منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 04 - 2014, 06:28 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,445

ما المقصود بـ الأمة الغبية؟
جاء في (تثنية32/21) قوله " هُمْ أَغَارُونِي بِمَا ليْسَ إِلهًا أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا ليْسَ شَعْبًا بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ".
وقال هؤلاء الكتاب، أن الأمة الغبية المشار إليها هنا هي أمة العرب التي أرسل منها نبي المسلمين حيث لا يمكن أن تكون أمة اليونان التي أرسل إليها بولس وبقية رسل المسيح لأنّ أمة اليونان لم تكن غبية بل كانت أهل حكمة وعلم، كما أنّ اليهود وبني إسرائيل قد أغاظوا الله بالأباطيل وعبادة آلهة صنعوها لأنفسهم ومن هنا فإن الله قد أراد أن يكسر غرورهم هذا ويغيظهم كما أغاظوه، والله يعرف كيف تكون إغاظتهم مؤلمة فلم يكن من السهل على بني إسرائيل أن يملك عليهم ملك أجنبي ومن هنا كان ترتيب الله لإغاظتهم، بأن يجعل عليهم أمة محتقرة في نظرهم، ونبي ليس منهم يملك عليهم ومعروف عن بني إسرائيل أنهم كانوا يميّزون اليهود عن غيرهم تمييزًا كبيرًا فكانوا يحتقرون كل الأمم غير اليهودية، وحيث أن أمة العرب هي من تلك الأمم التي يحتقرها بني إسرائيل، إضافة إلي جهل العرب وأميتهم تجعلهم هم المعنيّين بقوله أمة غبية. فعليه تكون هيمنة هذه الأمة الغبية من خلال أن يبعث الله منهم هذا النبي لكي يملك عليهم ويهيمن على مملكتهم، حتى يسبّب لهم ذلك الغيظ والألم، فمحمد هو النبي وقريش هي الأمة الغبية"!! وفيما يلي أهم أقوال كتّابهم:
1- قال الشيخ رحمة الله الهندي " المراد بالشعب الجاهل هم العرب لأنّهم كانوا غاية الجهل والظلم ولم يكن عندهم علم من العلوم وما كانوا يعرفون إلا عبادة الأوثان وكانوا محتقرين في نظر اليهود لكونهم من أولاد هاجر فالمقصود من الآية أن بنى إسرائيل أغاروني بعبادة المعبودات الباطلة فلذلك أغيرهم باصطفائي لقوم محتقرين وجاهلين عندهم ولقد أوفي الله بما وعد وبعث من العرب النبي (ص) فهداهم" (1).
2- ويقول د. السقا " لا يوجد في الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى (ع) أية إشارة إلى أمة غبية محددة البلاد والأوصاف يمكن أن يعرف أنها المراد بهذه النبوّة ولا يمكن أن يشتبه إلا في أمة إسماعيل ولا يمكن أن تكون الأمة الغبية أمة اليونان" (2).
3- وقال مؤلف كتاب يوحنا المعمدان ص105 " العرب لم يكونوا شعبًا منظمًا منذ الأزل وحتي رسالة محمد (ص) وكانت أمتهم في غاية الجهل والظلام"!!
ونتعجّب منةهذه الأقوال التي يصف بها هؤلاء الكُتاب الأمة العربية بالأمة الغبية والجاهلة وأن العرب " كانوا غاية فى الجهل والظلام"، و" كانت أمتهم في غاية الجهل والظلام"، وأنّ " جهل العرب وأميتهم تجعلهم هم المعنيّين بقوله أمة غبية"!! فهل هذا الكلام صحيح؟!!!
ونجيب ونقول لهم أن هذا الكلام مبالغ فيه لدرجة غير مقبولة بالمرّة:
أولًا: لأن هذه النبوة لا تشير لا إلى نبي ولا إلى رسول بل إلى أن الله سيغيّر الأمّة اليهوديّة بأنْ يدعو لعبادته جميع الأمم الأجنبية من يونان ورومان وعرب ومصريين وبرابرة وسكيثيين وغيرهم، وينضمّون للإيمان المسيحيّ، كقول المسيح "إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ" (متي8/11-12). وكانت تلك الأمم في اعتبار الله أممًا غبية وثنية "حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ، بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ، عَبْدٌ حُرٌّ، بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ" (كولوسي3/11).
