مقدمة وأول زيارة
مقدمة:
للشرق سحره الخاص، الذي جذب أنظار الغرب منذ قيام النهضة الأوربية، فخصوا الشرق وحضاراته وتاريخه بعشرات الأبحاث والبعثات والرحالة، وقد كان كل ذلك طبيعيًا. ولكن للبلاد الروسية في عهد أباطرتها خاصةً وضع خاص، ومع ذلك لم يملك أباطرة الروس الأرثوذكسي المذهب والنزعة، من إخفاء إعجابهم وإظهار عطفهم على بلاد الشرق بصفة عامة، وعلى مصر بصفة خاصة، على الرغم من أن الأغلبية المسيحية في مصر كانت ولا تزال تخالف الروس معتقدهم الأرثوذكسي. وفي السطور القليلة القادمة سوف أستعرض هذه العلاقات خصوصًا في القرن التاسع عشر الميلادي، الذي نشطت فيه هذه العلاقات جدًا للمرة الأولى في التاريخ، واستمرت بصورة أقوى في القرن العشرين والحادي والعشرين ولا تزال.
زيارة هي الأولى من نوعها:
في عهد البابا بطرس السابع الشهير بالجاولي الـ109 (1809- 1852م)، أرسل قيصر روسيا أحد أفراد عائلته ليعرض عليه وضع الكنيسة القبطية تحت حماية القيصر، فما كان من البابا القبطي الذي أستقبله بملابسه البسيطة المتواضعة، إلا أن فكر برهةٍ من الزمان ثم بادر الأمير الروسي بالسؤال: هل قيصركم هذا يموت مثل سائر البشر، أم أنه يحى خالدًا إلى الأبد؟ فرد الأمير الروسي: طبعًا يموت شأنه في ذلك شأن سائر المخلوقات، فأجابه البابا: إذن لا أستطيع قبول هذه الحماية من ملك سيموت في يوم من الأيام ولكني أفضل أن أبقى تحت حماية ملك الملوك ورب الأرباب الحي الذي لا يموت أبدًا. فأعجب الأمير من قوة إيمان البابا بطرس، وفصاحة لسانه ورجاحة عقلة وحكمته، وأنصرف من حضرته مزودًا بدعواته.
← ملاحظة: هذه المقالة سبق أن نُشرت بجريدة النهار البيروتية، سنة 2001م، وأضيف عليها بعض المعلومات.