بر الإيمان

[Mary Naeem]

بر الإيمان

طالما كان إبراهيم لم يُختتن بعد، تبرر بإيمانه بالله وتبارك كما يعلن الكتاب، وقد أخذ الختان كعلامة وليس لأجل التبرير.

"فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا" (رو 3:4)

"فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا" (تك 6:15)

لذلك حق القول عن هذا الشعب:

"فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" (تك 11:17)

"وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي" (تك 14:17)

إنَّ دم هذا الختان قد أُلغى، ونحن نؤمن بالدم الذي يُخلِّص، والآن عهد جديد:

"هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا" (أر 31:31)

"وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ" (أش 3:2)

"اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي وَيَا أُمَّتِي اصْغِي إِلَيَّ. لأَنَّ شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُورًا لِلشُّعُوبِ" (4:51)

"وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ" (مى 2:4)

"اِفْتَحُوا الأَبْوَابَ لِتَدْخُلَ الأُمَّةُ الْبَارَّةُ الْحَافِظَةُ الأَمَانَةَ. ذُو الرَّأْيِ الْمُمَكَّنِ تَحْفَظُهُ سَالِمًا سَالِمًا لأَنَّهُ عَلَيْكَ مُتَوَكِّلٌ" (أش 26: 2ـ3)

"لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ. أَقَامَ شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ وَوَضَعَ شَرِيعَةً فِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَوْصَى آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ" (مز 78: 4ـ5)

"فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يُسَمُّونَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ الرَّبِّ وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ الأُمَمِ إِلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَلاَ يَذْهَبُونَ بَعْدُ وَرَاءَ عِنَادِ قَلْبِهِمِ الشِّرِّيرِ" (أر 17:3)

"أَصْغَيْتُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا. وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي. قُلْتُ: «هأَنَذَا، هأَنَذَا» لأُمَّةٍ لَمْ تُسَمَّ بِاسْمِي. بَسَطْتُ يَدَيَّ طُولَ النَّهَارِ إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ سَائِرٍ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحٍ وَرَاءَ أَفْكَارِهِ. شَعْبٍ يُغِيظُنِي بِوَجْهِي. دَائِمًا يَذْبَحُ فِي الْجَنَّاتِ وَيُبَخِّرُ عَلَى الآجُرِّ" (أش 65: 1ـ3)

"فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ! وَلَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ. إِنَّ الْمُسْتَعْلِيَ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ رِجْسٌ قُدَّامَ اللهِ" (لو 15:16)

إنَّهم يرغبون في الميراث معنا ولو في مكان صغير، أولئك الذين يبررون أنفسهم، الذين يقولون أنَّهم ذرية إبراهيم،كما يقول أشعياء النبي كأنَّه يتكلم عنهم:

"لاَ تَسْخَطْ كُلَّ السَّخَطِ يَا رَبُّ وَلاَ تَذْكُرِ الإِثْمَ إِلَى الأَبَدِ. هَا انْظُرْ. شَعْبُكَ كُلُّنَا. مُدُنُ قُدْسِكَ صَارَتْ بَرِّيَّةً. صِهْيَوْنُ صَارَتْ بَرِّيَّةً وَأُورُشَلِيمُ مُوحَشَةً. بَيْتُ قُدْسِنَا وَجَمَالِنَا حَيْثُ سَبَّحَكَ آبَاؤُنَا قَدْ صَارَ حَرِيقَ نَارٍ وَكُلُّ مُشْتَهَيَاتِنَا صَارَتْ خَرَابًا. أَلأَجْلِ هَذِهِ تَتَجَلَّدُ يَا رَبُّ؟ أَتَسْكُتُ وَتُذِلُّنَا كُلَّ الذِّلِّ؟" (أش 64: 9ـ12)

فقال تريفون: ماذا أنت قائل؟ أتقول بأنَّه لا واحد منَّا سيكون له أقل ميراث على جبل الله المقدس؟

