![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس مار اسحق هو ناسك عظيم من محبى الوحدة والسكون ، ترهب هو واخوه حسب الجسد فى احد اديرة طور سيناء ونال الاثنان شهرة كبيرة ثم اتجه كل منهما اتجاها خاصا بختار مار اسحق حياه السكون الكامل بينما صار اخوه رئيسا للدير ، ووصلت محبة الوحدة بمار اسحق انه عاتب اخاه عتابا شديدا فى رسالة مشهورة له عندما طلب منه ان يزور الرهبان فى الدير وشرح مار اسحق الاضرار التى تصيبه من مجرد النزول الى الدير . والعجيب فى كل ذلك ان هذا المتوحد العظيم على الرغم من محبته الكاملة لحياة السكون صار اسقفا لنينوى ، لسنا ندرى ما هى الظروف التى لابستن هذا الامر ، ولكن التاريخ يسجل لنا انه لما وجد ان الاسقفية تحرمه من حياه السكون ترك الاسقفية ومضى . وفى هروبه لم يرجع الى مغارته الاولى وانما ذهب الى برية شيهيت واستقر فيها سنوات وقد وضع مؤلفات ضخما من اربعة كتب عن طقس الوحدة يعتبر من اروع الكتب فى هذا الموضوع وانتفع فيه باراء كبار الاباء فى هذا المجال كالقديس مقاريوس الكبير ومار اوغاريس والقديس يوحنا التبايسى وغيرهم . |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() الأنبا أرسانيوس معلم اولاد الملوك حياة القديس ارسانيوس الأولى ونشأته : جاء عن القديس ارسانيوس انه كان من روما العظمى وكان من افاضل فلاسفتها . وكان والده من اكابر البلاط المقربين إلى الملك فلما ملك تاودسيوس ارسل إلى الملك والبابا بروما طالبا رجلا فليسوفا يحسن اللغتين الرومية ( اللاتينية ) واليونانية لكى يعلم اولاده الحكم والادب ، فلم يجدوا فى كل فلاسفة روما رجلا يشبه ارسانيوس فى الحكمة والفضل ومخافة الله فارسلوه إلى الملك بالقسطنطينية ففرح به الملك واحبه لفيض معرفته ، ولاجل نعمة الله التى كانت عليه . فسلم له الملك اولاده وقدمه على كل اكابر مملتكه . وكان إذا ركب يكون قريبا من الامبراطور وكان له امر نافذ وعبيد كثيرون يقومون بخدته ولم يتخذ فى بيته امرأة . خروجه إلى العالم : لما بلغ مركزا هكذا بدأ يفكر فى نفسه قائلا: ان كل هذا لابد له ان يتلاشة كما ينحل المنام ، وان كل غعنى الدنيا وجدها وجاهها عبارة عن حلم . ولا يوجد شيىء ثابت غير قابل للتغير وانه لا ينفع الإنسان الاخير بقدمه قدامه )). فزهدت نفسه كل شيىء ، وصار يطلب من الله كل وقت قائى : (( عرفنى يارب كيف اخلص )) فجاءه يوما صوت يقول له L ياراسانى اهرب من الناس وانت تخلص ). وصوله الاسقيط : قام لوقته وترك كل شيىء ونزل إلى البحر فوجد سفينه اسكندرية تريد السفر ، فركب فيها وجاء بها إلى الاسكندرية ومن هناك اتى إلى الاسقيط ، إلى الاب مقاريوس ، ذاك الذى اسكنه فى إحدى القلالى الخارجة عن الدير لانه وجده عاشقا للهدوء . وبعد حضوره بأيام قلائل تنيح الاب مقاريوس . حياته الرهبانية الأولى بدأ القديس ارسانيوس حياته الرهبانية بنسك عظيم وصلاه وقداسه وزهد حتى فاق كثيرين وسمع بفضله اولاد اكابر اللقسطنطينية وامرائها وابتدأ كثيرين منهم يتزهدون ويجيئون إلى ديار مصر ويترهبون . + ميله الشديد للتعليم : بدأ القديس حياته الرهبانية بميل شديد للتعليم ، فقط قيل عنه : كان انبا ارسانيوس دفعة يسأل أحد الشيوخ المصرين عن افاره فرآه شيخ آخر وقال له : يا ابتاه ارسانيوس كيف – وانت المتأدب بالرومية واليونانية – تحتاج إلى ان تسأل هذا المصرى الامى عن افكارك ؟ .. اجابه انبا ارسانيوس قائلا : (( اما الأدب الرومى واليونانى فانى عارف به جيدا .. اما الفا فيطا التى احسنها هذا المصرى فانى إلى الآن لم اتعلمها )) وكان يقصد طريق الفضيلة . + طريقة تدريبه : ان انبا ارسانيوس لاجل انه ربى فى الملك ونشأ فى الملك وكمان ذا جسد مترفه كاولاد الملوك ، لم يقدر سريعا ان يعبر فى طريقة رهبان المصرين ولا صعوبة مسلكهم عاجلا ، بل كان يأخذ نفسه بقطع شهوته بالتدريج قليلا حتى يصل إلى درجاتهم (1). والعجيب انه لم يكن محتاجا إلى طرقة مباشرة فى تعليمه بل كان يستقى الحياه النسكية مما يحدث حوله واحيانا كثيرة كانت تكفيه الاشارة كما حدث فى القصتين التاليتين . 1- جلس الاب ارسانيوس فى بعض الأيام يأكل فولا مسلوقا مع الاخوة وكانت عادتهم ان لا ينقوه . اما هو فكان ينقى الفول الابيض من بين الاسود والمسوس ويأكله فلم يوافق رئيس الدير على ذلك وخشى ان يفسد نظام الدير . فاختار رئيس الدير أحد الاخوة وقاله له : (( احتمل ما افعله بك من اجل الرب )) . فأجابه الاخ : امرك ياأبى . وقال : اجلس بجانب ارسانيوس ونق الفول الابيض وكله – فعمل الاخ كما امره رئيس الدير الذى فاجأه بلطمة مرة على صدغه وقال : كيف تنقى الفول الابيض لنفسك وتترك الاسود لاخوتك ؟.. فصنع ارسانيوس مطانية للرئيس وللاخوة وقال لذلك الاخ : (( يا أخى .. أن هذه اللطمة ليست لك ولكنها موجهة لخد ارسانيوس )) . واردف قائلا : (( هوذا ارسانيوس معلم اولاد الملوك اليونانين لم يعرف كيف يأكل الفول مع رهبان اسقيط مصر ) . وهكذا ازداد فهما واحتفاظا بموهبته . 2- قيل ان أحد الاخوة المجاورين لقلاية انبا ارسانى خرج يوما ليقطع خوصا . وكان يوما حره شديد . فلما قطع الخوص ورجع اراد ان يأكل فلم يمكنه ان يبلع الخبر اليابس لان الحر كان قد يبس حلقه . وفى ذلك الوقت كان الاخوة بالاسقيط يسلكون بتقشف عظيم ونسك زائد فأخذ الاخ وعاء به ماء واذاب فيه قليلا من الملح ، وبل الخبر وبدأ يأكله .. فدخل إليه الاب اشعياء ليفتقده ، فلما احس الاخ بالانبا اشعياء رفع الوعاء وخابأة تحت الخوص . وكان انبا اشعياء رجلا ذكيا حارا فى الروح جدا . وكان يعلم بأن انبا ارسانيوس يعمل صنفين من الطعام : بقلا وخلا ولكن لاجل احتشامه لم يرد الاباء ان يكسروا قلبه سريعا . فوجد انبا اشعياء انها فرصة مناسبة لان يؤدب انبا ارسانيوس بواسطة هذا الاخ . فقال للاخ: ما هذا الذى خبأته منى ؟ .. فقال الاخ : ( اعفر لى ياابى مناحل محبى السيد المسيح لقد دخلت البرية لاقطع خوصا فاشتد على الحر جدا لدرجة انه سد حلقى. فلما دخلت القلاية اردت ان اكل فلم استطع بلع الخبز لجفاف فمى وحلقى فاخذت ماء واذبت فيه قليلا من الملح وبللت به القراقيش ( الخبز الجاف )) ليسهل لى بلعه )). فأخذ الانبا اشعياء الوعاء وخرج ووضعه قدام قلاية انبا ارسانيو وقال للمراقب : دق الجرس كى يحضر الاخوة ليصيروا الاخ زيتون كيف يأكل مرقا ، فلما حضروا التفت إلى الاخ وقال له أمام الاخوة : يا أخى ، لقفد تركت تنعمك وكل مالك وجثث إلى الاسقيط حبا فى الرب وفى خلاص نفسك فكيف تريد الآن ان تلذذ ذاتك بالاطعمة ؟.. ان تريد ان تأكل مرقا امض إلى مصر لانه لا يوجد فى الاسقيط تنعم فلما سمع الانبا ارسانيوس قال لنفسه : هذا الكلام موجه إليه يا ارسانى ، وفى الحال امر خادمه ان يعمل له بقولا فقط . وقال : ها أنا قد تأدبت بسائر حكمة اليونانين اما حكمة هذا المصرى بخصوص الاكل وحسن تدبير فانى لم اصل إليها بعد . لقد صدق الكتاب اذ يقول : وتأدب موسى بكل حكمة المصرين . + موته عن العالم : دفعه اتى إليه رجل يدعى جسربانوس بوصية من رجل شريف من جدنسه مات واوصى له بمال كثير جدا . فلما علم القديس بذلك هم بتمزيق الوصية فوقع جسريانوس على قدميه وطلب إليه إلا يمزقه وإلا فرأسع عوضها ، فقال له القدس : أنا قدمت منذ زمان وذلك مات ايضا . وبذلك صرفه ولم يأخذ منه ولا فلسا واحدا . حياته فى التوحد 1- جهادة فى الصلاه والسهر : + قيل عنه انه كان يستمر الليل كله ساهرا . فإذا كان الغد كان يرقد من اجل الطبيعة مستدعيا النوم قائلا: هلم ياعبد السوء وكان يغفو قليى وهو جالس ، ولوقته يقوم وكان يقول : (( يكفى للراهب ان يرقد ساعة واحد من الليل ان كان عمالا. + قيل ايضا انه فى ليلة الاحد كان يخرج خارج قلايته ويقف تحت السماء ويجعل الشمس خلفه ويبسط يديه للصلاه حتى تسطع الشمس فى وجهه ثم يجلس. وفى جهاده مع الشياطين ورد ما يلى : قصده الشياطين مره ليجربوه . فلما جاءه اللذين يخدموه سمعوا صوته وهم خارج القلاية وهو يصرخ إلى الله ويقول : (( يارب لا تخذلنى فأنى ما صنعت قدامتك شيءا من الخير .. لكن هبنى من فضلك ان ابا فى عمل الخير .. )). + وقد اخبر عنه دانيال تلميذه فقال : (( انه ما طلب قط ان يتكلم من كتاب بل كان يصلى من اجل ذلك لو اراد . وما كان يكتب رسالة )) . + حدث مرة ان ذهب أحد الاخوة إلى قلاية القديس ارسانيوس فى الاسقيط ، وتطلع من النافذة فأبصر الشيخ واقفا وجسمه كله مثل نار ، وهذا الاخ كان مستحقا لرؤية ذلك المنظر . فطرق الباب وخرد إليه الشيخ ولما رأى الشيخ أن الاخ كان مندهشا من المنظر الذى رآه قال له : (( هل كنت تطرق على الباب لمدة طويلة ؟.. وهل رأيت شيئا غير عادى؟.. ثم خاطبه ابا ارسانيوس وصرفه . + مره دعا تلميذيه الكسندر وزويل وقال لهما : ان الشيطاين تقاتلنى ولكونى لا أدرى ان كانت تحربنى بالنوم فهلما اتعبا معى فى هذه الليلة واسهرا واراقبانى وانظرا ان كنت اغفو اثناء سهرى ، فجلسا واحد عن يمينه والاخر عن يساره من غروب الشمس إلى شروقها ، وقد قالا : اننا نمنا واستيقظنا ولم نلاحظ انه نام بالمرة ولكن لما بدأ النهار يلوح نفخ ثلاث نفخات كأنه نائم وساء اكان ذلك عن قصد حتى نظن نحن انه قد نام او ان النعاس قد غلبه لسنا ندرى – ثم نهض وقال لنا : هل كنت نائما ؟. فقلنا له : لاندرى يا أبانا لاننا انفسنا قد غلبنا النوم . وهكذا كان القديس يخفى فائله ويتظاهر ان يغلب بالنوب لكنه كان يقظا ساهرا . 