(1) " كتاب إظهار الحق" ج2ص208و209.
(2) " نبوّة محمد"، ص57-59.
ثانيًا: لم تقصد النبوة هنا الغباء بمعنى الجهل بالعلوم والثفافة وإنما الجهل الديني!!
تقول النبوة " هُمْ أَغَارُونِي بِمَا ليْسَ إِلهًا"، أي بعبادتهم للأصنام كما جاء في نفس الإصحاح (الآيتين16و17) " أَغَارُوهُ بِالأَجَانِبِ وَأَغَاظُوهُ بِالأَرْجَاسِ. ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ ليْسَتِ اَللهَ. لآِلِهَةٍ لمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ لمْ يَرْهَبْهَا آبَاؤُكُمْ "
" أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ " أي لأعمالهم الشريرة.
" فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا ليْسَ شَعْبًا " أي ليس شعب الله، و" لَكِنْ يَكُونُ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُكَالُ وَلاَ يُعَدُّ وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: لَسْتُمْ شَعْبِي يُقَالُ لَهُمْ: أَبْنَاءُ اللَّهِ الْحَيِّ" (هوشع1/10).
" بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ " ولا يقصد بالغباء هنا الجهل بالعلوم أو الآداب أو الثقافة، إنّما الجهل بمعرفة الله المعرفة الحقيقة "قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: لَيْسَ إِلَهٌ" (مزمور14/1)، والغباء الديني كما قال الله لهم في نفس الفصل (الآية6) "هَل تُكَافِئُونَ اَلرَّبَّ بِهَذَا يَا شَعْبًا غَبِيًّا غَيْرَ حَكِيمٍ؟"، وقال الربّ يسوع المسيح للفريسيّين "يَا أَغْبِيَاءُ أَلَيْسَ اَلَّذِي صَنَعَ اَلْخَارِجَ صَنَعَ اَلدَّاخِلَ أَيْضًا؟" (لوقا11/40). فالغباوة هنا المقصود بها عدم معرفة الله ووصاياه المعرفة الحقيقية. بل وقد وصف الله شعب إسرائيل بسبب خطيته بالأكثر غباوة من الحمار والثور " اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ أَمَّا هُمْ فَعَصُوا عَلَيَّ. اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ. وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ" (أشعياء2/1-4).
أي أن المقصود بالأمة الغبية هنا كل الشعوب البعيدة عن عبادة الله والتي تعبد الأوثان، كما يقول المرنم "شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. مِنْ سَمَاعِ اَلأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. بَنُو اَلْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي، بَنُو اَلْغُرَبَاءِ يَبْلُونَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ" (مزمور18/43-44)، وأيضًا "يُكْتَبُ هَذَا لِلدَّوْرِ الآخِرِ وَشَعْبٌ سَوْفَ يُخْلَقُ يُسَبِّحُ الرَّبَّ" (مزمور102/18).
وقد استشهد القديس بولس بهذه الآية دلالة علي أنّ الله سيدعو للإيمان به الشعوب التي لم تكن تؤمن به قبلًا "لَكِنِّي أَقُولُ: أَلَعَلَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَعْلَمْ؟ أَوَّلًا مُوسَى يَقُولُ: أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ. ثُمَّ إِشَعْيَاءُ يَتَجَاسَرُ وَيَقُولُ: وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي وَصِرْتُ ظَاهِرًا لِلَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّي. مَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ" (رومية10/19-21).
ويخاطب القديس بطرس المؤمنين بالمسيح قائلًا "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. الَّذِينَ قَبْلًا لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ" (1بطرس2/9-10).
وقول القديس بولس:"لِذَلِكَ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلًا فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَانًا مَصْنُوعًا بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ،.أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ وَبِلاَ إِلَهٍ فِي الْعَالَمِ. وَلَكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلًا بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ" (أفسس2/11-13).
