الزواج بغير المؤمنين كثمرة لعقيدة خلاص غير المؤمنين
توقع الأخوة الكاثوليك إن المجمع الفاتيكاني الثاني سيجعل الكنيسة أشد جاذبية بعد إنفتاحها على العالم والأديان الأخرى بهذه الصورة، ولكن الحقيقة إنه خلال العقود الثلاثة التالية للمجمع من سنة 1965-1985 شهدت الكنيسة الكاثوليكية ضعفًا شديدًا، فمثلًا بينما كان يواظب 30% من الفرنسيين في الخمسينات في قداس الأحد، انخفضت النسبة إلى 23% سنة 1966م، وإلى 17% سنة 1972م، ثم إلى 12% في الثمانينات، وبينما كان عدد الكهنة في فرنسا سنة 1965م 40 ألف هبط إلى 36 ألف سنة 1975م ثم إلى 28 ألف سنة 1985م، وبعد أن كان عدد الراهبات سنة 1950م ألف راهبة هبط العدد إلى 500 سنة 1968م ثم إلى 100 راهبة، وقفزت نسبة الطلاق من 10% سنة 1963م إلى 20% سنة 1979م، ثم وصلت إلى 33% سنة 1985م.
أما أكثر الثمرات مرارة فهي ثمرة الزواج بغير المؤمنين، معتمدين على ما أسموه "التفسيح البولسي" مع أن بولس الرسول لم يقصد على الإطلاق ما يتممه الأخوة الكاثوليك، ومن العجب العجاب إنه بينما ترفض الكنيسة الطلاق في حالة الزنا، وترفض زواج الطرف البريء، فإنها تسمح لأولادها بالزواج من غير المؤمنين حتى لو كانوا من الوثنيين أو الملحدين، ويتم الزواج داخل الكنيسة الكاثوليكية وبحل منها، وقد يتم على مرحلتين الأولى الصلاة على الطرف المسيحي داخل الكنيسة والثانية على الطرف الآخر غير المسيحي خارج الكنيسة، وقد تكتفي الكنيسة بالصلاة على الطرف المسيحي فقط إذا رفض الطرف الغير مسيحي الصلاة له ن قِبل كاهن مسيحي
(1).
قبل المجمع الفاتيكاني الثاني كانت الكنيسة الكاثوليكية ترفض وتحرم مثل هذه الزيجات، فجاء في مختصر اللاهوت الأدبي الكاثوليكي " أما زواج غير المعمَّدين فهو من إختصاص السلطة المدنية. أما الكنيسة فلا شأن لها في هذا الزواج، وبالتالي فإن شرائعها الزوجية لا تطبق على اليهود ولا المحمدين (المسلمين) أو الوثنيين أو غيرهم ممن لم يقبلوا سر العماد"
(40) (وتكرر نفس المعنى تحت بند 692 ص 602، 603 نفس المرجع، وتحت رقم 693 ص 603).
وجاء القانون العاشر من قوانين مجمع اللاذقية " لا تتزوجن مبتدعًا"
(41) وفي القانون 31 لنفس المجمع " لا يجوز أن نعطي أولادنا بالزواج إلى المبتدعين يتخذون مصاهرة المؤمنين سبيلًا لإفساد أفكارهم ودفعهم إلى اعتناق تعاليمهم الفاسدة"
(42) وجاء في خلاصة القانون 72 من قوانين مجمع ترولو " الزواج الذي يعقد بين مؤمن ومبتدع باطل"
(43).
التفسيح البولسي:
يدَّعي الأخوة الكاثوليك أن بولس الرسول أعطى تفسيحًا للزواج بغير المؤمن عندما قال
" وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن تسكن معه فلا يتركها. والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يسكن معها فلا تتركه لأن الرجل غير المؤمن مقدَّس في المرأة والمرأة غير المؤمنة مقدَّسة في الرجل. وإلاَّ فأولادكم نجسون.
وأما الآن فهم مقدَّسون" (1كو 7: 12 - 14).
توضيح: 1- سأل أهل كورنثوس بولس الرسول عن بعض الأمور الخاصة بالبتولية، وزواج الأرامل، وزواج المؤمنين، والطلاق، وإيمان أحد الطرفين في زيجة قائمة بالفعل بين طرفين غير مؤمنين. فأجابهم بولس الرسول بأمانة قائلًا أن الطلاق قد سبق أن أعطى الرب يسوع في رأيًا صريحًا عندما قال
" وأما أنا فأقول لكم إن من طلق إمرأته إلاَّ لعلة الزنا يجعلها تزني ومن تزوج مطلقة فإنه يزني" (مت 5: 32) ولهذا أجاب بولس الرسول قائلًا
"وأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها" (1كو 7: 10).
وعن الزيجة القائمة فعلًا بين طرفين غير مؤمنين، ثم آمن أحدهما، أجاب الرسول بولس بأمانة بالغة إذ قال
"وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب.." أي إن الرب يسوع لم يعط وصية صريحة في هذا الأمر، وليس معنى هذا أن هذا الكلام هو كلام بولس الرسول نطق به بدون وحي من
الروح القدس.