2- صمته .. وهدوئه . + قيل عن انبا ارسانيوس انه بعدما هرب من القسطنطينية واتى إلى الاسقيط كان يداوم على الصلاه والتضرع إلى الله ان يرشده إلى ما ينبقى له ان يعمل وكيف يتدبر . وبعد مضر ثلاث سنين جاءه صوت يقول له : (( يا أرسانيوس .. الزم الهدوء والبعد عن الناس واصمت وانت تخلص لان هذه هى عروق عدم الخطية ) . \ فما ان سمع الصوع دفعه ثانية حتى كان يهرب من الاخوة ويلزم نفسه الهدوء والصمت . \ + ذكر عنه ايضا انه لما ابتدأ اني تعلم الصمت كان جحاءه الصوت لم يقدر سريعا . فوضع حصاه وزنها اثنا عشر درهما فىفمه ثلاث سنين لا يخرجهخا إلا وقتما كان يأكل او يجيئه غريب فكان يعزيه لاجل الله . وبهذه الفضيلة قوم السكوت وعلم فمه الصمت . ( 820 ميامر ) من 5 + وخبر عنه ايضا انه من كثرة الهدء والسكينه التى كانت له ، دخلت عليه فى قلايته الشياطين وتقدم منه واحد ومعه سكين يريد ان يقطع بها يدريه فلم ينزعد القديس ولا اختبل بل مد يده وقال اعمل ما شئت لاجل محبة المسيح . فلما رأى العدو الشطان هذا الهدوء وهذا الصبر صاح : (( احرقتنى ايها الشيخ بكثرة هدوئة واتضاعك (1) + قال : كثيرا ما تكلمت وندمت ، وأما عن السكوت فما ندمت قط )) . والقصة التالية توضح مقدار محجبة القديس ارسانيوس للسكوت من جهة ومن جهة اخرى كيف ان مواهب الروح القدس فى الكنيسة متعددة . + حدث مرة ان جاء اخ غريب إلى الاسقيط ليبصر الانبا ارسانيوس فاتى إلى الكنيسة وطلب من رجال الاكليروس ان يروه اياه ، فقالوا له : كل كسرة خبر وبعد ذلك تبصره ، فقال : لن اتذوق شيئا حتى ابصرفه . فارسلوه معه اخا ليرشده إليه لان قلايته كانت بعيدة جدا . فلما قرع الباب فتح له وصليا وجلسا صامتين . فقال الاخ الذى من الكنيسة : أنا منصرف فصليا من اجلى . اما الاخ الغريب فلما لم يجد له دالة عند الشيخ قال : وأنا منصرف معك كذلك ، فخرجا معا . فطلب إليه ان يمضى به إلى قلاية انبا موسى الذى كان اولا لصا . فلما اتى إليه قبله بفرح ونيح وغربته وصرفه . فقال له الاخ الذى ارشده : ها قد اريتك اليونانى والمصرى . فمن من الاثنين ارضاك ؟. اجابه قائلا : اما أنا فاقول : ان المصرى قد ارضانى . فلما سمع أحد الاخوة ذلك صلى إلى الله قائلا : يارب اكشف لى هذا الأمر ، فان قوما يهربون من الناس من اجل اسمك وقومك وقوما يقبلونهم من اجل اسمك ايضا . والح فى الصلاهوالطلبة فتراءت له سفينتان عظيمتان فى لجة البحر . ورأى فى احداهما انبا ارسانيوس وهو يسير سيرا هادئا وروح الله معه . ورأى فى الاخرة انبا موسى وملائكة الله معه وهم يطعمونه شهد العسل (1). 3- حياة التخشع المستمرة والدموع : + قيل عنه : انه إذا جلس يضفر الخوص كان يأخذ خرقة ويضعها على ركبتيه لينشف بها الدموع التى كانت تتساقط من عينيه . وفى زمان الحر كان يرطب الخوص بدموعه وهو يضفر من اجل ذلك كان شعر جفونه يتساقط من كثرة البكاء . + قيل عنه ايضا : انه فى كل بكره وعشية كان يحاسب نفسه ويقول : (( ماذا عملنا مما يحب الله ، وماذا عملنا مما لا يحب الله )) ، وهكذا كان يفتقد حياته بالتوبة . + وكان يقول كل الاوقات : (( تأمل يا أرسانى فيما خرجت لاجله )). 4- تقشفه : (I) الاكل بقدر : + قال عنه دانيال أحد تلاميذه : ان مؤونته فى السنة كان تلبس قمح واذا جئنا إلى عنده كنا نأكل منها . + وقيل عنه ايضا : انه عندما كان يسمع ان الفواكه نضجت على الأشجار كان يطلب من الاخوة ان يحضورا له بعضا منها ، إذا اعتاد ان يأكل مرة واحد فى السنة كل نوع من انواع الفواكه حتى يقدم التمجيد لله . (II) التعرى من الترف : وما كان يحدد ماء الخوص إلا دفعة واحدة فى السنة فكلما نقص الماء اضاف إليه قليلا منه وهكذا صارت له رائحجة كريهة جدا ونتن لا يطاق وكان يعمل الضفيرة ويخيط إلى ست ساعات يوميا . وحدث ان زاره الاب مقاريوس الاسكندرى . فلما اشتم الرائحة قال له : (( يا أبانا ارسانيوس لم لا تغير هذا المال لانه قد انت ؟ فاجابه انبا ارسانيوس قائلا : (( الحق انى لا استطيع ان اطيقها . لكنى اكلف نفسى باحتمال هذه الروائح الكر يهة وذلك عوض الروائح الزكية التى تلذذت بها فى العالم .فلما سمع الاخوة الموجودين ذلك انتفعوا . (ج) عمل اليدين : + ذكر عن انبا ارسانيوس انه من يوم اخذ الاسكيم لم يبق فى قلايته اكثر من حاجته بل كان يتصدق بالباقى للجميع . وكان قد تعلم ضفر الخوص من الرهبان ، وكان يضفر القفف والمراوح وغيرها ويبيع ويأكل منه ويشترى خوص الضفائر ويتصدق بما تبقى . وهكذا كان عمله دائما (1). اتضاع القديس وانكار ذاته : + حىء إلى الاسقيط مرة بقليل من التين فاقتسمهما الرهبان فيما بينهم ولاجل انه شيىء ضئيل استحو ان يرسلوا له منه شيئا قليلا وذلك لجلاله منزله . فلما سمع الشيخ امتنع عن المجىء إلى الكنيسة وقال : (( افرزتمونى من الاخوة ولم تعطونى من البركة التى اسلها الله كأنى لست اهلا لان آخذ منها ، ولوجه آخر نسيتمونى بسبب كبريائى )). فلما سمعت الجماعة انتفعوا من اتضاع الشيخ وانطلق القس واتاه بنصيب من التين ففرح وجميعهم سبحوا الله وجاء معهم إلى المجمع . + قيل عن انبا ارسانيوس وتادرس الفرمى انهما كان مبغضين للسبح الباطل جدا اكثر من غيرهم من الناس . أما أنبا ارسانيوس فلم يكن يلتقى بالناس كيفما اتفق . وأما تادرس فأنه وان كان يلتقى بهم لكنه كان يجوز بسرعة كالرمح . + مرض الانبا ارسانيوس مرة واحتاج إلى شىء قيمته خبزة واحدة . واذ لم يكن له ما يشترى به ، اخذ من انسان صدقة وقال : (( اشكرك يالهى يا من اهلتنى لان اقبل اصدقة من اجل اسمكم )) . + وحدث وهو فى الاسقيط ان مرض فمضى القسيس وجاء به إلى الكنيسة ووضعه على فراشر صغير ووضع تحت رأسة وساده من جلد الغنم ، فلما جاء بعض الشيوخ ليتفقدوه وروأو الفراش والوسادة قالوا : أهذا هو ارسانيوس المتكىء على هذا الفراش .. ؟! فما كان من القسيس إلا ان اختلى بأحدهم وسأله قائلا : ماذا كان عملك فى بلدتك قبل ان تترهب ؟ قال : راعيا . قال له : وكيف كان تدبيرك فى عيشتك ؟أجابه : تدبير المشقة والتعب . والان كيف حالك فى قلايتك فا أجابه بكل ارتياح افل مما كنت فى العالم . فقال له القسيس : إلا تعلم ان انبا ارسانيوس هذا كان فى العالم ابا لملوك ، وكان له ألف غلام من اصحاب المناطق الموشاه بالذهب واطواق اللؤلؤ .. وكان له عبيد وخدم يقومون بخدمته وهو جالس على الكرسى الملوكية وتحته البرفير والحرير الخاص الملون ، فأما انت فقد كنت راعيا ولم يكن ذلك فى العالم ما هو لك الآن من النباح ، اما هذا فليس له شىء من النعيم الذى كان له فى العالم . فالان انت مرتاح اما هو فمتعب. فلما سمع الشيخ ذلك ندم وصنع مطاينة قائلا: اغفر لى يا أبى فقد اخطأت . بالحقيقة هذا هو الراهب لانه اتى إلى الاتضاع واما أنا فقط اتيت إلى نياح وانصرف منتفعا . + قال انبا دانيا عن انبا ارسانيوس انه بتمسكه بالسكون كان يمتنع عن الكلام فى تفسير الكتاب المقدس بالرغم من قدرته على ذلك ، إذا رغب ، كما انه لم يكن ليكتب حرفا واحدا بسرعة . محبته للوحدة وتجلده فيها : قيل ان قلايته كانت على بعد اثنين وثلاثين ميلا ، وما كان يأتى بسرعة وكان اخرون يهتمون به . فلما خرب الاسقيط خرج باكيا وقال : اهلك العالم رومية . واضاع الرهبان الاسقيط . لماذا يهر ب من الناس : سأل الاب مقاريوس انبا ارسانيوس مرة قائلا: لماذا تهرب منا يا أبتاه ؟ )).فا أجابه الشيخ قائلا: (( الله يعلم انى احبكم ، ولكنى لا استطيع ان اتكون مع الله ومع الناس فلهم ارادات كثيرة وهكذا لا استطيع ان اترك الله واصير مع الناس )). الخروج إلى الدير ثم إلى الوحدة : + سأل الاخزوة : (( لماذا اعتبر الشيوخ انبا ارسانيوس فى خروجه من العالم إلى الدير ثم فى خروجه من المجمع إلى الوحدة مثالا سجلوه فى الكتب ؟)) هنا رد أحد الشيوخ : (( ذلك لان انبا ارسانيوس قد اخرجه الله إلى الدير – ثم اخرجه إلى الوحدة . ولانننا واثقون ان هاتين الدعوتين كانتا حسب ارادة الله فحق للشيوخ ان يأخذوا قانونهم من حياه رجل الله هذا )). وقد فسر أحد الشيوخ القدمات هذين الندائين فقال : سأل بعض الاخوة أحد الشيوخ القديسين : (( فسر لنا الندائين سمعهمها انبا ارسانيوس )) . ما معنى ما قيل له فى النداء الأول . (( فر واهرب من الناس وأنت تحيا )) . وما معنى ما قيل له فى النداء الثانى : (( اهرب ، واحفظ السكون ، هش حياة التأمل فى السكون لان هذه هى الامور الرئيسية التى تحفظ الإنسان من الخطية ؟)). اجاب الشيخ ان النداء (( فر واهرب من الناس وانت تحيا )) معناه ان اردت ان تتخلص من الموت الكامن فى الخطية ، وان تحيا الحياه الكاملة التى فى الصلاح اترك ممتلكاتك وعائلتك ووطنك ، وارحل إلى البرية (( أى إلى الصحارى والجبال إلى الرجال القديسين واتبع معهم وصاياى وانت تحيا حياة النعمة . والمقصود من : (( اهرب ، والزم السكون ، عش حياة التأمل فى السكون )). انك لما كنت فى العالم وكنت مسوقا بمشاغل الامور التى فى العالم جعلتك تخرج منه وارسلتك للسكنى مع الرهبان ، حتى بعد فترة قصيرة من السكنى فى مجمع الرهبان يمكنك ان تسمو باتباع وصاياى بانطلاق ، وللتأمل فى السكون . والان إذا قد تدريب التدريب الكافى فى النداء الأول تستطيع ان تهرب من المدير (( مجمع الاخوة )) وتدخل إلى الوحدة فى قلايتك ، تماما كما انطلقت من العالم ودخلت إلى الدير . اما معنى (( احفظ السكون وعش حياة التأمل فى السكون )) فهو : انك اذقد دخلت إلى الوحدة فى قلايتك فلا تعط للزائرين فرصة المجىء اليك والتحدث معهم بلا ضرورة إلا فى الامور