فردّ القديس يوستينوس: لا أقول ذلك، ولكن الذين اضطهدوه ولا يزالون يضطهدونه ولا يتوبون، لن يكون لهم ميراث على جبل الله المقدس، بينما الأمم الذين آمنوا به وتابوا عن خطاياهم، يكون ميراثهم مع الآباء والأنبياء والصديقين من جنس يعقوب، بالرغم من أنَّهم لا يحفظون السبت وليسوا مختونين ولا يحفظون الأعياد؛ بالتأكيد يرثون ميراث الله المقدس، لأنَّ الله يقول هكذا بفم أشعياء النبي:

"أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْدًا لِلشَّعْبِ وَنُورًا لِلأُمَمِ. لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ" (أش 42: 6ـ7)

وأيضًا: "اُعْبُرُوا اعْبُرُوا بِالأَبْوَابِ. هَيِّئُوا طَرِيقَ الشَّعْبِ. أَعِدُّوا أَعِدُّوا السَّبِيلَ. نَقُّوهُ مِنَ الْحِجَارَةِ. ارْفَعُوا الرَّايَةَ لِلشَّعْبِ. هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَخْبَرَ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ قُولُوا لاِبْنَةِ صِهْيَوْنَ: «هُوَذَا مُخَلِّصُكِ آتٍ. هَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَجِزَاؤُهُ أَمَامَهُ». وَيُسَمُّونَهُمْ «شَعْبًا مُقَدَّسًا» «مَفْدِيِّي الرَّبِّ». وَأَنْتِ تُسَمَّيْنَ «الْمَطْلُوبَةَ» «الْمَدِينَةَ غَيْرَ الْمَهْجُورَةِ».

مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ؟ هَذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ. الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ. «أَنَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ». مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟ «قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي. لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ. فَنَظَرْتُ وَلَمْ يَكُنْ مُعِينٌ وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي وَغَيْظِي عَضَدَنِي. فَدُسْتُ شُعُوبًا بِغَضَبِي وَأَسْكَرْتُهُمْ بِغَيْظِي وَأَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ»" (أش 10:62 ـ 6:63)

تضلون أنفسكم إذ تفتكرون أنَّه بسبب ميلادكم حسب الجسد من ذرية إبراهيم يلزم حتمًا أنْ تأخذوا ميراث الخيرات التي وعد الله أنْ يعطيها بالمسيح، لن يستطيع أحد أنْ يأخذ منها شيئًا، إلاَّ مَنْ اتفق فكره مع إيمان إبراهيم، الذين يعترفون بكل الأسرار، وأنَّ بعض الفرائض قد أمر بها من أجل ممارسة العدل ومن أجل التقوى نحو الله، ولكن بعض الوصايا والفرائض الأخرى قد جُعِلَت إمَّا رمزًا للمسيح، إمَّا من أجل قساوة قلب شعبكم.

وفى حزقيال النبي ما يثبت صحة هذا الكلام: "وَفِي وَسَطِهَا نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ, فَحَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ إِنَّهُمْ لاَ يُخَلِّصُونَ ابْنًا وَلاَ ابْنَةً. إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ" (حز 20:14)

لذلك يجب أنْ تعنوا بالوسائل التي بها يمكنكم أنْ تنالوا مغفرة خطاياكم، وتترجوا ميراث الخيرات الموعود بها.

وليس هناك من طريق(1) آخر سوى أنْ تعترفوا بالمسيح، وتغتسلوا في الحميم الذي أنبأ عنه إشعياء النبي من أجل مغفرة الخطايا، وأنْ تسلكوا بعيدًا عن الخطية.

_____

الحواشي والمراجع:

(1) شروط الخلاص وشركة ميراث المسيح كما يبينها القديس يوستينوس هي:

1) الإيمان بالمسيح،

2) العماد،

3) الحياة النقية من الخطية.