رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاستشهاد سرّ كنسي تعتبِر الكنيسة شهادِة الدم معمودية، فهي سِر من أسرارها يُعادِل سِر المعمودية، والموعوظ الذي يُسفك دمه قبل أن يتعمَّد يُحسب استشهاده عِمَادًا (حسب تعبير المُدافِع ترتليان). فالاستشهاد صبغة أي (بابتِزما) معمودية، لذلك يقول العلاَّمة ترتليان في مقال (ترياق العقرب) الذي كتبه ضد الغنوسيين الذين يُسميهم بالعقرب لأنهم كانوا يستهينون بالاستشهاد: ”إنَّ الاستشهاد ميلاد جديد تربح فيه النَّفْس حياتها الأبدية“. ويقول العلاَّمة أوريجانوس السكندري عن الاستشهاد بسفك الدم باعتباره واسِطة للنعمة، إنه ”واحد من سبع طُرُق لمغفِرة الخطايا“، ويقول أيضًا ”عالمين أنَّ خطايانا التي اقترفناها بعد المعمودية يرفعها استشهادنا بالدم فهو معمودية الدم الثانية“. ويعتبِر العلاَّمة أوريجانوس الاستشهاد امتدادًا لصلاة جحد الشيطان التي نُصليها في ليتورچيا المعمودية، فيقول: ”فإذا كنا قد جحدنا آلهة الأوثان والشيطان، كيف نحنِث ذلك مرة أخرى؟..... وإذا أنكرنا المسيح على الأرض، فسيُنكرنا حتمًا في السماء، أمَّا الذين يعترفون به علنًا، فسيأخذهم معه في الفردوس“. وأكَّد القديس كبريانوس على سرائِرية الاستشهاد عندما قال: ”في استشهاد الموعوظين بسفك الدم تقوم الملائكة بطقس التعميد، لأنَّ عِمَاد الماء هو مغفرة الخطية وعِمَاد الدم هو إكليل الفضائِل...“. ويقول أيضًا القديس كيرلُس الأورشليمي ”أي إنسان لم يقبل المعمودية ليس له خلاص إلاَّ الشُهداء، الذين يدخلون الملكوت بدون الماء، لأنَّ المُخلِّص في تقديمه الخلاص للعالم على الصليب طُعِن في جنبه فأفاض منه دم وماء، فالذين يعيشون في وقت السلام يلزمهم أن يعتمِدوا بالماء، والذين في وقت الاضطهاد يعتمِدون بدمِهِم، لأنَّ الرب اعتاد أن يدعو الاستشهاد عِمَادًا، قائِلًا ”أتشربان الكأس التي أشربها أنا وتصطبِغان (تعتمِدان) بالصِبغة (بالمعمودية) التي أصطبِغ بها أنا“ (مر 10: 38)“. وهناك علاقة سِريَّة حميمة بين سِر الافخارستيا والاستشهاد، فالشهيد إذ يرى في التناوُل السِر الذي تتحقق بواسطته الشَرِكَة مع الله في المسيح يسوع، لأنَّ كل من يأكل منه يحيا به وتكون له الحياة الأبدية ”يُعطَى عنَّا خلاصًا غُفرانًا للخطايا وحياةً أبدية لكل من يتناول منهُ“.يُقبِل على الموت بيقين عدم الموت ورجاء الحياة الأبدية التي لا يقوى عليها الموت، وأيضًا لا تكمُل احتفالات الكنيسة بتذكارات الشُهداء إلاَّ بالافخارستيا. ولأنَّ الاشتراك في سِر الافخارستيا هو شَرِكَة في موت المسيح، وقيامته بالأكل من جسد الرب المكسور ودمه المبذول المسفوك، لذا فمسيرة الشهيد مُتماثلة تمامًا مع وليمة العشاء الرباني، فهي تستمِد كل قيمتها من آلام المسيح ربنا، فيُصبِح المسيح بالنسبة للشهيد ليس الإله الصامِت المُمتلِئ غموضًا بل هو ذاك الذي أدركناه، الذي هو غايِة الطريق، الألفا والأوميجا، الذي بالرغم من أنَّ طبيعته واحدة إلاَّ أنها تطلب كثيرين، ليتمتعوا بغِناه ومجده وشَبَعه وقُوَّته اللانهائية والغير موصوفة. والاستشهاد ذبيحة افخارستيَّة اختبرها القديس أغناطيوس الأنطاكي الذي وصف الاستشهاد وصفًا ليتورچيًا:- ”الشهادة ضحية كفَّارية أُقدِّم نفسي ذبيحة، حِنطة تصير خُبزًا“ لذلك قدَّم الشهيد أغناطيوس نفسه ذبيحة وقُربانًا للذي قدَّم نفسه ذبيحة وقُربانًا من أجلِنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الاستشهاد سر كنسى للقمص أثناسيوس فهمي جورج |
فرح الاستشهاد |
نوع أخر من الاستشهاد |
الاستشهاد |
الاستشهاد |