نصائح أغسطينوس للعذارى ويحِث القديس العذارى ”اذهبنَ اتبعنَ الحَمَلْ لأنَّ جسد الحَمَلْ بالتأكيد هو بتول“ ويدعيهُنْ أن يتبعنَ المسيح حافِظات بتولية قلوبِهِنْ وأجسادِهِنْ أينما ذهبنَ، ويشرح أنَّ التبعية ليست إلاَّ اقتداء ومُحاكاة. أمَّا المؤمنون الذين فقدوا بتوليتهم فيدعوهم القديس لأن يتبعوا الحَمَلْ ولكن ليس حيثُما يمضي بل حيثُما يستطيعون هم الذِهاب وراءهُ، وهم يستطيعون أن يتبعوه في كلّ مكان إلاَّ عندما يمشي في مُرَوِج البتولية، ويرى القديس أنَّ كلّ المسيحيين يتبعون المسيح ولكن المُتبتلين يضعون أقدامهم ويسيرون على أثار أقدام المسيح footprints بينما المُتزوِجون يسيرون فقط في الطريق ولكن ليس على أثار أقدام المسيح. ويشرح القديس أنَّ الحَمَلْ يسير في طريق عذراوي لذا لا يستطيع هؤلاء الذين فقدوا بتوليتهم أن يتبعوه، ويحِث عذارى المسيح أن يتبعوه أينما يمضي، ويشرح أنَّ باقي المؤمنين الغير مُتبتلين يفرحون مع المُتبتلين ولن يحسدونهم لأنهم يرون فيهم ما ليس فيهم هم أنفسهم، ومع أنَّ التِسبحة الجديدة يُسبِّحها المُتبتِلون فقط إلاَّ أنَّ غير المُتبتلين لن يكونوا عاجزين عن أن يسمعوا... ويحِث القديس أُغسطينوس المُتبتلين والعذارى على التواضُع لأنهم عندما يُقارِنون أنفسهم بالمُتزوجين سيجدون أنهم أفضل منهم بحسب تعليم الكِتاب المُقدس، وأنَّ الآخرين أقل منهم في الأعمال والجعالة، لذا يجب أن يعلموا أنه بقدر عِظَمْ الإنسان بقدر ما يجب أن يتضع، فمقدار ومِعيار الاتضاع قد أُعطِيَ من مقدار ومِعيار العظمة والكرامة. ويُحذِّر القديس أُغسطينوس قائِلًا: ”لأنَّ العِفة الدائِمة وخاصَّة البتولية هي الصَّلاح الأعظم في قديسي الله، لذا يجب أن ينتبِهوا بحذر وتيقُظ من أن تفسد بالكبرياء والعجب“. وصفوف العذارى والمُتبتلين، الأولاد والفتيات القديسين، قد تدرَّبوا في الكنيسة المُقدسة، فهناك كانوا يزهرون ويينعون من صدر أُمهم، لأنَّ اسم الرب جعل لِسانهم يتحدَّث، ولأنَّ اسمه، كما لو كان لبن الطِفولة، قد انسكب داخِلهم ورضعوه، فهؤلاء نذروا لا خوفًا من عِقاب أُعلِنْ، بل من أجل جعالة مُدِحت، من أجل ملكوت السموات.. وفي مُناجاة رائِعة يقول ابن الدِموع: ”إنهم أبرار ولكنهم ليسوا مثلك يُبرِّرون الخُطاة إنهم عفيفون ولكن بالآثام حملتهم أُمهاتِهِمْ في أرحامِهِنْ إنهم قديسون ولكِنَّك أنت قدوس القديسين إنهم مُتبتِلون ولكنهم لم يُولدوا من عذارى إنهم عفيفون كُلِّيةً في الجسد، ولكنهم ليسوا الكلمة الذي صار جسدًا“. ويتساءل القديس: ”أي أعضاء من الجسد المُقدس الذي هو الكنيسة يجب أن تحترِس -لكي يستريح فيها الروح القدس- أكثر من تلكَ التي نذرت القداسة العذراوية؟“. وينصح القديس الفيلسوف عذارى المسيح أنَّ أوِّل فِكْر يقودَهُنْ للتواضُع هو ألاَّ يَظُنَنَّ أنَّهُنْ عذارى من أنفُسَهُنْ بِجهادِهِنْ فقط بل هي ”عطيَّة صالِحة... مِنْ فوقُ نازِلةٌ من عِند أبي الأنوار الذي ليس عِندهُ تغيير ولا ظِلُّ دورانٍ“ (يع 1: 17). ويرى القديس أنه لا أحد يحرُس البتولية إلاَّ الله نفسه الذي يهِبها، والله محبَّة، إذًا حارِس البتولية هو المحبة.