الصليب وسر التوبة والاعتراف بالمعمودية ننال العتق من عبودية الخطية، وبالمعمودية ننال الخلاص، وننال التبني. ونحن في غربة هذا العالم نجاهد ضد شهوات الجسد، وفى حرب دائمة مع إبليس وجنوده، وأيضًا نجاهد ضد إغراءات العالم وسرابه الخادع. وفى جهادنا اليومي والدائم معرضين للسقوط في الخطية. بسبب الضعف البشرى والتراخي والكسل وفى لحظات التواني في الجهاد. ولكن الكنيسة وضعت لنا سر التوبة والاعتراف. في التوبة العزم على ترك الخطية ومكانها، والحزن والندم عليها والإقرار والاعتراف بها. ثم السلوك حسب وصايا الإنجيل. وفى الاعتراف، جلسة مع النفس لمراجعتها ومحاسبتها. "فاذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى" (رؤ2: 5). ثم جلسة مع الله للاعتراف بكل الخطايا، وطلب مراحم الرب، ثم الذهاب إلى الأب الكاهن، وبعد أن يقر المعترف بكل خطاياه، ويعترف بكل آثامه. بندم وانسحاق، لتجديد الحياة مرة أخرى يضع الأب الكاهن الصليب على رأس المعترف، ويقرأ له التحاليل الثلاثة لينفض عنه تراب العالم الذي سقط على ثوب العريس ويستعيد نقاوته، وطهارته، ويكون مهيئًا للتناول من جسد الرب ودمه الأقدسين، ليثبت في المسيح مجاهدًا بالصلاة والصوم، فيحفظ نفسه ويبقى بلا عثرة. إن وضع الصليب على رأس المعترف يكون بمثابة إعلان وتعهد منه، بل أيضًا قبول منه بأن إنسانه العتيق قد صلب: "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضًا للخطية." (رو6: 6). وأنه مستعد لاحتمال الصليب مستهينًا بالخزي وصلب الجسد مع الأهواء والشهوات. كما يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية: "ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24). لتصبح النفس المعترفة عروسًا للمسيح، وتحفظ نفسها في نقاوة كالعذارى الحكيمات، في الإيمان، والرجاء، والمحبة. وتستعد بمصباحها المملوء بزيت كلمة الحياة الذي يغذى العقل والروح وبأعمال صالحة هي ثمر الروح، وتكون مستعدة للقاء عريسها بسراج النفس المضيء وآنية الزيت القلب المملوء صلاحًا حينما يأتي في نصف الليل. تخرج مترنمة بقدومه للدخول إلى العرس السمائي، بفرح وبهجة وتسبيح.