وأيضًا " لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلًا أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي اَلْخُبْثِ وَاَلْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا. وَلَكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اَللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ - خَلَّصَنَا بِغَسْلِ اَلْمِيلاَدِ اَلثَّانِي وَتَجْدِيدِ اَلرُّوحِ اَلْقُدُسِ، اَلَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ اَلْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا" (تيطس3/3-6).
مما سبق نرى أن المقصود بالأمة الغبية هي الأمم وأي شعوب غير يهودية، الذين كانوا يعبدون الأوثان ودعاهم المسيح. كما أنه من المعروف تاريخيًا أن الله قد أدّب بني إسرائيل بأمّة بابل وأشور ثمّ بأمّة سوريا الهلينية، ثمّ أمّة الرومان وبعد صلب الرب يسوع المسيح، وحسب نبوّة الربّ يسوع المسيح دمّر الرومان الأمّة والدولة والهيكل ولم يبقَ فيه حجر على حجر عام 70 ميلاديّة، ولما جددوا الثورة 133م سحقوهم ومنعوا أورشليم عليهم وغيروا حتّي اسمها فصارت إيلياء وصارت بلاد اليهوديّة مسيحيّة قبل الفتح الإسلامي الذي لم يفعل باليهود شيئًا في فلسطين لأنهم كانوا مشرّدين.
اعتراض: ويعترض الدكتور أحمد حجازي السقا قائلًا؛ أن بشارة المسيح كانت محصورة في اليهود فقط بدليل قول الإنجيل: "هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ" (متّي10/5-6)(3).
ونقول لسيادته أنذ دعوة الرب يسوع المسيح في جوهرها هي للعالم أجمع والخليقة كلها. ولكن من خلال اليهود، كما قال الرب يسوع المسيح نفسه:"لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ" (يوحنا4/22).
فلمّا جاء الرب يسوع المسيح أعد تلاميذه، من اليهود، ليكرزوا لليهود، أصحاب العهرد والمواعيد، " الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ، وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ" (رومية9/4-5)، أولًا ثمّ لبقية الأمم، ولكن على أساس جوهري هو أن يكون الروح القدس قد حلّ عليهم حتى يتكلموا بما يقوله الروح علن ألسنتهم وبأفواههم "وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي" (لوقا24/49)، وقبل صعوده إلي السماء مباشرة قال لهم "لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أعمال الرسل1/8)، كما قال لهم أيضًا "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (متّي28/19)،وأيضًا"اِذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاَكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس16/15).
أمّا قبل حلول الروح القدس فلم يسمح لهم إلا بالبشارة بين اليهود وفي إسرائيل فقط:
(3) تعليقه علي هامش كتاب (هداية الحياري) ص171.
"بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ" (متّي10/6)، لكي يكون ذلك شهادة عليهم وعلى رفضهم له، كقول الكتاب " إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ" (يوحنا1/11-13)
ثالثًا: لم يكن العرب عند ظهور الإسلام بمثل هذا الغباء الديني الذي وصفهم به هؤلاء الكتاب ولم يكونوا جميعهم يعبدون الأصنام بل كان الكثيرون منهم يعبدون الله مثل النصارى واليهود والحنفاء؛ فقد كان النصارى منتشرين بغزارة في كل أطراف الجزيرة العربية كالعربية الغربية والجنوبية والشرقية وبلاد الشام والعراق واليمن ونجران وقبائل بهراء وغسان وسليح وتنوخ وقوم من كندة وكذلك يثرب ومكة، بل وكان في مكة جالية كبيرة كثيرة العدد من العبيد عُرفوا بالأحابيش وبين هؤلاء عدد كبير من النصارى. وقال اليعقوبي في تأريخه " وأما من تنصر من أحياء العرب، فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزي، منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزيّ، وورقة بن نوفل بن أسد. ومن بني تميم: بنو أمرئ القيس بن زيد مناة،ومن ربيعة: بنو تغلب، ومن اليمن: طئ ومذحج وبهراء وسليح وتنوخ وغسان ولخم" (4).
