رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عوامل ظهور هذه الكتب الأبوكريفية ومصدرها هناك عدة عوامل أدت إلى كتابة وظهور هذه الكتب الأبوكريفية من أهمها محاولة العامة والبسطاء من المؤمنين إشباع رغيتهم ولهفتهم لمعرفة تفاصيل الأحداث التي ذكرت في أسفار العهد الجديد بصورة موجزة؛ مثل تفاصيل أحداث ميلاد المسيح ورحلة الهرب إلى مصر وطفولته والتأكيد على لاهوته من خلال معجزات تبين مقدرته على كل شيء. بل ومحاولة البعض الدفاع عن عقائد مسيحية هاجمها اليهود مثل بتولية العذراء القديسة مريم وحبلها بالمسيح بالروح القدس، ودوام بتوليتها بعد ميلادها للمسيح، واتهام اليهود للمسيح بأنه ابن زنا. بل ومحاولة معرفة تاريخ العذراء نفسها وكيفية ولادتها وتربيتها كالممتلئة نعمة قبل بشارة الملاك لها وحبلها بالمسيح. ومثل محاولة شرح موقف بيلاطس من المسيح، وإيجاد معجزات للمسيح وقت محاكمته لتبرر كونه ابن الله، ومحاولة شرح موقف كل من نيقوديموس ويوسف الرامي بعد الصلب والقيامة، خاصة وأنهما كانا من تلاميذ المسيح الخفيين، وموقف اليهود مما فعلاه أثناء دفن المسيح، فنيقوديموس وضع على جسد المسيح عودا ومرًا ثمنهما غالي جدًا، ويوسف الرامي دفنه في قبره الجديد الذي لم يكن قد وضع فيه أحد بعد. ومحاولة إيجاد تبرير لموقف كل من اللصين اللذين صلبا مع المسيح. وكذلك أيضا موقف اليهود من قيامة المسيح بصورة أكثر تفصيلا مما جاء في الإنجيل القانوني بأوجهه الأربعة. وكذلك ظهور الكتابات الدفاعية المسيحية التي دافعت عن العقائد المسيحية ضد اليهود والوثنيين والهراطقة من ابيونيين وغنوسيين وغيرهم. وبالتالي ظهور كتب تدافع عن نفس الأفكار ونسبتها لأشخاص لهم مكانتهم في الأحداث التي حدثت في الكنيسة الأولى، مثل إنجيل نيقوديموس أو أعمال بيلاطس. وإلى جانب هذا فالإنجيل بأوجهه الأربعة لم يدون فيه كل ما عمله وعلمه الرب يسوع المسيح، وما كان منتشرا في التقليد الشفهي، بل كتب ما يؤدي بالمؤمن إلى الحياة الأبدية في المسيح، كما يقول القديس يوحنا بالروح القدس: "وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو20: 30و31). فأخذت هذه التقاليد تُكتب بعد أن استدارت وتوسعت وذلك يعد مرور عشرات ومئات السنين من انتقال الرسل من هذا العالم، وبالتالي تأثرت بالعقائد المسيحية بعد أن تم شرحها ووضعها في صيغ لاهوتية معينة، مثل إنجيل توما الذي تأثر بالفكر الأرثوذكسي وأيضا الغنوسي. وكان هناك عامل أخطر وأقوى وهو ظهور الأفكار الهرطوقية ومحاولة إيجاد صيغ ونصوص توازي الأسفار القانونية وتدافع عن هذه الأفكار والعقائد الهرطوقية. فانطلقت هذه الهرطقات خاصة الغنوسية، تأخذ آيات الإنجيل القانوني بأوجهه الأربعة، وتصيغها بحسب أفكارها ومعتقداتها، مثل إنجيل فيليب وإنجيل بطرس وإنجيل مريم المجدلية، والتي انطلقت من نصوص الإنجيل القانوني وراحت تصيغها بحسب فكرها وعقيدتها. بل واتخذت بعض هذه الكتب من قول الإنجيل القانوني: "وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء" (مز4:33و34). "فقال. لكم قد أعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله. وأما للباقين فبأمثال حتى أنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يفهمون" (لو8:10). ذريعة لكتابة كتب ونسبتها للرسل ووصفتها بالكتب المعدة للخاصة فقط! وكل منها يزعم أن المسيح كشف لأحد الرسل والتلاميذ، مثل توما أو فيلبس..الخ، له وحده، أسرارًا لم يكشفها لغيرة، وذلك في صيغة إنجيل أو رؤيا؛ مثل إنجيل فيليبس ورؤيا بطرس وأعمال يوحنا، التي يزعم كل كاتب لأحدها أن الرب يسوع المسيح كشف له، وحده، فيها سر الصليب. كان المصدر الأول لهذه الأبوكريفا هو العهد الجديد نفسه، فقد استقت الكتب الأبوكريفية مصدرها واعتمدت بالدرجة الأولى على الإنجيل القانوني بأوجهه الأربعة، فشرحت ما بدا أنه غامض فيها وأضافت إليها عبارات وأفكار تؤيد معتقداتها وقدمتها بشكل أسطوري خيالي يتناسب مع أفكارها، قال وستكوت عن الأجزاء الباقية من إنجيل الأبيونيين "فهي تبين أن قيمته ثانوية، وأن المؤلف قد أستقي معلوماته من الأناجيل القانونية وبخاصة الأناجيل الثلاثة الأولى بعد أن جعلها تتفق مع أراء وممارسات الأبيونية الغنوسية" (7). وكان سفر أعمال الرسل هو السند الأول لأسفار الأعمال الأبوكريفية، ولكن بفن وحبكة وفكر يوناني. وقامت هذه الأعمال بتوسيع نصوص سفر الأعمال القانوني إلى أعمال مستقلة بتوسيعها والإضافة إليها والحذف منها، مع وجود بعض التقاليد الخاصة بكل رسول في منطقة كرازته، لتخرج لنا عدة أعمال مستقلة. وعلى سبيل المثال فقد اتخذ كاتب أعمال بولس من سفر أعمال الرسل، إطارًا له، ويفتتح القسم الروماني من أعمال بطرس برحلة بولس الرسول إلى أسبانيا بعد أحداث سفر أعمال الرسل إصحاح 28. واعتمد كاتب الرسالة إلى اللاودكيين على رسائل بولس خاصة الرسالة إلى غلاطية والرسالة إلى أفسس. والى جانب ذلك فقد تأثرت هذه الكتب، بالروح الأسطورية النابعة من البيئة الهيلينية (اليونانية) التي كتبت وانتشرت فيها، فقد ساد بعضها روح أدب الرحلات التي كانت سائدة في القرن الثاني كأعمال توما، وحوى إنجيل الطفولة العربي عددا من القصص الشرقية. وكانت أغلب الأعمال المنسوبة للرسل من اختراع الروح الهيلينية التي كانت تجد لذتها في الخوارق والكتابات الرومانسية عن الرحلات. كما احتوت هذه الأعمال على تقاليد كثيرة لها أساس تاريخي صحيح، احتفظت بها الجماعات المسيحية، وكتبوا هذه الأعمال، الأبوكريفية، لتقديم هذه التقاليد بكل تفصيل، ولكن هذه البذور القليلة من الحقيقة تاهت ودفنت في أكوام من الأساطير. |
|