رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الصعود (سلسلة مقالات الأنبا ساويرس البطريرك الأنطاكي 16) يوسف حبيب - مليكة حبيب يوسف بسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد آمين اشتهر القديس ساويرس بمقالاته اللاهوتية ونرى فيها الكثير من المعانى الدقيقة والأفكار العميقة يبرزها بمهارة بإنتقاء ما يناسبها من الألفاظ. وهذه المقتطفات من المقال الحادى والسبعون من مقالات الاب القديس ساويرس البطريرك الأنطاكى عن صعود الرب مخلصنا يسوع المسيح المترجم من الكتاب الأول من الجزء الثانى عشر من مجموعة Patrologia Orientales, R Grafuio - F, Nav Tome Xll, Fasc, I, Homelic Lxxl Les Homélies Cathedrales de Sévére d'Antioche ترجمة إلى السريانية الأسقف يعقوب الرهاوى في القرن السادس ثم ترجمه إلى اللغة الفرنسية ونشره موريس بربير Maurice Briére وترجمناه إلى العربية وفي الترجمة توخينا التدقيق لنعطى النصوص الصورة الأصلية التي قصد إليها القديس وراعينا أن نلبس المعانى الألفاظ الأنسب والعبارات الأدق. وفي بعض الأفكار اللاهوتية التي برع فيها المؤلف وأبدع حتى بلغ ذروة الإعجاز ذكرنا في الهامش النص الفرنسي والحقيقة أن جميع لغات العالم غير قادرة على نقل صورة بعض الأفكار اللاهوتية إلى الناس بمقدار. وقد اضطررنا في القليل من الحالات إلى بعض التصرف مما تقتضيه الترجمة وخواص كل لغة مع عدم الإخلال بالأصول. |
15 - 07 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الصعود
القيامة والصعود قال القديس ساويرس: إنى احتفل بتقاليد الرسل القديسين التي سلمها لنا أعمدة (1) (رعاة Pasteurs.) هذه الكنيسة كميراث أبدى، بعد أن تسلموها كل واحد بدوره على نحو ما يتسلم الإبن من أبيه، فنمت على أيديهم وكانت معرفة السر تزدهر في القلوب. وقال داود: «عابرين في وادى البكاء يصيرونه ينبوعًا. أيضًا ببركات يغطون صورة. يذهبون من قوة إلى قوة. يرون قدام الله في صهيون» (مز 84: 6-7). ومن هذه التقاليد يدوى صوت الكنيسة عاليًا اليوم، معلمًا بذلك أنه لأجلنا نحن، صعد المسيح إلى السموات. حقًا كما تعمد المسيح لأجلنا، كان يطهر المياه ويقدسها، ولم تكن ليتطهر بها، وأنى بكون ذلك لمن هو نور النور، الذي لا يعرف خطيئة، أنه لأجلنا صلب، كما هو مكتوب، أنه أرتفع إلى الكمال بالآلام، «مع كونه أبنًا تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدى» (عب 5: 8-9). إن ذلك الذي هو بطبيعته كامل في كل شئ يجعلنا نحن المحتاجين نكمل به بخلاص كامل وشفاء كامل؛ كان في الجسد يصارع الموت ويكسر شوكته وهو هو الذي يملأ السماء والأرض. وكما إننا حينما نبشر بفضل القيامة نبين أن بها قمنا من سقطة الخطية القديمة، هكذا في اليوم الأربعين من قيامة مخلصنا من بين الأموات إذ صعد على عرش ملكه الموضوع فوق السماء نعلم إننا أصبحنا سماويين. ذلك الذي هو «فوق كل رئاسة وسلطان وقوة» (أف 1: 21) باكورة جنسنا. «ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين» (1كو 15: 20). فبالفعل أتخذ كلمة الله نسل إبراهيم «لأنه حقًا ليس يمسك الملائكة بل يمسك نسل إبراهيم» (عب 2: 16)، حينما كان من المرأة، وتحت الناموس. «ولكن لما جاء ملئ الزمان أرسل أبنه مولودًا من إمرأة مولودًا تحت الناموس» (غل 4: 4). حينما اشترك مثلنا في الدم والجسد اللذين لهما نفس عاقلة،.. قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكى يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أى إبليس» (عب 2: 14)، حينما شابهنا في كل شئ، نحن إخوته، ما خلا الخطية. «من ثم كان ينبغى أن يشبه إخوته في كل شئ لكى يكون رحيمًا ورئيس كهنة أمينًا في ما لله حتى يكفر خطايا الشعب» (عب 2: 17). |
