واجبات العذارى ثم يمضي القديس في شرح ما كُتِبْ بخصوص واجبات العذارى لأنَّ هذا نافِع لتعليمِهِنْ كيف يتقدمنَ نحو البتولية، ويُعلِّق على ما كُتِبْ في سِفْر العدد ( 6: 1-4) ”وكلَّم الربُّ مُوسى قائِلًا كلِّم بني إسرائيل وقُلْ لهم. إذا انفرز رجُل أو امرأة لِينذُر نذر النَّذير لِينتذِر للربِّ فعن الخمر والمُسكِر يفترزُ ولا يشرب خلَّ الخمر ولا خلَّ المُسكِر ولا يشرب من نِقيع العِنب ولا يأكُل عِنبًا رطِبًا ولا يابِسًا كلَّ أيام نذرِهِ لا يأكل من كلِّ ما يُعملُ من جفنهِ الخمر من العَجَم حتَّى القِشرِ “... ويشرح القديس ميثوديوس أنَّ هذا يعني أنه يجب على كلّ مَنْ كرَّس حياته وقدَّم نفسه للرب أن يبتعِد عن ثِمار نبات الشر، لأنه بطبيعته يُسبِّب سُكرًا وتشتيتًا للذهن، لأننا نفهم من الكِتاب المُقدس أنَّ هناك نوعين من العِنب (الكروم) مُختلفين بعضهما عن بعض: الأوَّل : يهِب الحياة الأبدية والبِّر. الثَّاني: يُسبِّب الجنون وضياع العقل. فالأوَّل هو الكرم الذي لا يُسكِر بل يهِب الفرح والبهجة، الذي من تعاليمه، كما من أغصان، تتدلَّى عناقيد النِعمة التي تقطُر حُبًا، هو ربنا يسوع المسيح الذي قال لتلاميذه: ”أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام.. وأنتُم الأغصان“ (يو 15: 1-5). أمَّا الكرم البِّري المُنتِج الموت فهو الشيطان الذي يقطُر غضبًا وسُمًا كما قال عنه موسى النبي ”لأنَّ من جفنة سدوم جفنتهم ومن كروم عمورة. عِنبهم عِنب سمٍ ولهم عناقيد مرارةٍ. خمرُهُم حُمةُ الثَّعابين وسُمُّ الأصلالِ القاتِلُ“ (تث 32: 32-33)... والإنسان لا يسكر ولا يضيع عقله من الحُزن أو الشهوة كما يضيع بسبب الخمر، لذلك أُمِر أن لا تتذوق العذراء الخمر لكي تكون صاحية عاقلة ساهرة، حتّى تُشعِل مصابيح نور البِّر البهي من أجل الرب الذي يقول: ”احترزوا لأنفسكم لئلاَّ تسقُط قُلُوبكم في خمار وسُكْر وهموم الحياة فيُصادِفكم ذلك اليوم بغتةً“ (لو 21: 34)، ويقول القديس أنه ليس فقط ممنوعًا أن تتذوق العذارى الخمر بل وأيضًا أي شيء مصنوع منه أو يُشبِه. ويُخاطِب القديس العذارى قائِلًا أنه يجب عليهِن أن يحترسنَ ويحفظنَ أنفُسهِن، لئلاَّ فيما تبتعِد العذراء عن الخطايا التي هي نفسها شر، تسقُط في أخرى شبيهة وقريبة للأولى، وهكذا تهزِم العذراء خطية وتنهزِم من أخرى، فيجب أن لا تتزيَّن بأقمشة وملابِس مُتنوعة أو بجواهِر وذهب أو بزينة الجسد الأخرى، فهذه كلّها أشياء تُسكِر النَّفْس، لذا أوصى ألاَّ تترُك العذراء نفسها تشترِك في أحاديث النِساء وضِحكِهِنْ بل تبتعِد عن الحديث الأحمق الذي للتسلية فقط، لأنَّ هذا هو ما يُربِك العقل ويُشتِّته، والطريق المُستقيم المُؤدي إلى السماء ليس فقط أن نتحاشى حجر العثرة الذي يُعثِر ويُوقِع ويُدمِر هؤلاء الذين تُثيرهم شهوة الترف والملذات، بل أيضًا أن نتحاشى هذه الأشياء الشبيهة.