وتسرب اليأس إلي نفسي
الأستاذ / يني مانولي فلورنس – فرنسا – يقول :
في عام 1985 كنت أؤدي الخدمة العسكرية كضابط احتياطي ، وأسندت إلي مسئولية الإشراف علي الأجهزة اللاسلكية والإبلاغ عن أي عطل بها ، وحدث أن كانت هناك تدريبات ونسيت أن أبلغ عن عطل أحد الأجهزة الرئيسية الخاصة بالإتصال وإنتابني الخوف من العقاب ، وأخذت أتساءل ماذا أفعل خاصة وأن مشروعا سيبدأ في صباح اليوم التالي ، وهممت أن أفك الجهاز وأقوم بإصلاحه وأخذ زملائي يحذرونني من عواقب تلك المحاولة إذا فشلت ، ولكنني صممت علي تنفيذها ، وعندما توجه زملائي لتناول وجبة الغذاء قمت بفك الجهاز وتصلت للجزء الذي به العطل والذي يصل حجمه إلي حوالي 3 ملليمتر فالتقطه بالملقاط لوضعه في مكانه الصحيح ولكنه " سقط مني علي الأرض "وسمعت صوت ارتطامه بحذائي ، فإنحنيت لالتقاطه من تحت المكتب ولصغر حجمه ركعت علي ركبتي وأخذت أتحسسه بيدي ففلم أجده ، فأخذت أتشفع بالبابا كيرلس السادس وظللت أبحث عنه لمدة عشر دقائق ولكن دون جدوي ، ثم جلست علي مكتبي ووضعت يدي علي جبهتي وأغلقت عيني وتسرب اليأس القاتل إلي نفسي ومرت امامي صورا لما سوف يحدث لي في الغد إن لم أجد الجزء المفقود وأعيد تركيب الجهاز ، وأخذت أنادي البابا كيرلس ، ولكن الشيطان كان يهاجمني بأفكار مزعجة كثيرة ، وفي هذه اللحظة شعرت بصوت حركة خفيفة في الحجرة –كوجود شخص – واشتممت رائحة زكية ، ولما فتحت عيني بسرعة لفت نظري وجود هذا الجزء أمامي علي المكتب !! .. فأصابني الدهشة لوجوده أمامي حيث أنني رأيته يسقط علي الأرض وسمعت صوت إرتطامه بحذائي .وأخذت أتساءل ، كيف لمحته في وسط أجزاء الجهاز المفكك والبعثرة علي المكتب ... لاأدري !!. وهنا بدأت أبكي نادما الأفكار التي صورها لي عدو الخير وطلبت السماح علي الشك في شفاعة البابا كيرلس ، وتمالكت نفسي وأخذت أجمع الجهاز لإعادته كما كان عليه ، وعند حضور زملائي ذهبنا لتركيب الجهاز في مكانه ولم أقص عليهم شيئا مما حدث ، ولكنهم طلبوا تجربته فلم أفتح فمي بشيء ، وظللت أنظر فقط بعيني لما يحدث ، ومرت الدقائق كأنها سنوات حتي تم تركيب الجهاز ، وعند تشغيله بدأ الجهاز يعمل بكفاءة عالية بل أفضل مما كان عليه من قبل بشهادة الزملاء الذين لا يعلمون القصة . والأكثر من ذلك أنه بعد الإنتهاء من المشروع وجدت القائد يشيد بي ويشكرني علي نظافة الأجهزة ونقاء الصوت ومطابقتها لما يجب أن يكون .
لم تكن هذه الشهادة لحسن أدائي في عملي ولكنها كانت شهادة لقديس الله البابا كيرلس السادس.
من كتاب طريق الفضيلة 1994.