||||
15 - 07 - 2014, 03:42 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الصعود
أخلى ذاته فلا نتعجب إذا كان عمانوئيل، باكورة جنسنا، قد صعد إلى هذا الإرتفاع؛ فإنه في الواقع «لم يضمر أختطافًا أن يكون مساويًا لله»؛ يعنى لم يكن كجبار أقتحم الملكوت، ولم يكن أختطف العرش بغير حق، حينما قدر وحكم بأنه مساو لله، (جاء في النص الفرنسى ما يلى: «Loraqu'il s esté Jui - même estimé et Jugé l'égal de Dieu») مع أنه كان في شكل الله، وفي جوهر. وقد ورد في النص الفرنسى في النترولوجيا الكلمات الأربع التالية متفرقة في أجزاء مختلفة وهى: 1- Nature 2- Personne 3- Hypostase ou substance 4- Essence فكلمة Essence في النص عاليه، ومعناها ما يتكون منه طبيعة الشئ، أدق معنى لها في علم اللاهوت ما نعبر عنه بالجوهر. الله، أخلى ذاته وأتخذ شكل العبد، وبدون تغيير تأنس حقًا وليس ظاهريًا، وكان يحيا في شبه الناس، ومن الخارج ظهر كإنسان، «الذى إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس» (فى 2: 7-8). لم يحتقر أو يرفض رتبة العبد في شئ، بل حينما أخذ على عانقه مرة واحدة أن يكون إنسانًا حقيقيًا عاش كإنسان مع الناس، مظهرًا الشبه كعنا في كل شئ ما عدا الخطية وحدها. لم يظهر رجلًا غريبًا فهو يملك كإله سمو الطبيعة. كان يعمل التدبير الإلهى بحكمة وبنعمة نحونا، فكان وهو الكامل يرى وهو ينمو مع السن في الحكمة والنعمة. «وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لو 2: 52). جاع، عطش، وتحمل تعب الطريق، وكان يخضع ذاته بإرادته للآلام الآخرى. أعنى الآلام البعيدة عن الخطية. إن خطيئة آدم كانت العصيان وتعدى الوصية. بينما كان المسيح، آدم الثانى، يبذل نفسه فداء فيمحو الخطية. إن الوصية التي أخذها من الآب هي خلاصنا. فبتنفيذه هذه الوصية وإطاعته للآب، كان يقدم لنا مثال الحياة الأفضل، يشفى العصيان بالطاعة والعصيان مصدر الشرور، منه خرج تيار الخطية الجارف فدخل الموت إلى جنس البشر كله وتملك فيه. وأصبح ضروريًا أن يقدم المسيح الطاعة بدلًا منا، فيذهب حتى إلى الموت الذي كان آدم يستحقه بعصيانه، وبهذا غرس نعمة الخلود بقيامته. وهذا ما كان يقوله بولس الرسول: «وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه أسمًا فوق كل أسم. لكى تجثو بأسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (فى 2: 8-11). |
||||
15 - 07 - 2014, 03:44 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الصعود