التى تتعلق بسمو الروح ، فإذا فعلت هذا فسوف تجنى ثمار الجلوس فى السكون والتأمل ، لانه بالنظر وبالمسع وبالحدث مع الزائرين الذين يأتون اليك فقوة الافكار التى تعطيش فيها تنقلك بعيدا فتشتت تأملاتك وسكونك ، ولكن لا تظن ان مجرد ترك الاخوة فى الدير او عدم قبول زائرين فى قلايتك يكون كافيا ليجعل عقلة هادئا او يمكنك من التأمل فى الله واصلاح ذاتك ما لم تحترس بالاكثر إلا تشغل عقلك بهم باية طريقة حينما يكونون بعيدين عنك .. فان الراهب عندما يتذكر أى انسان إنما يتذكره مرتبطا ببعض الميول أى بميول الاشتياق او الغضب او المجد الباطل ، فان حدث ان العقل جال فى اموره عادية فانه ما لم يقطعها عنه لابد ان يتجه تفكيره بالضرورة إلى الذكريات المتصلة ببعض هذه الامور . وهكذا الحال مع المبتدء فى حياة التأمل فى السكون إذا ما نذكر النساء فانه يسقط فى شهوة الزنا . واذا ما تذكر الرجال يسقط فى الغضب بالفكر . وحياججهم ويؤنبهم ويدينهم او يطلب منهم تكريما له ثم يميل إلى الحياه السلبية . وكذلك لما سألوا انبا مقاريوس . ما هو الطريق السليم للمبتدىء فى قلايته ؟. قال : (( لا يتذكرون الراهب فى قلايته انسانا فانه لا ينتفع شيئا من اجهاد افكاره فى المناقشات مع الناس وعليه ان يعتنى بضبط افكاره فى الخفاء من محجاججتهم وهذا ما قصد بنداء : (( اهرب ، الزم السكون والتأمل الصامت )). ارسانيوس والاب البطريرك : + اتى ذات يوم الباب ثاؤفيلس البطريرك ومعه والى البلاد إلى انبا ارسانيوس وسألوه كلمة فسكت قليلا ثم ثال لهم : (( انت قلت لكم شيئئا فهل تحفظونه ؟ )) فلما ضمن له الباب البطريرك امر حفظه قال لهم : (( اينما سمعتم بارسانى فلا تدنوا منه )). + وحدث ايضا مرة ان اشتهى البابا البطريرك ان يراه ، فارسل إليه يستأذنه ان كان يفتح له فأجاب : ان جئت فتحت لك ، وان فتحت لك فلن استطيع ان اغلق فى وجه أحد . وان فتحت لكل الناس فلن استطيع الاقامة هاهنا )). فلما سمع الاب البطريرك هذا الكلام قال : (( ان مضينا إليه فكانتا نطرده فالافضل إلا نمضى إليه )). زيارة اخ للقديس : دفعة اتاه أحد الاخوة وقرع بابه ففتح له ظانا انه خادمه ، فلما رآه انه ليس هو وقع على وجهه – فقال له الاخ : قم يا أبى حتى اسلم عليك ولو على الباب . فقال له الشيخ : لن اقوم حتى تنصرف . والح الاخ فى الطلب فلم يقم . فتركه الاخ وانصرف . زيارة بعض الاباء للقديس : زاره مره بعض الشيوخ وسألوه عن السكون وعن قلة اللقاء فقال لهم : ان العذراء ما دامت فى بين والديها فكثيرون يريدون خطبتها . فان هى دخلت وخرجت فانها بذلك لن ترضى كل الناس لان بعضهم يزدريها وبعضهم يشتهيها ، ولن تكون لها الكرامة إلا وهى مختفية فى بيت ابيها . هكذا النفس المهندية الهادئة المعتكفة متى اشتهرت تهلهلت . زيارة إحدى العذارى من بناء رؤساء البلاط فى روما : سمعت بخبره عذراء من بناء رؤساء البلاط فى روما . وكانت غنية جدا وخائفة من الله ، فلما جاءت لتبصره ومعها مال كثير وحشم وجنود ، تلقاها البابا ثاؤفيلس البطريرك بوقار كثير واضافها . فسالته ان يطلب إلى الشيخ بأن يفسح لها الطريق للمضى إليه . فكتب يقول له : ان السيدة (( ايلارية السقليكى ))(1)ابنة فلان من بلاط ملك رومية تريد ان تأذن لها برؤيتك لاخذ بركتك . وكتب ذلك لمقدم الاديرة بان يمكن السيدة (( ايلارية السقليكى )) من زيارة الاباء القديسين واخذ بركتهم . فلم يشاء الانبا ارسانيوس ان تأتى إلى البرية وانفذ لها بركة من عنده وقال لها : (( هوذا قد علمت بتعبك وسفرك ونحن مصلون لاجلك . فلا تحضرى لانى لا اشاء ان ابصر وجه امرأة ))ز اما هى فلم تقبل وقالت : (( ان ثقتى بالله ان ابصر وجهك الملائكى ، لانىلا ما تبعت وجئت لانظر انسانا – فبلدى كثيرة الناس – بل اتيت لاعاين ملاكا )) . وامرت ان يشدوا على الدواب حتى اتت إلى البرية فلما وصلت إليه كان القديس ارسانيوس خارج قلايته . فما ان ابصرته حتى خرت عند قدميه فاقامها بعض وقال (( لقد اثرت ان تبصرى وجهى . وها انت قد ابصرتيه فماذا استندت ))؟. اما هى فمن احتشامها لم تستطع النظر فى وجهه . فقال لها : (( إذا سمعت بأعمال فاضلة فاعملى على ان تمارسيها ولا تجولى طالبة فاعليها . كيف تجرأت فعبرت هذه البحار ؟ اما تعلمين انك امرأة ولا يليق بك الخروج إلى مكان ما اتريدين المضى إلى رومية قائلة للنساء الباقيات أننى رأيت ارسانى . فتحولين البحر طريقة للنساء ليأتوا إليه )). فأجابته السيدة قائلة : (( انى لايمانى يا ابى اتيت اليك وان شاء الله لن ادع امرأة تأتى اليك ، فصل من اجل واذكرنى دائما )) . فاجابها منتهرا قائلا: (( لا بل انى اصلى إلى الله ان يمحو خيالك واسمك وذكرك وفكرك من قلبى )) . وتركها ودخل قلايته . فلما سمعت ذلك لم ترد له جوابا ورجعت وهى قلقة الافكار ولما دخلت الاسكندرية اعترتها حمى لفرط حزنها . اما الباب ثاؤفيلس البطريرك فانه استقبلها باكرام جزيل وسألها عن امرها . فقالت : (( يا أبتاه ليتنى ما قابلت الشيخ لانى لما سألته ان يذكرنى اجابنى )) . انى اصلى إلى الله ان يمحجو خيالك واسمك وذكرك وفكرك من قلبى )) وهوذا عبدتك تموت من الحزن . فقال لها الباب البطريرك : (( إلا تعلمين انك امرأة . وأن العدو يقاتل الرهبان بالنساء . فالى ذلك اشار الشيخ . واما عن نفسك فهو يصلى دائما وغير ناس تعبك وسفرك )) فطاب قلبها ورجعت إلى بلادها مسرورة . + حدث مرة ان كان انبا ارسانيوس قلا فعزم على ان يترك قلايته دون ان يأخذ معه شيئا منها ، وذهب إلى تلميذيه الكسندر وزوبل بشخصه وقال لا لسكندر قم واذهبي إلى المكان الذى كنت فيه ( وفعل السكندر ذلك ) وقال لزويل قم وتعال معى إلى النهر وابحث لى عن سفينه قاصدة الاسكندرية ثم ارجه واذهب إلى اخيك ، وقد تعجب زوبل من هذا الحديث ، وعلى ذلك فقد افترقوا – اما القديس ارسانيوس فقط انطلق إلى الاسكندرية حيث مرض مرضا خطيرا . وعاد تلميذاه إلى المكان الذى كان يسكنان فيه قبلا وقال أحدهما للاخر : (( ربما اساء احدنا إلى الشيخ ولهذا افترق عنا )) ولكن لم يمكنهما ان يجدا فى نفسيهما سببا يكون قد ايقة .وكان لما عوفى الشيخ انه قال : (( اقوم واذهب إلى الاباء )) وارتحل وعاد إلى (( البترا Patara)) (1) حيث كان تلاميذه ، واثناء عبوره النهر رأته جارية حبشية واتت من ورائه وامسكت بثوبه وجذبته ، فزجرها الشيخ . اما هى فأجابته : (( ان كنت راهبا فاذهب إلى الجبل )) فانت الشيخ نفسه بهذه الاشارة وقال فى نفسه : (( ارسانيوس ، ان كنت راهبا فامض إلى الجبل )). من ثم استقبله تلميذاه الكسندرا وزوبل وخرا عند قدميه فطرح هو ايضا نفسه قدامهم . وبكوا جميعا فقال الشيخ : (( اما سمعتم انى كنت مريضا ؟ اجابوه : (( نعم )) فقال لهم : (( فلماذا لم تأتوا لتبصرونى )) اجابه الكسندروس قائلا : (( ان الطريقة التى افترقت بها لم تكن صحيحة وبسببها عثر كثيرون وقالوا / لو انهم لم يعصوا الشيخ فى امر ما .. ما كان افترق عنهم . قال لهم الشيخ : أننى اعرف هذا ولكن اناسا ايضا عتيدون ان يقولوا ان الحمامة إذ لم تجد موضعا لرجليها رجعت إلى الفلك (2) . وهكذا استراح التلاميذ وسكنوا معه مره اخرى . حياته الأخيرة ونياحته : + اخبر عنه دانيال تلميذه فقال : كان كاملا فى الشيخوخة وصحيح الجسم مبتسما . وكانت لحيته تصل إلى بطنه . وكان طويل القامة لكنه انحنى اخيرا من الشيخوخة وبلغ من العمر سبعا أو خمسا وتسعين سنة . أربعون سنة منها حتى خروجه من بلاط الملك . وباقيها فى الرهبنة والوحدة . وكان رجلا صالحا مملوء من الروح القدس والايمان . وقد ترك لى ثوبا من الجلد وقميصا من الشعر ونعالا من ليف وبهذه الاشياء كنت أنا الغير المستحق اتبارك . وقال تلميذه ايضا عنه : انه لم اقربت ايامه اوصى قائلا : (( لا تهتموا بان تعملوا تذكارا لى ولكن قدموا قربانا فقط .. وكان يقول دائما : إذا كنت فعلت شيءا فى حياتى يستحق الذكرى فسوف اجده . + ولما قرب وقت نياحته دعا تلاميذه وعزاهم ووعظهم وقال لهم : (( اعلموا ان زمانى قد قرب فلا تهتموا بشيىء سوى خلاص نفوسكن ولا تنزعجوا بالنحيب على .)) وكان البار يتكلم بهذا ودموعه تنهمر من عينيه فقالوا له : (( يا أبانا . اتفزع انت ايضا ؟ اجابهم قائلا : (( ان فزع هذه الساعة ملازم لى منذ جئت إلى الرهبنة )). وقال ايضا : هانذا واقف معكم أمام منبر المسيح المهاب ، فإذا جاءت الساعة رجائى إلا تعطوا جسدى لاحد من الناس )) . فقالوا له : فماذا نصنع لاننا لا نعرف كيف نكفنه ؟ فقال لهم الشيخ : (( اما تعرفون كيف تربطون رجلى بحبل وتجرونى إلى الجبل لتنتفع به الوحوش والطيور ))- وكان الشيخ يقول لنفسه دائما : (( ارسانى ارسانى تأمل فيها خرجت لاجله )) .. هكذا رقد القديس ودموعه تسيل من عينيه – فبكر تلاميذه بكاء مرا وصاروا يقبلون قدميه ويودعونه كانسان غريب يريد السفر إلى بلده الحقيقى . ولما سمع الانبا بيمين بنياحته تنهد وقال : (( طوباك يا انبا ارسانيوس لانك بكيت على نفسك فى هذا العام فان من لا يبكى على نفسه هاهنا زمانا قليللا ، سوف يبكى هناك زمانا طويلا . فان كان ها هنا بكاء بارادتنا واما هناك فالبكاء من العذاب وعلى كلتا الحالتين لن تنحجو من البكاء وعلى ذلك فما امجد ان يبكى الإنسان على نفسه هاهنا )). ************ ولما حضر البابات ثاؤفيلس البطريرك الوفاة قال : (( كوباك يا انبا ارسانيوس لانك لهذه الساعة كنت تبكى كل ايام حياتك )) . ولما كان بلاديوس قد اورد سيرة مختصرة حوت بعض امور لم ترد فيما سبق فاننا نوردها كما هى اتماما للمنفعة . قيل ان انبا ارسانيوس انه حين كان فى العالم كان رداؤه انعم من أى انسان اخر ، وحين عاش فى الاسقيك كان رداؤه احقر من الجميع . ولما كان يأتى إلى الكنيسة – على فترات مبتاعدة – كان يقف وراء عامود حتى لا يرى أحد وجهة ولا يرى هو وجود الآخرين . وكان وجهه مثل وجه ملاك ، وشعره ابيض كالثلج وكثيفا ، اما جسده فكان جافا من الاتعاب ولحيته مستطيلة إلى وسطه ورموش عينيه قد تساقطت من البكاء . وكان طويل القامة مع انحناء خفيف من الاكبر ، وقد انتهت حياته وهو فى سن الخامسة والتسعين وقد عاش فى العالم اربعين سنة فى البلاط ايام الملك ثيئودوسيوس الكبير والد الامبراطورين اورنوريوس واركاديوس ، وقضى فى الاسقيط اربعين عاما ، وقضى عشرة اعوام فى طرة التى بجانب بابليون فى مواجهة منف التى فى مصر . وسكن ثلاثة اعوام فى كانوبيس الاسكندرية . وفى العامين الباقيين جاء إلى طرة مرة اخرى حيث رقد ولقد اتتنهى حياته فى سلام وخوف الرب . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() الانبا اغاثون سيرته الرهبانية : كان اغاثون القديس حكيما فى معرفته ، حريصا على اتمام الوصايا ، بسيطا فى جسمه وكفنا فى كل الامور فى عمل اليدين وفى طعامه وفى ملبسه . حكمته : قيل عن القديس الكبير انبا اغاثون : ان اناسا مضوا إليه لما سمعوا بعظم افرازه وكثرة دعته . فارادوا ان يجربوهفقالوا له : أأنت هو عاثون الذى نسمع عنك انك متعظم ؟ فقال : نعم الأمر هو كذلك كما تقولون . فقالوا له : أنت اغاثون المهدار المحتال ؟ قال لهم : نعم أنا هو قالوا له : أأنت اغاثون المهرطق ؟ فاجاب : حاشا وكملا : انى لست مهرطقا فسألوه قائلين : لماذا احتملت جميع ما قلنا لك ولم تحتمل هذه الكلمة ؟ فا جابهم قائلا : ان جميع ما تكلمتم به على قد اعتبرته لنفسى ربحا ومنفعة إلا الهراطقة لانها بعد عن الله . وانا لا اشاء البعد عنه . فلما سمعوا اعجبوا من افرازه ومضوا منتفعين . + اعتاد انبا يوسف ان يقول : لما كنا جالسين مع انبا بيمن ذكر انبا اغاثون فقلنا له : (( انه رجل حديث السن ، فلماذا تدعوه ابا ؟ )) قال انبا بيمين : (( ان فمه هو الذى جعله يدعى ابا )). + قال الشيوخ الذين كانوا فى مصر لانبا ايليا ان انبا اغاثون كان رجلا عظيما فقال لهم الشيخ : (( من جهة حداثته ، كان رجلا عظيما فى جيله ، لقد رأيت فى الاسقيك شيخا استطاع ان يحجز الشمس عن مسلكها فى السماء مثل يشوع بن نون : (( ولما سمعوا هذا تعجبوا ومجدوا الله ) . صمته : اخبروا عن الانبا اغاثون : انه وضع فى فمه حجرا ثلاث سنين حتى تقن السكوت . محبته : + قال : انى ما رقدت قط وانا حاقط على انسان ولا تركت انسانا يرقد وهخو حاقد على حسب طاقتى . (أف 4:26) (رو 12:8). + وقال ايضا : ان أنا ربحت اخى فقد قربت قربانا. + قال انبا يوسف : ان اخا جاء إلى انبا اغاثون فوجد معه مسلة خياطة ( ابره كبيرة ) فأعجب الاخ بها لانها جيدة . فما كان من الشيخ إلا انه لم يتركه يمضى إلا بها. + مضى الاب اغاثون مرة ليبيع عمل يديه فوجد انسانا غريبا مطروحا عليلا وليس له من يهتم به . فحمله واجر له بيتا واقام معه يخدمه ويعمل بيديه ويدفع اجره المسكن وينفق على العليل مدة اربعة اشهر حتى شفى . وبعد ذلك انطلق إلى البرية وكان يقوم : كنت اشاء لو وجدت رجلا مخدوعا يأخذ جسدى ويعطينى جسده . + حدث مرة ان مضى إلى المدينة ليبيع عمل يديه فوجد انسانا مجذوما على الطريق فقال له المجذوم : إلى اين تذهب ؟ قال له : إلى المدينة . قال له المجذوم : اصنع معى رحمة وخذنى معك . فحملة واتى به إلى المدينة . ثم قال له المجذوم : خذنى إلى حيث تبيع عمل يديك . فأخذه ولما باع عمل يديه سأله المجذوم : بكم بعت ؟ فقال : بكذا وكذا : فقال له المجذوم : اشتر لى شبكة . فاشترى له . ومضى وباع ثم عاد وقال له المجذوم : خذ لى كذا وكذا من الاطعمة فأخذ له . ولما اراد المضى إلى قلايته قال له المجذوم : خذنى إلى الموع الذى وجدتنى فيه اولا . فحمله ورده إليه . فقال له الرجل : (( مبارك انت من الرب الهنا الذى خلق السماء والارض )) . فرفع انبا اغاثون عينيه فلم يره لانه كان ملاك الرب ارسل إليه ليجربه . شعوره بالغربة وبعده عن الاخوة المنحلين : + قال ان كان أحد يحبنى وانا احبه للغاية . وعلمت انه قد لحقتنى نقيصة بسبب محبته فانى اقطعه منى وانقطع منه بالكلية . + وقيل عنه ايضا : انه مكث زمانا يبنى مع تلاميذه قلاية فلما تمت وجلسوا فيها ظهر له فى الاسوع الأول امر ضايقه ، فقال لتلاميذه : هيا بنا ننصرف من هنا ، فانزعجوا جدا قائلين : حيث انك كنت عازما على الانصراف فلماذا تعبنا فى بناء القلاية ؟ إلا يصبح من حق الناس الآن ان يشكوا قائلين : ان هؤلاء القوم لا ثبات لهم ؟ . فلما رآهم صغيرى النفوس هكذا ، قال لهم : ان شك قليلون منهم فكثيرون سوف ينتفعون ويقولون : (( طوبى لاولئك الذين من اجل الرب انتقلوا واختبروا كل شيىء )) . فقمن اراد منكم ان يتبعنى فليجىء لانى قد اعتزمت نهائيا على الانصارف فما كان منهم إلا ان طرحوا أنفسهم على الأرض طالبين إليه ان يأذن لهم بالمسير معه. بساطته : + قيل عنه انه لما كان ينتقل ، وما كان يرافقه أحد سوى الجريدة التى كان يشق بها الخوص لاغير – ولما كان يعبر النهر كان يمسك المجداف بنفسه واذا رافق اخا كان يهيىء بنفسه المائدة لانه كان مملوءا حلاوة ومحبة ونشاطا . تدقيقه فى حياته ( نقاوته ): قيل عنه انه إذا تصرف فى امر واخذ فكره يلومه كان يخاطب نفسه قائلا : يا أغاثون ، لا تغفل انت هكذا مرة اخرى .. وبذلك كان يسكن قلبه . وقال ايضا ان الراهب هو ذلك الإنسان الذى لا يدع ضميره يلومه فى امر من الامور امانته : + اتاه اخ مرة يريد السكزنى معه وقد احضر معه قليلا من النطرون ووجده فى الطريق اثناء مجيئه . فلما رآه الشيخ قال له : من اين تلك هذا النطرون ؟ قال له الاخ : قد وجدته فى الطريق وانا سائر . فاجابه الشيخ قائى : ان كنت تشاء السكنى مع اغاثون امض إلى حيث وجدته وهناك ضعه . + وحدث مرة بينما كان سائرا مع تلاميذه ان وجد احدهم جلبابا اخضر فى الطريق . فقال له : يا معلم : هل تأذن لى ان اخذه ؟ فنظر إليه الشيخ متأملا وقال : هل انت تركته ؟ فقال : لا فقال له الشيخ . وكيف تأخذ شيئا ليس لك ؟. قناعته : قيل عن الانبا اغاثون والانبا آمون : \ انهما لما كان يبعان عمل ايديهما يقولان اثمن مرة واحدة . وما كان يعطى لهما يأخذانه يسكون ، كذلك إذا احتاجا لشىء يشتريانه كانا يقدمان المطلوب منهما بسكون ولا يتكلمان . عدم الادانة : + كان من عادة انبا اغاثون إذا رأى امرا وعملا وارد فكره ان يدين هذا العمل ويحكم عليه ان يخاطب نفسه قائلا : (( لا تعمل انت هذا الأمر )) وبهذه الطريقة كان يهدىء قلبه ويحفظ السكوت . + مرض دفعه انبا اغاثون واحد الشيوح واذا كان كلاهما يرقدان فى القلاية ، كان اخ يقرأ لهما سفر التكوين ، ولما وصل إلى الموضع الذى قال فيه يعقوب لاولاده : (( يوسف مفقود ، وشمعون مفقود ، وبنيامين تأخذونه .. لكى تنزلوا شيبتى بحزن إلى الهاوية ( تك 42- 38) اجاب الشيخ قائلا : اواه ما يعقوب . الم يكفيك العشرة اولاىد ؟ )) قال انبا اغاثون : (( احفظ السكون ايها الشيخ ، إذا كان الرب قد دعاه بارا ن فمن ذا الذى يدينه ؟)). تحفظه إلى النهاية : هذا القديس كان متحفظا جدا اذ كان يقول : (( بعير تحفظ كثير لا يقدر أحد ان يصل إلى الفضيلة )) وقيل عنه انه لما كان عتيدا ان ينطلق إلى الرب مكث ثلاثة ايام وعيناه مفتوحتان لا يتحرك . فاقامة الاخوة وقالوا له : يا ابانا انبا اغاثون : اين انت ؟! فقال : أنا واقف أمام عرش القضاء الالهى ! فقالوا له : اتفزع انت ايضا ؟! فا اجابهم قائى : (( على قدر طاقتى حفظت وصايا الله . إلا أننى انسان . من اين اعلم ان كان عملى ارضى الله ؟ )) فقالوا له : الست واثق بأن عملك مرضى عند الله ؟ فقال الشيخ : (( لن اتق دون ان القى الله لان حكم الناس شيىء وحكم الله شيىء اخر )) فطلبوا منه ان يكلمهم لمة تنفعهم . فقال لهم . اصنعوا محبة . ولا تكلمونى لانى مشغول فى هذه الساعة وللوقت تنيح . فأبصروا وجهه كمن يقبل حبيبه . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() الانبا ايسيذورس قس الاسقيك فضائل وتعاليم 1- تواضعه : + قيل عنه : إذا اوعزت إليه الافكار بأنه انسان عظيم كان يجيبها قائلا: (( العلى مثل انبا انطوينيوس او اصبحت مثل انبا بموا ؟ )) (1) واذا كان يقول ذلك يستريح فكره . واذا قالت له الشياطين : (( انك ستمضى إلى العذاب بعد كل هذه الاتعاب )) .فكان يجيبهم : (( إذا مض2يت إلى العذاب فسوف تكونون تحتى لان لصا ورق اللكوت بكلمة ، ويهوذا ايضا الذى قام بأعمال عظيمة مع الرسل خسر جهاده كله فى ليلة واحدة وهبط من السماء إلى الهاوية . فلا يفتخرن من يدير نفسه باستقامة ، لان جميع الذين وثقوا بذاواتهم سقطوا مع شي طين الشرة ، فاقمع اذن رغبتك قائلا: انتظر قليلا ، فلك ما يكفيك ، وكل باعتادك وببطء ، لان الذى يأكل بسرعة يشبه من يريد ان يأكل كثيرا . + قال انبا ايسيذورس : (( لما كنت فتى ، وكنت مقيما فى قلاية لم يكن لى قدره على الخدمة .. خدمة الصلاه والتسبيح .. وكانت هناك خدمة من اجلى ليلا ونهارا))(2) 2- طول اناته : + قيل ان كل من كان عنده اخ صغير النفس او شتاما او عليلا ويطره من عنده ، كان القس ايسذورس يأخذه إلى عنده ويطيل روحه عليه ويخلق نفسه . + قيل انه كان لدى انبا اييذورس قس الاسقيط اخ ضعيف العقل وكان شتماما ، واراد انبا ايسيذورس ان يطرده من مسكنه ، وعندما وصل ذاك الاخ إلى باب الدير ، قال الشيخ مرة اخرى : احضروه ووبخه قائلا : (( ايها الاخ ، اهدأ ، لئلا تثير عضب الله بقلة فهمك وعدم صبرك )) وهكذا بطول اناته هدأ انبا ايسيذورس ذاك الاخ. + ساله الاخوة مرة قائلين : لماذا تفزع منك الشياطين ؟ فقا ل لهم : (( لانى منذ ان صرت راهبا حتى الآن لم ادع العضب يجوز حلقى إلى فوق )) . + وقال ايضا : ها ان لى اربعين سنة ، كنت إذا احسست بعقلى بالخطية خلالها لا اخضع لها قط حتى ولا للغضب . + وقال ايضا : ان لى عشرين سنة وانا مداوم على محاربة فكر واحد حتى ارى جميع الناس بعقل واحد . 3- محبته للوحدة : توجه انبا ايسيذورس مرة إلى البابا تيئوفيلس بطريرك الاسكندرية ولما رجع سأله الاخوة عن حال مدينة الاسكندرية فقال لهم : انى لم ابصر فيها انسانا إلا البطريرك وحده . فتعجبوا وقالوا له : اتريد ان تقول ان مدينة الاسكند=رية خالية من الناس ؟ قال : كلا . لكنى لم اسمح لعقلى ان يفكر فى رؤية أى انسان . 4- تجلده فى القلاية : + قيل عنه : اتفق ان دعاه أحد الاخوة إلى تناول الطعام فرفض السيخ قائلا : ان آدم بالطعام خدع فصار خارج الفردوس يأكله واحده . فقال انه الاخ : بهذا المقدار تخشى الخروج خارج القلاية ؟ قال له الشيخ : وكيف لا اخشى يا ولدى والشيكطان يزار مثل سبع ملتمسا من يبتلعه . + وكان إذا مضى إليه انسان فانه يدخل إلى القلاية الداخلية ويكلمه من داخل الباب . فقال له الاخوة : لماذا تفعل هكذا ؟ فقال لهم : ان الوحوش إذا ابصرت من يخيفها هربت إلى جحورها ونجت . 5- اجهاده لنفسه : + قال انبا بيمن : ان انبا ايسيذورس كان يضفر فى كل ليلة حزمة خوص فسأله الاخوة قائلين : (( ايها الاب ارح نفسك لانك قد شخت ؟ فأجابهم : لو احرقوا ايسيذورس بالنار وذروا رماده فى الهواء ، فلن يكون لى افضل لان ابن الله من اجلى نزل إلى الأرض . + وقال ايضا : فى إحدى المناسبات قال انبا ايسيذورس قس الكنيسة للشعب : (( يا أخوتى ، لا يليق ان تتنقلوا من موضع بسبب التعب ، اما من جهتى فانى احزم امرى وامضى حيث يوجد التعب ، والجهاد يصبح للنفس لذه . + وقال انبا ايسيذورس : ها ان لى اربعين سنة ، لم استند على شيىء ولم ارقد (1) . + وقال ايضا : ها أن لى اربعين ليلة . وانا واقف لم ارقد (2) . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() الأنبا موسى الأسود نشأته وحياته الأولى : لا يعرف على وجه التحديد فى اية منطقة نشأ القديس موسى ولا اية قبيلة كان ينتمى ، قيل انه من إحدى قبائل البربر والقليل المعروف عن طفولته وشبابه ليس فيه ما يعجب به . حياة التوبة : بالرغم من شرور موسى وحياته السوداء أمام الجميع إلا انه الله الرحوم وجد فى قلب موسى استعدادا للحياه معه .. فكان موسى من وقت سماعه عن آباء برية شهيت القديسين وشدة طهارة سيرتهم وجاذبيتهم العجيبة للاخرين .. يتطلف إلى الشمس التى لا يعرف غيرها الها ويقول لها : (( ايتها الشمس ان كنت انت الاله . وانت ايها الاله الذى لا اعرفه عرفنى ذاتك )) فسمع موسى من يخبره ان رهبان وادى هيب ( برية شهيت ) يعرفون الله . فقان لوقته وتقلد سيفه واتى إلى البرية . توبته : هناك فى البرية تقابل مع انبا ايسيذورس وطلب منه ان يرشده إلى خلاص نفسه فاخذه انبا ايسيذورس وعلمه ووعظه كثيرا بكلام الله وكلمة عن الدينونة والخلاص ، وكان لكلمة الله الحية عملها فى داخل قلبه واستكملت فاعليتها داخل نفسه فكانت دموعة مثل الماء الساقى ، وكان الندم الحار يجتاح نفسه ويقلق نومه وهكذا كره حياته الشريرة وعزم على التخلص منها فقام إلى القديس ايسيذورس ثانية . اعترافه بخطاياه ونواله سر العماد : كان يركع أمام قس الاسقيط ويعترف بصوت عال بعيوبه وجرائم حياته الماضية فى تواضع كثير وبشكل يدعو إلى الشفقة ووسط دموع غزيرة . فأخذه القديس ايسيذورس إلى حيث يقيم أنا مقاريوس الكبير الذى اخذ لعمه وبرشده برفق ولين ثم منحه صبغة المعمودية المقدسة . واعترف علنا فى الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية وكان القديس أبو مقار اثناء الاعتراف يرى لوحا عليه كتابة سوداء ، وكلما اعترف موسى بخطية قديمة مسحها ملاك الله حتى اذ انتهى من الاعتراف وجد اللوح ابيضا . حياته الرهبانية : بعد ان سمع موسى لكلام ايسيذورس سكن مع الاخوة الرهبان وقيل انهم كانوا يفزعون منه فى بادىء الأمر لانه كان فى حياته الماضية (( رعب المنطقة)) ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا فيه مثال الاتضاع والجهاد الروحى والنظام ولكثرة الزائرين له اشار علي القديس مقاريوس بأن يبتعد من ذلك المكان إلى قلاية منفردة فى القفر والحال اطاع القديس موسى وانفرد فى قلايته وعاش فى وحدته مثابراً على الجهاد الروحى وتزايد فيه جداً وكان مندفعاً فى الصوم والصلاة والتأمل والندم ، لكن الشيطان لم يحتمل فعل القديس هذا فابتدأ يقاومه بكل قوته. جهاده ونصرته فى الحياة الرهبانية 1 – تدريب الصوم والصلاة: بينما كان القديس موسى مداوماً على الصوم والصلاة والتأمل إذ بشيطان الخطية يعيد إلى ذاكرته العادات المرذولة القديمة ويزينها له بعد أن استثارت روحه وعاد إلى معرفة الله ، ولما اشتدت عليه وطأة الافكار الشريرة مضى إلى القديس ايسيدروس واخبره بحرب الجسد الثائرة ضده فعزاه قائلاً " لا تحزن هكذا وانت مازلت فى بدء الصعوبات ولمدة طويلة سوف تأتى رياح التجارب وتقلق روحك فلا تخف ولا تجزع – وانت اذا ثابرت على الصوم والسهر واحتقار اباطيل هذا الدهر سوف تنتصر على شهوات الجسد". واستفاد موسى من كلام القديس ايسيذورس ورجع إلى قلايته منفرداً وممارساً انواعاً كثيرة من امانة الجسد، ولم يتناول سوى القليل من الخبز مرة واحدة فقط فى اليوم كله مثابراً على الصلوات وعمل اليدين. 2 – خدمة الآخرين والهرب إلى الفراغ: كانت المياه يصعب احضارها إلى القلالى إذ كان يلزم ان يسيروا مسافة كثيرة واستغل موسى الاسود هذه الفرصة واخذ يدرب نفسه على اعمال المحبة ، فكان يخرج ليلاً ويطوف بقلالى الشيوخ ويأخذ جرارهم ويملآها بالماء ، فلما رأى اشليطان هذا العمل لم يحتمله فتركه إلى ان أتى فى بعض الايام إلى البئر ليملاً قليلاً من الماء وضربه ضرباً موجعاً حطم عظامه حتى وقع على الارض مثل الميت وجاء بعض الاخوة فحملوه ومضوا به إلى البيعة. وهناك اقام القديس بالبيعة نحو ثلاثة ايام ثم رجعت روحه اليه. 3 – الانسحاق امام الله وعدم الاتكال على برنا وقوتنا: تزايد الاب موسى جداً فى نسكه وفى مقابلته لذاته لدرجة كبيرة ولكن بالرغم من هذه الاماتات والسهر وقهر الذات – لم يمكنه ان يلاشى من مخيلته تلك الاشباح الدنسة بل كانت تزداد كلما ازداد هو فى محاربتها ، وربما كانت زيادة تقشفانه هذه بدون اذن من مرشده الروحى ، لانه لما ذهب اليه يشكو حاله قال له "ينبغى عليك الاعتدال فى كل شئ حتى فى اعمال الحياة النسكية" ، كما قال له أيضاً : " يا ولدى كف عن محاربة الشياطين لان الانسان له حد فى قوته. ولكن اذا لم يرحمك الله ويعطيك الغلبة عليهم هو وحده فما تقدر عليهم ابداً امض الان وسلم امرك لله وانسحق امامه وداوم على الاتضاع وانسحاق النفس فاذا نظر الله إلى صبرك واتضاعك فانه يرحمك ". فأجاب موسى " أنى اثق فى الله الذى وضعت فيه كل رجائى ان اكون دائماً متسلحاً ضد الشيطان ولا أبطل اثارة الحرب ضدهم حتى يرحلوا عنى " فلما رأى القديس ايسيذروس منه هذا الايمان حينئذ قال له : " وانا أؤمن ايضاً بسيدى يسوع المسيح00 وباسم يسوع المسيح من هذا الوقت فصاعاداً سوف تبطل الشياطين قتالها عنك " وقال له : امض إلى البيعة المقدسة وتناول من الاسرار الالهية واستمر القديس موسى يصنع كقول الشيخ مواظباً على ذلك فاعطاه الله نعمة عظيمة وتواضعاً وسكوناً فانحلت عنه قوة الافكار ومن ذلك الوقت عاش موسى فى سلام وازداد حكمه. جهاده فى الفضائل 1 – تواضعه واحتماله الاهانات: انعقد مجلس وارادوا ان يمتحنوا انبا موسى فنهروه قائلين : لماذا يأتى هذا النوبى هكذا ويجلس فى وسطنا؟ فلما سمع ذلك الكلام سكت. وعند انفضاض المجلس قالوا له " يا أبانا لماذا لم تضطرب؟ فأجابهم قائلاً : " الحق انى اضطربت ولكنى لم اتكلم شيئاً ". وسأل بعض الاخوة احد الشيوخ عن المعنى الذى قصده انبا موسى بقوله "الحق انى اضطربت ولكن لم اقل شيئاً" فأجاب الشيخ: " ان كمال الرهبان يكون فى ناحيتين ، الأولى سكون حواس الجسد ، والثانية سكون حواس النفس ، وأن سكون حواس الجسد يكون عندما يحتمل الانسان الاهانة لاجل السيد المسيح فلا يتكلم ولو انه قد يضطرب. أما سكون النفس فهو ان يهان الانسان دون ان تضطرب نفسه او يتسرب إلى قلبه الغضب". قيل عنه : انه لما رسم قسا البسوه ثوب الخدمة الابيض فقال له احد الاساقفة: ها أنت قد صرت كلك ابيض يا انبا موسى. فقال : " ليت ذلك يكون من داخل كما من خارج". أراد رئيس الاساقفة ان يمتحنه فقال للكهنة : " اذا جاء انبا موسى إلى المذبح اطرده لنسمع ماذا يقول " فما دخل انتهروه وطردوه قائلين له " اخرج يا اسود إلى خارج الكنيسة ". فخرج انبا موسى وهو يقول : " حسناً فعلوا بك يا رمادى اللون يا اسود الجلد. وحيث انك لست بانسان فلماذا تحضر مع الناس؟". 