحنا المعمذان يعد له الطريق وينتظره ، لكنه عندما صار قريباً منه كان وبكل اتضاع يعتبر ذاته واحداً من الخطاة الذين اصطفوا على نهر الأردن للعماد منتظرين دورهم . تخلى عن ذاته وكبريائه وحقيقته لكي يعيش متواضعاً ويموت مطيعاً متضعاً على الصليب . هكذا تخلى في حياته وآلامه وموته وأخيراً وصل تواضعه في سر الأفخارستيا لكي يتحول ويمكث تحت شكل الخبز والخمر . لقد أقتدى به قديسون كثيرون بدافع الحب والأخلاص ، فعاشوا حياة التواضع والتجرد ونكران الذات فتحملوا أستهزاء الآخرين وسخريتهم ، لكنهم كانوا سعداء من الداخل لأنهم كانوا يتشوقون الى تحقيق أسمى حب وأخلاص لفاديهم في حياتهم الأرضية الزائلة ، فحققوه من خلال تواضعهم . فبالتواضع صانوا ذواتهم من الأنانية والكبرياء . أذاً المؤمن الذي يسعى الى الكمال عليه أن يتصف بفضيلة التواضع أولاً لكي ينمو في الأيمان السليم وفي الرجاء والثقة ومحبة الله والقريب معاً . وأساس التواضع هو الثقة بالله . وهذه الثقة تنشأ من عدم الثقة بالنفس . فعلينا أن نتكل على الثقة بالله وحدها والتي لا لبس فيها . هذا هو الطريق الصحيح الذي يصل بنا الى التواضع الباطني العميق . وعلى ذلك التواضع نبني بنيان سيرتنا المسيحية . بالتواضع نكبر لأن الله يرفع المتضعين ويقويهم وكما قالت العذراء في نشيدها ( ... أنزل المقتدرين عن عروشهم ، ورفع المتواضعين ) . نواجه مصاعب وتجارب كثيرة في حياتنا لكنها هي المرآة الصافية التي من خلالها نرى صورة أيماننا الحقيقي ، لأن كل تجربة هي أمتحان لنا فأن نجحنا في أختبارها نلنا التكريم من السماء . وأن تعرضنا لتجربة الأنتقاد والملامة والأحتقار بسبب سيرتنا وتواضعنا ، فعلينا أن لا تضطرب قلوبنا ويتزعزع أيماننا . وأن كنا مذنبين حقاً بحق الأخرين ، فعلينا أن نطلب الصفح ونقوِّم خططنا بكل تواضع . وأن كنا أبرياء فعلينا أن نلتزم بالصبر ولا نقاوم الأمر بالأساءة . وأن لم يكن الأمر مهماً فمن الأفضل أن نلجأ الى الصمت لننال نعمة وسلام . أما الذي يصّر في الدفاع عن حقه ، فعليه أن يكون منضبطاً ومتضعاً لكي يعالج الأمر بموضوعية ومحبة ونزاهة ، والله يحب النزيه الملتزم بالحق وواعياً كل الوعي على سخاء الله نحوه لكي لا ينقاد للتذمر والأحتقان فينمو فيه روح العداء والكره فيصبح فريسة سهلة أمام المجرب . بالتواضع نكسب الجميع لأن الناس يستاؤون من الذي يتعالى عليهم . ولا يستاؤون من الذي يصغر في عيني نفسه ، لأن المتواضع لا يطلب أعجاب الناس ولا يبحث عن التبجيل والشهرة والمديح ولا يقارن نفسه مع الآخرين . هكذا من كان صغيراً في عيني ذاته ، كان كبيراً في عيني الله . وحتى في رفع صلواتنا الى السماء ومثل الفريسي والعشار خير مثال لنا . الفريسي رفع صلاته بالتباهي والأستعلاء مستحقراً العشار الذي وقف بعيداً لا يُريد ولا أن يرفع عَينَيهِ نحو السماء ، بل كان يقرع صدره ويقول : ( اللهم ارحمني أنا الخاطىء ! ) " لو 18: 12-14" . فخرج الى بيته مقبولاً عند الله . أما الفريسي فأفسد أعماله الصالحة بكبريائه . كل شىء على الأرض يعتبره المتضع زائلاً . أما الله فهو كنزه الدائم فيساوم كل ما في هذه الدنيا لأجل الوصول الى الكنز الدائم . وكلما تواضع المؤمن في تقييمه لذاته أزداد سمواً في نظر الله . وكل من تفاخر بنعمة يمتلكها وكأنها نابعة منه ، وضع حداً لتلك النعمة ، فلا تسمو به الى النضوج . أن نقطة الأنطلاق في طريق الكمال الروحي تبدأ بمواجهة صريحة لحقيقة الوقائع بالتواضع . الله يكشف أسراره ويعطي نعمة للمتواضعين فتعيش فيهم النعمة وتقودهم نحو الأمام فيصبحون أقوياء لا يهابون شيئاً ولا يخيفهم التفكير بالموت أو الدينونة . فمصدر كل نجاح وقوة هو التواضع والتخلي عن الذات في الحياة اليومية . هكذا سيكبر الأنسان في الروح فلا يكتفي بأن يتحاشى مديح الناس وأعجابهم ، بل يتشوق الى أحتقارهم له ، هكذا يقاوم كل أنواع الكبرياء وحب الذات فينبع من ذلك التشوق الأدراك والفهم ، فيشعر كم هو مدين لسخاء الله نحوه . أخيراً نطلب من الرب يسوع الذي كان قدوة في التواضع أن يهبنا لكي نتشبه به في فضيلة التواضع فنعيش حياة مسيحية صحيحة ، وأن يملي أفكارنا وارادتنا بوعي متزايد لأرضاء حبه وأن نمارس هذه الفضيلة لكي نعيش كفقراء في هذا العالم فنحصل منه التطويب والخلاص . ( طوبى لفقراء في الروح لأن لهم ملكوت الله ) . |
18 - 07 - 2014, 10:26 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: لأجل الأرتقاء في الحياة الروحية
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
19 - 07 - 2014, 07:51 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: لأجل الأرتقاء في الحياة الروحية
ربنا يعوض تعب خدمتك
|
||||
|