أخذ شكل العبد يالعمق حكمة الله وعلمه!! يالغنى التدبير الإلهى!! كيف إن ما يليق بالله المتعالى العظلم تجده في الأشياء المنفقة مع التدبير الإلهى. لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه أسمًا فوق كل أسم» (فى 2: 9). أطاع حتى الموت، وتحمل موت الصليب. صلب وتألم حسب الجسد، «الذى إذ كان في صورة الله.. أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس» (فى 2: 6-7) بتأنسه. معنى عبارة «أخذ شكل العبد» أنه حسب معنا نحن الذين نخضع لحاجة الجسد، وقد بذل ذاته فداء عنا لخلاص البشر. لذلك مكتوب أيضًا أن الله أعطاه إسمًا فوق كل أسم، لآنه من نفس الجوهر كالآب - النص الفرنسى: «.en tant est de la même essence que le Père et qu'il est le maître de univers» وهو سيد الكون، أعطاه لآجلنا نحن تاذين تعود علينا هذه العطية، ولنا أيضًا جعل نفسه باكورة. ولو لم يكن هو نفسه بالجوهر إنسان وإله، بل كانت له طبيعتان، كما يزعم النسطوريون الجهلاء، لما كان ممكنًا أن يعطى الأسم «الذى هو فوق كل أسم». وفى الواقع يستطيع الله أن يفعل كل ما يريد. لكنه لا يريد سوى ماهو جدير، وما كان جديرًا بإسمه شئ غير منظم لأن الذي أبدع الترتيب فيما هو موجود، لا يمكن أن يريد شيئًا غير مرتب. لأنه كما أنه قدير، أو كل القدرة ذاتها، فهو أيضًا الترتيب ذاته والانتظام. وتوجد حالات يصنع فيها الله معجزات مختلفة تفوق الطبيعة، لكنها مع ذلك لا تكون ضد كلماته. فكيف إذن من يقول: «من مشرق الشمس إلى مغربها أسم الرب مسبح» (مز 113: 3)، ويقول أيضًا على لسان نبى آخر: «أنا الرب هذا أسمى ومجدى لا أعطيه لآخر» (1ش 42: 8)، كيف يعطى أسمًا فوق كل أسم لغير الله الكلمة؟ إن بولس الرسول يقول عنه: «رفع في المجد» (1تى 3: 16) ويقول أيضًا: «الذى نزل هو الذي صعد أيضًا فوق جميع السموات لكى يملأ الكل» (أف 4: 10). فمن يتجاسر بعد سماع هذه الكلمات أن يقسم الرب الإله الوحيد يسوع المسيح؟ إذا كان الذي نزل هو أيضًا ذاته الذي صعد فوق كل السموات حتى الشرف الرفيع اللائق بالله، فكيف يؤمنون أنه إثنان وليس واحدًا؟ لهذا السبب إذا كان يقول هو نفسه إلى نيقوديموس في الأناجيل: «وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء». (يو 3: 13).فإن ذلك الذي تجسد من والدة الإله مريم هو ذاته كلمة الله الكائن قبل الدهور، الكائن في السموات الذي يملأ الكل. وهذا لا يخالف قول بولس الرسول: «يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الآبد» (عب 13: 8). ومع ذلك كان اليهود الذين يعلمون آراء كآراء الضلالة النسطورية وهم خصوم عميان، عندما كان الرب يسوع يصرخ: «أنا هو الخبز الذي نزل من السماء (يو 6: 4) كانوا يصرخون ضده مجدفين قائلين: «اليس هدا هو يسوع ابن يوسف الذىى نحن عارفون بأبيه وأمه، فكيف يقول هذا إنى نزلت من السماء» (يو 6: 42). والمسيح الذي يعلم أفضل من اليهود ومن النسطوريين أنه واحد وهو ذاته لا ينقسم إلى طبيعتين بعد الإتحاد، والذي كان يرى أيضًا أن بعض المتصلين به شكوا فيما قاله بشأن الخيز وترددوا كان يقول منهما: «أهذا يعثركم. فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدًا إلى حيث كان أولًا» (يو 6: 62-63). فإذا كان يملأ الكل، فكيف إذًا يقول: صعد أيضًا فوق جميع السموات لكى يملأ الكل» (أف 4: 10)؟ |
||||
15 - 07 - 2014, 03:45 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الصعود