2 – هروبه من المجد الباطل: سمع حاكم المنطقة يوماً بفضائل القديس موسى واراد ان يراه فاتخذ طريقه إلى شيهيت فعلم الاب القديس ( وكان متقدماً فى السن ) بهذه الزيارة ، ولكة يهرب من المجد الباطل اختبأ وسط البوص فى المستنقع ، وفى طريقه تقابل مع الحاغكم وحاشيته الكريمة ، فقال له الحاكم: " أيها الرجل العجوز هل يمكن أن تعلمنى أين توجد قلاية الاب موسى " فرد عليه : " وماذا تريد اذن ان تسأله فهو رجل متقدم فى الايام وغير مستقيم"؟00 فسبب هذا الحديث قلقاً للحاكم واستمر فى طريقه وقرع باب الدير حيث كان الاخوة ينتظرونه ، فقال لهم: " يا آبائى لقد سمعت كلامأً كثيراً عن الاب موسى ، وجئت للصحراء لكى اراه ، وعلى مسافة من هذا المكان تقابلت عند المستنقع مع عجوز وسألته اين قلاية الاب موسى فرد على أن فى الذهبا اليه مشقة كبيرة ، وهو رجل عجوز غير مستقيم00" وكان لهذه الكلمات وقع كبير فى نفوس الجميع ، فأخذوا يصرخون ويحتجون بشدة من ترى يكون هذا العجوز الضعيف العقل هكذا حتى يتكلم بهذه الطريقة عن الاب القديس المكرم فى كل شيهيت ، فقال الزائر العظيم انه عجوز ضئيل الجسم يلبس ملابس طويلة وبالية جداً ووجهه اسمر من الشمس ، وله ذفن بيضاء طويلة ونصف رأسه خال من الشعر ، وعند ذلك فهموا السر ، فقد كان الحاكم قد تقابل مع الاب موسى نفسه وتصنع ذلك ووصف نفسه بالكلمات المذكورة ، فرجع الحاكم متأثراً جداً. 3 – زهده : حدث ان قوماً أتوا اليه من مصر وكان موضوعاً على المائدة ثعبان مشوى ، ولما حان وقت الغذاء واراد الاخوة أن يأكلوا منعم القديس قائلاً: " لا تقربوا هذا يا اخوتى فانه وحش شرير " فقالوا له: " ماذا فعلت هكذا يا ابانا؟ " فقال لهم : " يا اخوتى ان هذه النفس المسكينة اشتهت سمكاً ففعلت هذا كى ما اكسر شهوتها الرديئة" فتعجل الاخوة كثيراً ومجدوا الله الذى اعطى قديسه هذه النعمة العظيمة. 4 – فاعلية صلاته : قيل عن انبا موسى : انه لما عزم على الإقامة فى الصخرة تعب ساهراً. فقال فى نفسه كيف يمكننى ان اجد مياهاً لحاجتى ها هنا. فجاءه صوت يقول له: ادخل ولا تهتم بشئ. فدخل وفى احد الايام زاره قوم من الاباء ولم يكن له وقتئذ سوى جزء ماء فقط. فأعد عدساً يسيراً ، فلما نفذ الماء حزن الشيخ وصار يخرج ويدخل ثم يخرج ويدخل هكذا 00 وهو يصلى إلى الله. واذ بسحابة ممطرة قد جاءت فوقه حيث كانت الصخرة. وسرعان ما تساقط المطر فامتلأت اوعيته من الماء . فقال له الآباء: لماذا كنت تدخل وتخرج؟ فأجابهم وقال: كنت اصلى الله اله قائلاً: انك انت الذى جئت بى إلى هذا المكان وليس عندى ماء ليشرب عبيدك. وهكذا كنت ادخل واخرج مصلياً لله حتى ارسل لنا الماء. 5 – اخفاء تدبيره وحفظه وصية المسيح: حدث مرة ان اعلن فى الاسقيط ان يصام اسبوع وتصادف وقتئذ ان زار الانبا موسى اخوة مصريون. فأصلح لهم طبيخاً يسيراً. فلما أبصر القاكنون بجواره الدخان اشتكوا لخدام المذبح قائلين: هو ذا موسى قد حل الوصية إذ اعد طبيخاً. فطمأنهم اولئك قائلين: بمشيئة الرب يوم السبت سوف نكلمه,. فلما كان السبت وعلموا السبب قالوا لانبا موسى امام المجمع: " ايها الاب موسى ، حقاً لقد ضحيت بوصية الناس فى سبيل اتمام وصية الله". 6 – جلوسه فى القلاية وصبره على احزانها: قيل ان الأب الكبير الانبا موسى الاسود قوتل بالزنا قتالاً شديداً فى بعض الاوقات. فقام ومضى إلى أنبا ايسيذورس وشكا له حاله فقال له: ارجع إلى قلايتك. فقال انبا موسى: انى لا استطيع يا معلم. فصعد به إلى سطح الكنيسة وقال له: انظر إلى الغرب فنظر ورأى شياطين كثيرين ، يتحفزون للحرب والقتال ثم قال له: انظر إلى الشرق فنظر ورأى ملائكة كثيرين يمجدون الله. فقال له: اولئك الذين رأيتهم فى الغرب هم محاربونا. أما الذين رأيتهم فى الشرق فانهم معاونونا. ألا نتشجع ونتقو اذن مادام ملائكة الله يحاربون عنا؟ فلما رآهم موسى فرح وسبح الله ورجع إلى قلايته بدون فزع. قيل اضاف انبا موسى أخا فطلب منه كلمة فقال له: امض واجلس فى ثلايتك والقلاية سوف تعلمك كل شئ. 7 – فضائله : عطفه على الخطاة وعدم ادانته لهم: قيل: اخطا أخ فى الاسقيط يوماً فانعقد بسببه مجلس لادانته وأرسلوا فى طلب انبا موسى ليحضر فأبى وامتنع عن الحضور فأتاه قس المنطقة وقال: " ان الآباء كلهم ينتظرونك " فقام واخذ كيساً مثقوباً وملأه رملاً وحمله وراء ظهره وجاء إلى المجلس. فلما رآه الاباء هكذا قالوا له: ما هذا ايها الاب؟ فقال: " هذه خطاياه وراء ظهرى تجرى دون ان أبصرها ، وقد جئت اليوم لادانة غيرى عن خطاياه " فلما سمعوا ذلك غفروا للاخ ولم يحزنوه فى شئ. اعتاد القول ان وجه " انبا بموا " كان مثل الضياء تماماً ، كما أخذ موسى مجداً شبه آدم ولمع وجهه وكان مثل ملك مستو على عرشه ، كذلك كان الحال مع انبا سلوانس وانبا صيصوى. استشهاده بينما كان الاخوة جالسين بالقرب من القديس موسى فى احدى المناسبات قال لهم: " سوف يقبل البربر اليوم إلى البرية " الاسقيط " فقوا ، اهربوا " ، قالوا له: الا تريد انت الهرب يا أبانا؟ أجابهم: طوال هذه السنين وانا انتظر هذا اليوم لكى يتم قول فادينا الذى قال: " الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون مت 26 : 52 " قالوا: " نحن أيضاً لا نهرب ولكن نموت معك " فأجاب وقال لهم: " هذا ليس شأنى انما رغبتكم ، ليهتم كل انسان بنفسه فى الموضع الذى يسكن فيه " وكانوا سبعة اخوة. وبعد برهة من الزمن قال لهم: " هو ذا البربر يقتربون إلى الباب ، فدخل البربر وقتلوهم ولكن واحداً منهم خائفاً هرب بين الحصير ورأى سبعة تيجان نازلة من السمء توجت السبعة الذين ذبحوا" أقوال القديس فى الفضائل والرذائل خوف الله يطرد جميع الرذائل والضجر يطرد خوف الله. كما يفعل السوس فى الخشب كذلك تفعل الرذيلة فى النفس. + ستة أشياء تدنس النفس والجسد: المشى فى المدن. اهمال العينين بلا حفظ – التعرف بالنساء – مصادفة الرؤساء محبة الاحاديث الجسدانية – الكلام الباطل. + أربعة يجب اقتناؤها: الرحمة. غلبة الغضب . طول الروح. التحفظ من النسيان. + أربعة يحتاج اليها العقل كل ساعة: الصلاة الدائمة بسجود قلبى – محاربة الافكار – أن تعتبر ذاتك خاطئاً – الا تدين احداً. + أربعة عون الراهب الشاب : الهذيذ فى كل ساعة فى ناموس الله – مداومة السهر – النشاط فى الصلاة – الا يعتبر نفسه شيئاً. + أربعة تؤدى إلى الزنى: الاكل والشرب – الشبع من النوم – البطالة واللعب – التزين بالملابس. + اربعة مصدر ظلمة العقل: مقت الرفيق – الازدراء به – حسده – سوء الظن به. + أربعة أمور بها يتحرك فى الانسان الغضب: الاخذ والعطاء – اتمام الهوى – محبته فى ان يعلم غيره – ظنه فى نفسه انه عاقل. + اربعة تقتنى بصعوبة : البكاء –تأمل الانسان فى خطاياه – جعل الموت بين عينيه – ان يقول فى كل أمر "أخطأت" ، " اغفر لى ". ومن يحرث ويتعب فانه يخلص بنعمة ربنا يسوع المسيح. أقوال القديس عن العقل 1 – جودته : ثلاثة اشياء تكون من جودة العقل : الايمان بالله ، والصبر على كل محنة ، وتعب الجسد حتى يذل. 2 – فرحه : ثلاثة اموار يفرح بها العقل : تمييز الخير من الشر ، التفكير فى الامر قبل الاقدام عليه ، والبعد عن المكر. 3 – استنارته : ثلاثة اشياء يستنير بها العقل : الاحسان إلى من اساء اليك ، والصبر على ما ينالك من اعدائك ، وترك النظر او الحسد لمن يتقدمك فى الدنيا. 4 – تطهيره : ستة اشياء يتطهر بها العقل : الصمت ، حفظ الوصايا ، الزهد فى القوت ، الثقة بالله فى كل الأمور مع ترك الاتكال على اى رئيس من رؤساء الدنيا ، فمع القلب عن الفكر الردئ وعدم استماع كلام الاغنياء ، والامتناع عن النظر إلى النساء. 5 – ما يحارب العقل : ثلاثة امور تحارب العقل : الغفلة – الكسل – ترك الصلاة. اقوال القديس عن النفس 1 – حفظ النفس: اربعة تخفظ النفس : الرحمة لجميع الناس – ترك الغضب – الاحتمال – اخراج الذنب وطرحه من القلب بالتسبيح. 2 – ظلام النفس يأتى من : المشى فى المدن والقرى – النظر مجد العالم – الاختلاط بالرؤساء فى الدنيا. 3 – عمى النفس000 يأتى من: البغضة لاخيك- الازدراء بالمساكين خاصة – الحسد والوقيعة. 4 – هلاك النفس 00 يأتى من: الجولان من موضع إلى موضع – محبة الاجتماع بأهل الدنيا – الاكثار من الترف والبذخ – كثر الحقد فى القلب. أمور تولد النجاسة : تتولد من الشبع من الطعام – السكر من الشراب – كثرة النوم – نظافة البدن بالماء والطيب وتعاهد ذلك كل وقت. أمور تولد الغضب : المعاملة – المساومة – الانفراد برأيك فيما تهواه نفسك – عدولك عن مشورة الاخرين – واتباع شهواتك. الحفظ من الفكر الردئ: يأتى من : القراءة فى كتب الوصايا – طرح الكسل – القيام فى الليل للصلاة والابتهال – التواضع دائماً. الوصول للملكوت : يساعد عليه : الحزن والتنهد دائماً – البكاء على الذنوب والاثام – انتظار الموت فى كل يوم وساعة. قال الكتاب المقدس + " اجتهدوا ان تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 14 ) + " 00 لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين. لانكم ان فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى مكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الابدى " ( 2 بط : 10 ، 11 ) |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() أنبا زكريا سيرته وتعاليمه كيف صار شبه الملائكة: " طهارة الحقيقية " رهبته : كان لرجل اسمه قاريون ولد صغير اسمه زكريا ، هذا اتى الى الاسقيط وترهب به ومعه ابنه. وقد ربى ابنه هناك وعلمه بما ينبغى. وكان الصبى جميل الخلقة وحسن الصورة جداً. فلما شب حدث بسببه تذمر بين الرهبان ، فلما سمع الوالد بذلك قال لابنه: يا زكريا هيا بنا نمضى من هاهنا لان الاباء قد تذمروا