رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
على مَنْ نلقي رجاءنا؟ إجابة الكتاب لذلك التساؤل واضحة: «مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ» (إر17: 5). البشر لا يستطيعون أن يعينوا من استهدفه الشيطان. صراعنا مع السلاطين مع الرئاسات مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر.. صراعنا على حيازة الروح، وإن كان للجسد نصيبه في المعركة. على مَنْ نستند؟ على ملوك العالم وقادته وحكوماته ومنظمّاته؟!! أم على المُخلِّص؟ المرتل في المزمور أنشدها ورتّلها: «أَسْنِدْنِي فَأَخْلُصَ» (مز119: 117)؛ خلاصنا مرهون بسند الربّ وليس آخر.. لن نعاين الملكوت إن استندنا على آخر غير محبوب النفس. بل إنّ الجمع السمائي لا يتعرّف إلاّ على مَنْ استند على الربّ حتّى النهاية؛ «مَنْ هَذِهِ الطَّالِعَةُ مِنَ الْبَرِّيَّةِ مُسْتَنِدَةً عَلَى حَبِيبِهَا؟» (نش8: 5) قالها الربّ لشعبه قديمًا، على لسان إشعياء، حينما أراد الشعب أن يفرّ ويتحصّن بالبشر عوضًا عن الربّ: وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَنْزِلُونَ إِلَى مِصْرَ لِلْمَعُونَةِ (الاتّكال على قوى العالم) وَيَسْتَنِدُونَ عَلَى الْخَيْلِ (الاتّكال على السلاح والعتاد) وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى الْمَرْكَبَاتِ لأَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَعَلَى الْفُرْسَانِ لأَنَّهُمْ أَقْوِيَاءُ جِدّاً (الاتّكال على الجيوش) وَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ وَلاَ يَطْلُبُونَ الرَّبَّ.. وَأَمَّا الْمِصْرِيُّونَ فَهُمْ أُنَاسٌ لاَ آلِهَةٌ وَخَيْلُهُمْ جَسَدٌ لاَ رُوحٌ. وَالرَّبُّ يَمُدُّ يَدَهُ فَيَعْثُرُ الْمُعِينُ وَيَسْقُطُ الْمُعَانُ وَيَفْنَيَانِ كِلاَهُمَا مَعاً. لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي الرَّبُّ: كَمَا يَهِرُّ الأَسَدُ وَالشِّبْلُ فَوْقَ فَرِيسَتِهِ هَكَذَا يَنْزِلُ رَبُّ الْجُنُودِ لِلْمُحَارَبَةِ عَنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَعَنْ أَكَمَتِهَا. كَطُيُورٍ مُرِفَّةٍ هَكَذَا يُحَامِي رَبُّ الْجُنُودِ عَنْ أُورُشَلِيمَ. يُحَامِي فَيُنْقِذُ. يَعْفُو فَيُنَجِّي.. وَيَسْقُطُ أَشُّورُ بِسَيْفِ غَيْرِ رَجُلٍ (بغير قوى العالم) وَسَيْفُ غَيْرِ إِنْسَانٍ (بدون أسلحة العالم) يَأْكُلُهُ فَيَهْرُبُ مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ.. وَصَخْرُهُ (قوّته المرعبة) يَزُولُ مِنَ الْخَوْفِ، وَمِنَ الرَّايَةِ (راية خلاص الربّ) يَرْتَعِبُ رُؤَسَاؤُهُ، يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِي لَهُ نَارٌ فِي صِهْيَوْنَ وَلَهُ تَنُّورٌ فِي أُورُشَلِيمَ (إش31: 1-9) مَنْ يُحارَب من الشيطان؟؟ هل نُحارَب نحن الضعفاء العاجزين؟؟ كلاّ، يقول الربّ، إنّه: «يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ» (يو7: 7). لا يحتمل الدنس سيرة الطهارة، ولا يحتمل الكذب صوت الحقّ، ولا يحتمل الظلم نصرة البرئ، ولا تحتمل البُغضة إشراقة الحبّ.. لا تستطيع الظلمة أن تقف صامته لترك النور يغزو العالم.. تحاربه لأنّه يشهد على أعمال الظلمة الشريرة.. والناس أحبّت الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم شريرة.. لذا مَنْ يحاربوننا هم تكتُّل ظلمة العالم وشرّه. إنّ الظلمة تريد تحويل العالم أجمع إلى مقبرة للأحياء، يحيون فيها بالجسد بينما أرواحهم موتى ووعيهم أسير الشهوة، لا يرى ولا يعرف النور. الحرب دائمة بين جنود النور وعسكر الظلام.. نصرة النور قد تكون غير واضحة للجمع الأرضي لأنّ أفراحها في السماء، ولكن نصرة الظلم ظاهرة لأنّ مجالها الجسد والعالم والزمان الحاضر.. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ (يو16: 33) هل نُصدِّق نصرة المسيح وندخل لنعاينها في مخادعنا أم نُصدِّق نصرة الشرير حينما نبصرها في طرقات العالم؟؟؟ الْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ (1يو2: 17) هل معنى هذا ألاّ نطالب بحقوق مشروعة أهدرها الظلم؟؟ كلاّ بالطبع، ولكن أن نفهم العدو الحقيقي والمعين الحقيقي يجعلنا مُتّزني الإيمان وسط الضيقة. أنْ نطالب لا يعني أنْ نتخلَّى على سلامنا المسيحي.. ولا نفقد حبّنا المسيحي. أنْ نطالب لا يعني أن نقابل الإساءة بالإساءة والجرح بالجرح. أن نطالب لا يعني أن نستلهم معارضة ثوريّة عنفيّة تقيم حقوقها على دماء الآخرين. أن نطالب لا يعني أن نقول كفى للصليب نريد الراحة!!! وقتها قد ننال راحة ولكننا سنفقد معها مجد الصليب. الله هو الذي يُحرِّك البشر يجب أن تكون تلك هي عقيدتنا. نطلب من الله أن يعمل ولو بأيدي البشر. ولكن قلوبنا يتحرّك فيها غضبٌ وقهرٌ وشعورٌ بالظلم، كيف نواجهه لنبقَى مسيحيين؟؟ إنّه عمل النعمة ووقتها.. |
|