عمانوئيل فوق كل خليقة إنا نقول أنه حينما تجسد ظهر الذين على الأرض. وذهب إلى الذين هم تحت الأرض حينما نزل إلى الجحيم. فبقى أن يذهب أيضًا إلى الذين هم في السماء، بعد تجسده، لكى يملأ الكل بالربح الذي يفيض من التجسد بخلاصة البشر من لعنة الخطية ورباطات الموت، وبإعلانه الآخرين بأعماق حكمته. ولقد عرفت القوات السمائية أيضًا غنى الحكمة الإلهية في كامل وفرته، ذلك الغنى المستتر بسبب التدبير الإلهى، بما كان يردده أولئك الذين جعلهم ميلاد عمانوئيل في دهشة فظهروا مسبحين الله قائلين: «المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» (لو 2: 14). وكتب بولس الرسول إلى أهل أفسس مؤكدًا ذلك بطريقة واضحة جدًا في هذه الآية: «لكى يعرف الأن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة» (أف 3: 10) أمام المتجسد تجثو كل ركبة. «لكى تجثو بأسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض» (أف 2: 10) ولعترف الجميع بسلطانه: «ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب المجد الله الآب» (أف 2: 11). ولا توجد أمة أو لسان، إلا وأعترف بضرورة الإيمان بالمسيح، الذي به وفيه يعرفون الآب، لأن الذي رأى الإبن رأى الآب (يو 14: 9)، وجد الإبن هو مجد الآب. وتدحض هذه الكلمات أيضًا حماقة أريوس وأمونيوس اللذين قالا بأن ابن الله مخلوق وأنه لا يساوى الآب. فإنه في الواقع ليس من العدل أن يعطى الأسم «الذى هو فوق كل أسم» لأحد المخلوقات أو لاحد الذين ليسوا مثل الآب بالجوهر. لأنه لو كان الإبن مخلوقًا وكان واحدًا من المخلوقات ومحسوبًا منهم، لما كان أسمه فوق كل أسم. وأنه أعلى من كل خليقة وأنه ليس بين الكائنات المخلوقات من يشبهه. ولذلك فإن الأولين والقدماء وأكثر العبرانيين فهمًا للإلهيات، الذين بهم أعلنت الأقوال الإلهية والنبوات الخالية من الخطأ وكانوا يدعونه أيضًا «الذين لا يمكن أن يسمى» أو «من يسمو ويسبق ويرتفع فوق كل أسم، وبولس الرسول من ناحيته دعاه: «ذلك الذي هو فوق كل أسم». إن عمانوئيل هو فوق كل خليقة، إله بطبيعته. كان الثلاثة فتية يمجدون الرب وسط اللهب ووسط نار مخيفة للغاية. وكانوا يقبلون معهم الملائكة والسلاطين وكل الخليقة الروحانية الحساسة في ذلك الخورس الروحانى، لكنهم لكنهم كانوا لا يقبلون المجد والرفعة فوق الكل إلا لسيد الكون فقط. من ذا الذي يستطيع أن يتعلق بالمديح الذي يليق بكرم وعظمة محبة المسيح وتنازله الغير محدود؟!! قديمًا كان موسى يصعد على جبل سيناء ويظل أربعين يومًا لا يتناول فيها أي طعام يصوم عن الخبز والماء لكى يرى فقط ظهور مجد الله، وكان هذا المجد له تحت شكل نار مختلطة بالظلام والدخان. لكن المسيح، كلمة الله، النور الحقيقى بدون أختلاط، قد أنطلق من العلا وتوغل في عمق الأرض في المناطق السفلى من الأرض وأخرجنا من هنا وأصعدنا نحن الذين كنا غارقين في الخطية والموت. بعد أن قام المسيح من الأموات، عاش أربعين يومًا مع التلاميذ وأكل وشرب عدة مرات مؤكدًا بذلك هذا التدبير الإلهى حسب الجسد الذي يفوق التصور. وهكذا صعد إلى السماء وهو يحملنا جميعًا في ذاته، لأنه كان قد تجسد في طبيعتنا. |
||||
15 - 07 - 2014, 03:46 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الصعود