بسببك ، فأجاب الصبى أباه قائلاً: يا أبى ان الكل هاهنا يعرفون انى ابنك ولكن ان مضينا الى مكان اخر ، فلن يقولوا انى ابنك ، فقال الوالد : هيا بنا يا بانى نمضى الان فان الاباء يتذمرون بسببنا. وفعلا قاما ومضيا الى الصعيد ، واقاما فى قلاية ، فحدث سجس كذلك ، فقام الاثنان ومضيا الى الاسقيط ثانية ، فلما اقاما اياما عاد السجس عينه فى أمر الصبى. لما رأى زكريا ذلك مضى الى غدير معدنى ( كبريتى ) وخلع ملابسه وغطس فى ذلك الماء حتى انفه ، واقام غاطساً عدة ساعات منفخاً ، فتشوه وتغيرت ملامحه ، فلما لبس ثيابه وجاء الى والده لم يتعرف عليه الا بصعوبة. حدث ان مضى بعد ذلك الى الكنيسة لتناول الاسرار فعرفه القس ايسيذورس وعندما رآه هكذا تعجب مما فلعه وقال: ان زكريا الصبى جاء فى الاحد الماضى وتقرب على انه انسان. اما الان فقد صار شبه ملاك. المرشد الروحى: ودفعه عندما كان اتنبا زكريا ساكناً فى الاسقيط ظهرت له رؤية من الله. فنهض وجاء الى ابيه ، انبا فاريون ، وكان الشيخ كاملاً ، ولم يأل جهداً فى أن يفاخر بهذه الامور بل نهض وضربه قائلاً : " هذه الرؤية من الشياطين ". وعندما فكر فى الامر قام ومضى ليلاً الى انبا بيمين ، واعلمه بالأمر ، وكيف كانت أفكاره تلتهب فى قلبه. فعلم الشيخ أن الأمر هو من الله ، وقال له : " امض إلى ذاك الشيخ. وافعل كل ما يوصيك به". ولما مضى إلى ذاك الشيخ ، وقبل أن يخاطبه بشئ ، قال له الشيخ : " ان الرؤية من الله ، ولكن امض واخضع إلى أبيك". فضائله اتزان عقله وسكونه: قال انبا قاريون : انى بذلت أتعابا كثيرة بجسدى لكنى لم اصل إلى رتبة ابنى زكريا فى اتزان العقل والسكون. تعاليمه ما هو الراهب الحقيقى : سأل الأب مقاريوس الكبير مرة زكريا وهو مازال فى حداثة سنه قائلا: قل لى : " يا زكريا ما هو الراهب الحقيقى؟ ". قال له زكريا : يا أبى أتسألنى أنا؟! قال له الشيخ : نعم يا ابنى زكريا ، فان نفسى متيقنة بالروح القدس الذى فيك ، ان شيئاً ينقصنى يلزم ان أسالك عنه. فقال له الشاب: " ان الراهب هو ذلك الإنسان الذى يرذل نفسه ويجهد ذاته فى كل الأمور " كيف يخلص الراهب: قيل : أتى أنبا موسى مرة ليستقى ماء فوجد أنبا زكريا على البئر يصلى وكان ممتلئاً من روح الله. فقال له : يا أبتاه قل لى ماذا أصنع لأخلص ، فما أن سمع الحديث حتى انطرح بوجهه عند رجليه وقال له : يا ابى لا تسألنى أنا. قال أنبا موسى : صدقنى يا ابنى زكريا أن أبصرت روح الله حالاً عليك ولذلك وجدت نفسى موقاً من نعمة الله أن أسألك لتناول زكريا قلنسوته ووضعها عند رجليه وداسها ، ثم رفعها ووضعها فوق رأسه وقال : ان لم يصر الراهب هكذا منسحقاً فلن يخلص. السكوت : لما حضرت أنبا زكريا الوفاة سأله أنبا موسى قائلاًُ : أى الفضائل أعظم يا ابنى. فأجابه على ما أراه يا أبتاه، ليس شئ أفضل من السكوت ، فقال له : حقاً يا ابنى بالصواب تكلمت. نياحته : فى وقت خروج روحه كان أنبا ايسيذروس القس جالساً فنظر إلى السماء وقال : اخرج يا ابنى زكريا فان أبواب ملكوت السموات قد فتحت لك. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() أنبا يوحنا القصير من سيرة القديس : اسمه يؤنس القصير ولوانه فى الحقيقة – كما سنرى – كبير عظيم فى الرهبان جداً. 1 – جهاده الروحى : أ – طاعته وتلمذته لمعلمه مضى القديس يوحنا القصير إلى شيخ يدعى أنبا بموا كان مقيماً فى البرية وتتلمذ له. وحدث أن معلمه دفع إليه غصناً يابساً وأمره أن يغرسه ويسقيه كل يوم بجرة ماء ، وكان الماء بعيداً عنهما ، فكان يمضى فى العشية ويجئ فى الغد ، وبعد ثلاث سنين أخضر الغصن وأعطى ثمرة ، فجاء بها الشيخ ، الذى جاء بها إلى الكنيسة وقال للإخوة " خذوا كلوا من ثمرة الطاعة ". كانت لهذا القديس طاعة عظيمة لأبيه فقد حدث أيضاً انه كان يوجد فى تلك الأماكن مقابر ، وكانت تسكنها ضبعة ضارية ، وإذ رأى الشيخ هناك قلة ( يمانية ) ، سأل يوحنا أن يمضى بها فقال له : " وماذا أصنع بالضبعة يا أبتاه؟ " ، فقال له الشيخ: "إن أقبلت الضبعة نحوك ، فاربطها وقدها إلى هنا " ثم مضى الأخ وكان الوقت مساء، فلما أقبلت الضبعة نحوه ، تقدم إليها ، فهربت ، فتعقبها قائلاً : " إن معلمى طلب إلى أن أمسكك وأربطك ، فوقفت ، فأمسك بها وربطها ، وأقبل بها نحو الشيخ ، وكان الشيخ وقتئذ جالساً منتظراً مفكراً ، فلما أبصره تعجب كيف أمكنه إحضار الضبعة ، وإذ أراد أن يحفظه من الكبرياء ضربه قائلاً : " لقد طلبت منك أن تحضر لى الضبعة ، فتمضى وتأتينى بكلب " ، وللوقت حلها وأطلقها. مرض معمله ونياحته : كان الأب يوحنا القصير وهو شاب تلميذاً للأنبا بموا وقد استمر فى خدمة معلمه الشيخ أثناء مرضه مدة اثنى عشرة سنة وكان يرقد بجواره على الفراش ليستند عليه الشيخ فى قيامه ورقاده ولشدة مرضه كان يبصق فيقع البصق على تلميذه يوحنا الذى تعب كثيراً. وفى كل هذه المدة لم يسمع منه كلمة شكر. ولما دنت وفاة الشيخ. واجتمع حوله الشيوخ أمسك بيد تلميذه وبارك عليه ولمه إليهم قائلاً : " هذا ملاك وليس انساناً " ب- نقاوته أتى إلى قلايته احد الشيوخ فوجده نائماً فى حر النهار وملاكاً واقفاً عنده يروح عليه ، فانعزل عنه منصرفاً. فلما استيقظ قال لتلميذه : أتى إلى هنا إنسان وأنا نائم ، فقال له : " نعم ، فلان الشيخ ، فعلم حينئذ أن ذلك الشيخ معادل له وأنه أبصر الملاك. وقيل عنه إذا أبصر إنسانا كان يبكى بكاء شديداً ، ويقول : " إن هذا أخطأ اليوم ولكنه ربما يتوب. أما أنا فإنى أخطئ عدا وربما لا أعطى مهلة كى أتوب هكذا يجب أن نفكر ولا ندين أحدا ". ولهذا كان يسافر إلى مسافات بعيدة لهداية الخطاة. القديس يطلب هداية الخطاة : علم من شيخ البرية عن ارتداد بائيسة التى ولدت فى منوف من أبوين غنيين. ولما توفيا جعلت منزلها مأوى للغرباء والمساكين ، واجتمع بها قوم اردياء واستمالوا قلبها إلى الخطية. حتى جعلت بيتها ماخورا تقبل فيه كل الأثمة. فاتصل خبرها بشيوخ شبهيت القديسين فحزنوا حزناً عميقاً وطلبوا إلى القديس يوحنا القصير أن يمضى إليها ويساعدها على خلاص نفسها. فذهب القديس حالاً بعد أن طلب منهم أن يصلوا لأجله. ولما وصل إلى بيتها قال للبوابة : اعلمى سيدتك بقدومى فلما أعلمتها تزينت واستدعته. فدخل وهو يرتل قائلاً: " إذا سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معى " (مر 23 : 4 ) ولما جلس نظر إليها وقال : لماذا استهنت بالمسيح فاديك وأتيت هذا المنكر؟ فارتعدت وذاب قلبها من تأثير كلام القديس. ثم أحنى رأسه إلى الأرض وبكى. فسألته ما الذى يبكيك؟ فأجابها لأنى أعاين الشياطين تلعب على وجهك ولهذا أنا ابكى عليك. فقالت : وهل لى توبة؟ أجابها : نعم ولكن ليس فى هذا المكان. ثم أخذها إلى البرية ولما أمسى النهار نامت والقديس نام بعيداً عنها. ثم وقف القديس ليصلى صلاة نصف الليل فرأى عامود نور نازلاً من السماء. وملائكة الله يحملون روحها. فاقترب منها فوجدها قد ماتت. فسجد إلى الأرض وصلى صلاة طويلة بسببها فسمع صوتاً يقول: ان توبة بائسية قد قبلت وقت توبتها لأنها تابت بقلبها توبة خالصة. وبعد ان دفن جسدها وصل إلى ديره ,اعلم الشيوخ فمجدوا الله الذى لا يشاء موت الخاطئ. جـ - تعليمه للاخوة وسعة قلبه مضى إليه أخ من الاسقيط عمال بالجسد ولكنه لا يحفظ الأفكار فسأله النسيان فسمع منه قولاً ورجع إلى قلايته فنسى القول : فعاد أيضاً إليه فسمع القول أيضاً يعينيه فلما عاد إلى قلايته نسى القول أيضاً. فصنع هكذا دفعات. وعند ذلك لقى الشيخ فقال له: " يا أبتاه اننى قد نسيت الذى قلت لى. ما اسبحك بعد زلا ارجع اليك". فقال له أنبا يوحنا: " قم وأوقد سراجاً " ففعل كما أمره. فقال له " احضر سراجاً أخر وأوقده منه " فصنع ايضاً كذلك فقال أنبا يوحنا : لعل السراج نقص أو ضرراً ناله بايقادك منه السرج الكثيرة؟! فقال له " ما نقص شيئاً فأجابه الشيخ قائلاً : " هو هكذا المسكين يوحنا لو جاء إليه جميع أهل الاسقيط لما أنقصوه من نعمة الروح القدس. وأنت متى أردت فهلم إلى ولا تشك فى بشئ " هكذا رفع عنه النسيان وكذلك كان عمل شيوخ الاسقيط يعطون نشاطاً للمقاتلين ويكلفونهم بعمل الوصايا لكى يريحوا بعضهم بعضاً. وحدث مرة انه كان جالساً مع الاخوة أمام الكنيسة وكان كل واحد منهم يكشف له أفكاره. فنظر أحد الشيوخ وامتلأ حسداً عليه ، فقال : " يا يوحنا انك ممتلئ سحراً " فقال : " الأمر هكذا كما تقول يا أبتاه ولكنك بنيت حكمك هذا على ما نظرته فى الظاهر ، فما عساك كنت تقول لو علمت بالخفاء ". كان جالساً فى الاسقيط وقد أحدق به الاخوة يكشفون له افكارهم فلما رآه. أحد الشيوخ قال له : يا يوحنا. لقد زينت ذاتك كالزانية التى تكثر من عشاقها. فصنع له له مطانية قائلاً : " حقاً قلت يا أبتاه " وبعد ذلك سأله الاخوة ان كان قد اضطرب من داخل ، فقال : " ما اضطربت البتة ، لكن كما كان خارجى كذلك كان باطنى ". ودفعة سأله بعض الآباء قائلين : " ما هى الرهبنة؟ فقال : " تعب الجسد ومقاتلة البطن ". وبينما هو ذاهب مرة إلى البيعة قابله أحد الشيوخ وقال له : ليس هذا وقت العبادة فارجع إلى مكانك يا قصير ( تعبيراً وتقريعاً ) وطرده فعاد إلى قلايته دون أن ينطق بكلمة. فتبعه الشيخ ومن معه ليروا ماذا يفعل. وعلى أثر دخوله لقلايته خرجت منها رائحة بخور وسمعوا من يقول له : " احفظ نفسك يا يوحنا وداوم التواضع لتكون خليللاً لابن الله لأن النعمة يعطيها الله لمستقيمى القلوب ولا يعوزهم شئ من الخير". وكان يوحنا يقول آمين الليلويا. والمجد والكرامة والقدرة والملك الدائم لالهنا القادر إلى دهر الداهرين. فتعجب الشيخ ومن معه مما سمعوا ومجدوا الله. فادخلوا القديس للبيعة بكرامة عظيمة وكانوا يقولون لبعضهم " حقاً إن يوحنا أعطى من الله أكثر منا لأنه بتول طاهر ". د – حكمته وإفرازه أكل دفعة مع آباء الاسقيط ، فقام أحد الشيوخ وكان قساً كبيراً ليسقيهم الماء فلم يقبل منه إلا يوحنا القصير ، فتعجبوا منع وقالوا له : " كيف وأنت أصغر الاخوة جسرت على أن يخدمك مثل هذا الشيخ الكبير؟! " فقال : " أنا ان كنت فى خدمة وأردت أن أناول أحد الإخوة كوز ماء افرح بالذى يبادر ويأخذ منى ليصير لى الأجر. فلذلك قبلت أنا من الشيخ ذلك لأكمل أجره " وبدلاً من أن يخجل لأنه لم يقبل منع أحد شيئاً. فلما سمعوا انتفعوا من إفرازه. مرة كان الأب يوحنا صاعداً من الاسقيط مع الإخوة فضل مرشدهم عن الطريق لأنه كان ليلاً. فقال الإخوة لأنبا يوحنا : ماذا تصنع لأن الأخ قد ضل الطريق؟ فقال لهم: ان قلنا له شيئاً حزن واستحى ، فالأفضل أن أتظاهر الطريق؟ فقال لهم: ان قلنا له شيئاً حزن واستحى ، فالأفضل أن اتظاهر بأنى مريض وأقول : " أنى لن استطيع المشى لانى فى شدة ، وبذلك نجلس إلى الغد " فلما اعلن لهم رأيه هذا وافقوا وقالوا: ونحن أيضاً نجلس معك ، وفعلاً جلسوا. هـ - تأمله الدائم فى الإلهيات وتحرره من القيود مرة جاءه جمال ليحمل أوعيته. فلما دخل ليحضر له الضفائر نسيها لأنه كان مشغول بالتأمل فى المناظر المعقولة الإلهية – وقرع الجمال الباب فخرج إليه ونسى مرة أخرى – فقرع مرة ثالثة ، فخرج إليه ثم دخل وهو يقول : ( الضفائر للجمال. الضفائر للجمال ). ومرة جاء إليه بعض الإخوة ليأخذوا منع ( قففا ) فقرع احدهم ، فخرج إليه وقال له : ماذا تطلب أيها الأخ؟ فأجابه : ( قففا ). فتركه ودخل وجلس يخيط. فقرع أخ آخر فخرج إليه وقال : ماذا تطلب أيها الأخ؟ فقال له : هات لى قفه يا أبتاه ، فدخل وجلس يخيط ونسى من فرط تأملاته. ثم إن الأخ قرع مرة أخر إليه وقال له : ماذا تطلب يا أخى ؟ فقال " القفف ، أيها الأب " فأمسكه بيده وأدخله إلى القلاية وقال: إن كنت تريد قفة فخذ ما تريده فانى مشغول فى هذه الساعة. + وقيل عنه : انه ضفر فى بعض الأوقات ضفيرة تصلح لعمل زنبيلين ، لكنه خاطها زنبيلاً واحداً ولم يعلم بذلك إلا عندما وصل إلى آخر الضفيرة ، وذلك لأن فكره كان مشغولا بالمناظر الإلهية. 2 – انتصاراته الروحية : قال : أنا أشبه إنسانا جالساً تحت شجرة عظيمة ، ينظر إلى الوحوش والذئاب وهى مقبلة نحوه ، فإذا لم يستطع ملاقاتها يهرب صاعداً فوق الشجرة لينجو منها ، هكذا أنا جالس فى قلايتى أبصر الأفكار الخبيثة تأتى إلى فإذا لم استطع صدها هربت إلى الله بالصلاة ونجوت. انتصاره على الغضب : + قال : انى كنت ماضياً فى طريق الاسقيط ومعى ( القفف ) محمولة على جمل وفجأة أبصرت الجمال وقد تحرك فيه الغضب ، فتركت كل ما كان لى وهربت. + ومرة أخرى كان فى الحصاد فأبصر أخاً قد غضب على آخر فهرب وترك الحصاد. + وجاء مرة إلى الكنيسة فسمع مجادلة فى الكلام بين الإخوة فرجع إلى قلايته ودار حولها ثلاث دورات ثم عادل ودخل فيها ، فسألوه لماذا فعل؟ فقال : إن صوت المجادلة كان لا يزال فى أذنى فقلت أخرجه من أذنى قبل أ، ادخل قلايتى كى يكون عقلى داخل القلاية نقيا. تجلده فى الصلاة : كان منفرداً فى جب جاف وكان بغير انزعاج فى مخاطبة الله بالصلاة ، وكان الشيطان يظهر له فى هيئة تنين عظيم يطوقه حول حلقة وينهش فى لحمه وينفخ فى وجهه بغير شفقة. احتماله الضيقات : قال أنبا بيمن عن أنبا يوحنا القصير ، انه طلب إلى الله فرفع عنه الآلام وصار بلا هم ، فلما توجه إلى الشيخ قال له " ها أنا كما ترانى يا أبى مستريحاً ، وليست لى أشياء تقاتلنى بالجملة " ، فقال له الشيخ : " امض واسأل الله أن يرجع اليك القتال ، لأنه بالقتال تنجح النفس وتفوز" ، فلما جاءه القتال ، لم يصل كى يرتفع عنه ، بل كان يقول " اعطنى يا رب صبرا على الاحتمال ". 3 - أحاديثه : + مرة كان الإخوة جلوسا يأكلون على المائدة فى ( أغابى ) فضحك أحدهم ، فنظر إليه وبكى قائلاً : " ترى ماذا خطر ببال هذا الأخ حتى انه ضحك هكذا ، مه انه كان يجب عليه البكاء ، لأنه يأكل طعام الصدقة ". + ومرة أخرى جاء إليه إخوة ليجربوه لأنه ما كان يسمح لفكره بحديث بشرى ولا كان يتلفظ بشئ من أمور العالم. فقالوا له : الشكر لله يا أبانا ، إن هذه السنة أمطرت أمطارا كثيرة ، وقد شرب النخل وورى وها هو يخرج السعف ليجد الإخوة حاجتهم منه لعمل أيديهم.. أما هو فقال لهم : " إن نعمة الروح القدس إذا ما حلت فى عقل إنسان أروته وجددته ليخرج أثمارا تصلح لعمل الله". حديثه مع أخيه الأكبر: حديث مرة أن قال لأخيه الأكبر: إنى أود أن أكون بغير هم مثل الملائكة ، لأنه لا اهتمام لهم ولا شئ يعلمونه سوى إنهم يتعبدون لله دائماً. ثم نزع ثوبه وخرج عارياً إلى البرية ، فأقام أسبوعاً ثم عاد إلى أخيه ، فلما قرع الباب عرفه أخوه فقبل أن يفتح له الباب قال له : من أنت؟ فقال : أنا يوحنا أخوك. أجابه : إن يوحنا أخى قد صار ملاكاً وليس هو من الناس الآن. فرد عليه قائلاً : أنا هو أخوك ، فلم يفتح له الباب وتركه إلى الغد ، حيث فتح له وقال: اعلم الآن انك إنسان محتاج إلى عمل وغذاء لجسدك ، فصنع له مطانية واستغفر منه. 4 – صوامه : وقد بلغ الزهد به جداً انقطع معه عن كل طعام وشراب أسبوعا مستمراً وإذا أكل لا يشبع خبزا وكان يردد قول معلمه: " لا تتكل على برك و تصنع أمرا تندم عليه وامسك لسانك وبطنك وقلبك". 5 – عمل اليدين وعطفه على الفقراء: كان القديس فى أوقات الفراغ من صلاته وتأملاته يعمل فى صناعة السلال وذلك ليحصل على معيشته ومعيشة الإخوة الذين معه والفقراء الذين يفدون إليه. + خرج مرة من قلايته ومعه سلال ليبيعها فى الريف فقابله جمال فى الطريق وطلب إليه أن يسلمه القفاف ليحملها عوضاً عنه. فأعطاها له وسار وراءه فى الطريق ، ثم سمع الجمال يغنى بأغان عالمية بذيئة ورأى حوله شياطين ، فترك السلال وعاد إلى البرية. + وكانت العادة فى زمن الحصاد إن ما يجمعه الشيوخ يحتفظون بنصفه والنصف الآخر يوزع للمحتاجين. أما القديس يوحنا فكان يعطى الكل ولا يبقى لذاته شيئاً. + سأله الإخوة مرة قائلين : يا أبانا هل يجب أن نقرأ المزامير كثيراً. فرد قائلاً : إن الراهب لا تفيده القراءة والصلوات ما لم يكن متواضعاً محباً للفقراء والمساكين. 6 – شفاء المرضى ومعرفة الخفايا: + ذهب القديس مرة إلى أحد الحقول فى زمن الحصاد ليجمع شيئا فقابله فلاح مصاب بمرض البرص وطلب منه أن يشفيه فأخذ القديس ماء وصلى عليه ورشمه باسم الثالوث الأقدس فشفى الرجل ومضى ممجداً الله. + ثم بعد قليل جاءته امرأة بها شيطان ردئ يعذبها كثيراً فتحنن عليها ووقف إلى جانبها يسأل الله من أجلها وحالا خرج منها الشيطان. + ومرة باع قففاً واشترى بثمنها خبزا وفيما هو سائر فى الطريق أمسكته امرأة عجوز وطلبت إليه أن يعطيها خبزا لها ولابنها الأعمى الذى كاد أن يهلك جوعا. فأعطاها كل الخبز الذى معه ثم طلب إليها أن تقدم ابنها إليه ولما قدمته صلى قائلاً : أيها الرب الإله الواحد وحده الساكن فى السماء الذى بإرادته نزل إلى الأرض وخلص شعبه من خطاياهم وصنع الآيات والعجائب بين خليقته وأبرأ المرضى وشفى البرص وفتح أعين العميان. أسألك الآن من أجل هذا الفتى الواقف أمامك أن تعطيه نوراً وبصراً " ورشم عينيه. فحالا أبصر فأخته أمه بفرح ممجدة الله ومخبرة بصنع القديس الذى فتح عينى ابنها الأعمى وأعطاها الخبز. + وقد ميز الله صفيه يوحنا بمعرفة الخفايا فعندما كان يقدس الأسرار كان يعرف من يستحق التناول ومن لا يستحق ولهذا فإن كثيرين تابوا ورجعوا لله بكل قلوبهم. انتقال القديس عند قرب انتقاله إلى المكان الذى هرب منه الحزن والكآبة وألم القلب ظهر له السيد فى رؤيا واعامه بهذا. وباكر الأحد جاءت إليه رتب الملائكة وطغماتها ولما رآهم القديس فرح كثيراً ووقف يصلى باسطاً يديه ووجهه إلى الشرق وأثناء ذلك فاضت روحه الطاهرة ومضى إلى النعيم الأبدى فى عشرين بابه وله من سبعون سنة. وقد نال منزلة الملائكة الأطهار والرسل الأبرار. وحين تلميذة للبرية رأى نفس أبيه الطوباى بين صفوف الملائكة وأرواح القديسين وصل إلى قلاية معمله وجده قد فارق الحياة فقبله وبكى كثيراً وكفنه بلفائف وذهب وأعلم السكان فأتوا وأخذوا الجسد الطاهر إلى المدينة ولما وصلوا باب المدينة إذا شاب به روح نجس صرخ قائلاً : " ارحمنى يا أبى القديس يحنس فانى فى عذاب شديد ". فحالا صرعه الشيطان وخرج منه وعوفى المر. ثم أتى إنسان مفلوج ولمس الأكفان ووضع جزءاً منها على جسده وشفى وخرج يمجد الله ويخبر بما صنعه الله باسم القديس. ولما أدخلوا جسد القديس للكنيسة والجميع يبكون عليه ويتباركون ويضعون أكفاناً أخرى إذا بأعرج أتوا به وطرحوه على الأكفان فحالا شفى ، وعلى رجليه وخرج أمام الجميع يشكر الله الممجد فى قديسه. ثم بعد أن سبح الجماعة ورتلوا للرب بأصوات روحانية وشعوا القديس فى تابوت من صاج وتركوه بجانب قديسين آخرين وهما أنبا اثناسيوس ييشاى وكانت تخرج من أجسادهم المقدسة قوة لشفاء كثيرين صلواتهم جميعاً تكون معنا ولربنا المجد دائماً ابدياً آمين. |
||||
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان في بستان الرهبان |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
من قصص بستان الرهبان |
من بستان الرهبان |
جاء في بستان الرهبان |