2- لو عدنا إلى أول الفقرة (1كو 7: 8 - 12) نجد معلمنا بولس الرسول يتحدث عن عدَّة فئات من المؤمنين، أولهم غير المتزوجين وهؤلاء دعاهم للبتولية (ع 8) ثم الأرامل ودعاهم أن يظلوا كما هنَّ. ثم تحدث عن المتزوجين زواجًا مسيحيًا وأوصاهم بعدم الطلاق. وأخيرًا تحدث عن فئة كانت قائمة في بداية الكرازة بالمسيحية ومنتشرة بكثرة، إذ يؤمن أحد الزوجين ويرفض الأخر الإيمان، فبولس الرسول يتحدث عن زواج قائم بالفعل بدليل الآتي:
أ - قال " إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة " أي متزوج، وليس أخًا يبحث عن زوجة لكي يرتبط بها.
ب- "وهي ترتضي أن تسكن معه فلا يتركها" فقوله "لا يتركها" أي أن هذه الزوجة مرتبطة بهذا الزواج وتعيش معه تحت سقف واحد.
ج- " وإلاَّ فالأولاد نجسون " أ إنه ارتباط زيجي مرَّ عليه وقت حتى إنهما أنجبا أولادًا.
د - "إن فارق غير المؤمن فليفارق" وهنا يسمح الإنجيل بالفراق لأن هذه الزيجة لم تتم في ظل الشريعة المسيحية، بينما المسيحية لا تسمح بالطلاق إلاَّ لعلة الزنا.
3- أمر بولس الرسول في نفس الإصحاح أن الزواج الجديد لابد أن يتم بين طرفين مسيحيين
، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فقال
"المرأة مرتبطة بالناموس مادام رجلها حيًا ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط" (1كو 7: 39) فقوله
"في الرب فقط" تعني الارتباط على أساس الإيمان المسيحي فقط.
وأكد معلمنا بولس الرسول نفس المعنى في الرسالة الثانية لأهل كورنثوس قائلًا
" لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبر والإثم.. وأية شركة للنور مع الظلمة وأي اتفاق للمسيح بع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. وأيَّة موافقة لهيكل الله مع الأوثان. فإنكم أنتم هيكل الله الحي" (2كو 6: 14-16).
4- أليس الزواج سرًّا مقدَّسًا من الأسرار السبعة؟!
ألاَّ يقر الأخوة الكاثوليك بهذا، ويعترفون أن
الروح القدس يحل على العروسين فيوحّدهما في جسد واحد؟!
كيف يحل روح الله على طرف غير مؤمن لا يؤمن بالثالوث ولا بالتجسد، ولم يعتمد، وليس له علاقة بالروح القدس؟!
هل إلى هذه الدرجة تهاونت كنيسة روما، حتى إنها تصلي على الطرف غير المسيحي في الكنيسة، أو خارجها، أو لا تصلي على الإطلاق، وترسل له الفتاة المسيحية؟!
أي زواج هذا؟!!!
بل وقد يسمحون لرجل الدين الغير مسيحي أن يؤدي بعض الأمور الخاصة به داخل الكنيسة، فمثلًا بعد أن يصلي الكاهن، يتلو الشيح آيات الذكر الحكيم!!!
5- كيف تعيش أسرة كهذه؟! كيف يصليان معًا؟! وكيف يصومان معًا؟! وكيف يُعيّدان معًا؟! وأي كتاب يقرأن؟!
وفي هذا الخضام، كيف يكون حال الأطفال؟!
أي دين يتبعون، أم أنهم يفقدون إيمانهم كلية؟!!
6- كيف يمكن للكاثوليكي أن يوفق بين ارتباط كهذا، وبين قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني التي تنص على قدسية الزواج، وإن الزواج هو التقاء الطرفين بالمسيح، وهذا الزواج على مثال ارتباط
المسيح بالكنيسة، وعلى الزوجين أن يشهدا للإيمان المسيحي، ويربيان أولادهما في الإيمان المسيحي، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
- " 48 - قداسة الزواج والأسرة. (ب). وكما قطع الله فيما مضى عهد محبة ووفاء لشعبه هكذا يلتقي اليوم مخلص البشرية بالزوجين المسيحيين في سر الزواج، وهو يبقى معهما.. إن الحب الزوجي الأصيل ينبثق من الحب الإلهي"
(44).
- " المتزوجون المسيحيون يُعبّرون بقوة سر الزواج عما بين
المسيح والكنيسة في وحدة سرية وحب خصب ويشتركون فيه (أف 5: 32) ويتعاونون ليصلوا إلى القداسة في الحياة الزوجية وفي ولادة البنين وتربيتهم"
(45).
- " ففي الأسرة يجد الزوجان دعوتهما الخاصة أن يكونا شاهدين للإيمان ومحبة
المسيح، الواحد أمام الآخر وكلاهما أمام أبنائهما"
(46).
- " وعلى المتزوجين والوالدين المسيحيين.. أن يلقنوا بمحبة أبناءهم الذين رزقهم إياهم الله التعاليم المسيحية والفضائل الإنجيلية"
(47).
- " فالزوجان المسيحيان.. أول من يهتم بنقل الإيمان لأبنائهما وتربيتهم عليه"