الإيمان بالقيامة والملكوت لم تشك أيها الإنسان ولا تؤمن بقيامة الأموات وبملكوت السموات، بينما الذي يضمنها لك هو السيد المسيح الذي تجسد من جنسك وقام من الأموات وصعد إلى السموات ودخلها؟ فى الواقع، إن لم يكن قد تجسد بطبيعتنا، حسب غرور أفتيخوس، لكان قد بطل رجاؤنا المستقبل، ولكنا نتحمل نفس ما تحمله الذين يخدمهم المرابون، أولئك الذين أخذوا عوضًا عن الدنانير الحقيقية من الذهب والفضة، ما يبدوا كالذهب وهو من داخل نحاس. ولنسمع بولس الرسول يقول: فإنه إذ الموت بإنسان بإنسان أيضًا قيامة الأموات، لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع (1كو 15: 21-22). وبينما كان السيد المسيح يصعد إلى السماء، كان التلاميذ ينظرون إليه متعجبين. وكانوا متعلقين به بأرواحهم وهم يشخصون نحوه بأعينهم ويرفعون أبصارهم، يسمعون ما يقول الرجلان اللذان وقفا بهم بلباس أبيض: «أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء سيأتى هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء» (أع 1: 11). ولم يتوقف التلاميذ عن النظر إليه وهكذا كانوا يحيون وكانوا يستعدون للرؤيا المستقبلة. وإن تلك الكلمات لم تكن موجهة إليهم فقط، بل إلى كل المؤمنين أيضًا عن طريقهم؛ ونحن أيضًا ننظر إليه ونفكر في الشرف الذي أولانا إياه بفضل الباكورة التي فوق في كل رئاسة وكل سلطان. ويقول القديس ساويرس منذرًا بعض قومه فى ذلك الوقت: وأنت لا تشعر بهذا الشرف وتجرى إلى مكان تدريب الحيوانات المفترسة أترى أناسًا من جنسك يصارعونها فتمزقهم أربًا بلا فائدة. أولئك الذين هم من نفس الطينة ولهم نفس الصورة العاقلة الإلهية ولهم نفس التبنى ومن نفس الخليقة الثانية، الذين يشتركون في الباكورة الوحيدة التي صعدت فوق السموات وتملكت على كل النفوس العلوية الروحانية غير المادية. كيف أتكلم بدون دموع؟ كيف أبين لك جسامة الخطيئة بعد أن أتى بنا من لا شئ إلى الوجود، وشرفنا بالسلطان على الوحوش والطيور والحيوانات وعلى كل الأرض حتى كانت الوحوش تخدمنا خاضعة لنا، وكان الدب والذئب يكن انسلامًا نحو الإنسان. فلتفتك الوحوش نفسها، فقد كانت كسائر قطيع حيوانات المرعى تجتمع حول آدم، حينما كان يعطيها أسمًا بطريقة خاصة وكان يميز كل نوع بأسمه، ولكن الأن بعد أن أنتزع عنا هذا السلطان بسبب الخطية، لم نعد نحمل في أنفسنا السمة الطاهرة التي للصورة الإلهية، فإننا نخشى قساوة الوحوش الضاربة. نتذكر سلطاننا القديم فنكتشف خطية جنسنا. فلننظر إلى الإنسان الجديد الذي أعطادنا إلى ملكوت السموات بدلًا من السلطان الذي كان لنا على الأرض والذي كنا فقدناه، وجعلنا مخوفين ليس لدى الوحوش الضاربة فحسب، بل لدى الشياطين، وأيضًا مكرمين عند الملائكة. هذا ما يعلمه دانيال الذي أخزى أمامه الأسود، عندما كان محبوسًا في الجب. وهذا أيضًا ما تؤكده القديسة تكلا التي جازت التجربة وكانت صابرة جدًا في البتولية وفي الإيمان، وكذلك الجمع الغير محصى من الشهداء الذين أوقفوا الغضب الرهيب لمختلف الوحوش الضاربة، مترسمين المسيح باكورة جنسنا؛ وقد أقتبلوا القول الإلهى مثل بولس الرسول الذي يقول: «فأطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بى كما أنا بالمسيح» (1كو 4: 16). ويختتم القديس ساويرس الخطاب فيقول: أنه لا زال عندى أقوال كثيرة مؤثرة؛ فإنى أنهى المقال أحترامًا لهذا العيد العظيم المحبوب، متضرعًا إلى المسيح الذي رفع لأجلنا، الذي صعد إلى السماء، أن يرفع إلى السماء عقولنا المتجهة إلى أسفل، بنعمته ومحبته ورحمته، له يليق أيضًا المجد مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين. |
||||
|