كانت اليهودية أيضًا منتشرة في الجزيرة العربية مثل يثرب (المدينة المنورة) واليمن واليمامة والعروض ومكه ووادى القرى وتيماء وخيبر والكثير من القري ومواضع المياه والعيون...إلخ(5).
(4) تأريخ اليعقوبي ج1:7، و" المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" للدكتور جواد علي ج6ص582-612.
(5) المفصل ص511-522.
كما كان هناك الكثير من الحنفاء أو الأحناف الذين نعتوا بأنّهم كانوا على دين إبراهيم ولم يكونوا يهودًا ولا نصارى، ولم يشركوا بربهم أحدًا، وسفّهوا عبادة الأصنام، وسفّهوا رأى القائلين بها، وحرموا الأضاحي التي تُذبح لها وعدم أكل لحومها، وحرّموا الربا، وحرّموا شرب الخمر ووضعوا حدًا لشاربها، وحرّموا الزنا ووضعوا حد مرتكبيه، وقاموا بالاعتكاف في غار حراء في شهر رمضان، والإكثار من عمل البر وإطعام المسكين، وكذلك قطع يد السارق، وتحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير، والنهي عن وأد البنات وتحمل تكاليف تربيتهن، والصوم، والإختتان، والغُسل من الجنابة، والإيمان بالبعث والنشور والحساب وأن من يعمل صالحًا يدخل الجنة ومن يعمل سوءًا فإلى السعير. أي أنهم آمنوا بالإله الواحد ودعوا إلي عبادته وحده لا شريك له.(6).
وكانت الحنيفية هي المفضّلة عند نبي المسلمين، قبل الإسلام، فقد نُسب إليه قوله " لم أبعث باليهودية ولا يالنصرانية، ولكنّي بُعثت بالحنيفية السمحة" (7). "بُعثت بالحنيفية السمحة السهلة" (8). و " أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية السمحة" (9). وكما يقول د. جواد علي " فقد وردت لفظة (حنيفًا) في عشر مواضه فى القرآن الكريم، ووردت لفظة (حنفاء) فى موضعين منه" (10).
وليس ذلك فقط بل لم كن بقية العرب بعيدين عن عبادة الله فقد كانوا جميعهم يعبدون الله الواحد وإن كانوا يضعون معه الأصنام كشفعاء ولكنهم آمنوا أنّها كانت ملك لله وتحت تصرّفه، فهو وحده الخالق الذى لا شريك له، ومن ثمّ كانوا يقولون في تلبيتهم " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك". وكان تلبة كندة وحضرموت: " لبيك لا شريك لك، تملكه، أو تهلكه، أنت حكيم فأتركه". وكان يحجون لله كقول الشاعر " نحج للرحمان عجبًا مستترًا مضببًا محجبًا" (11). ويقول د. جواد على " والتلبية هى من الشعائر التي أبقاها الإسلام، غير أنه غيّر صيغتها القديمة بما يتفق مع عقيدة التوحيد. فصارت على هذا النحو:" لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك والنعمة لك والملك لا شريك لك" (12).
(6)الجذور التاريخية ص 23- 26.
(7) مسند ابن حنبل؛ ج 4 : 16 ا وج 6: 33.
(8)اللسان؛ ج 9 : 56 وما بعدها.
(9) مجمع البيان للطبرسي ج1 : 215.
(10)المفصّل؛ ج6 ص450و451. أنظر علي سبيل المثال: " مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (آل عمران67)، " قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (آل عمران95)،" إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " (الأنعام79)، " قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (الأنعام161)، " وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يونس105)، " حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ" (الحج31).
بل وكان هؤلاء العرب يعظمون البيت الحرام (الكعبة) والبلد الحرام، وكذلك الحج والعمرة، وكما يقول خليل عبد الكريم " وجاء الإسلام وورث من العرب (قبله) هذه الفريضة بذات المناسك ونفس التسميات ولكنه طهّرها من مظاهر الشرك" (13).
وكذ´لك تقديس شهر رمضان وتحريم الأشهر الحرم، وتعظيم إبراهيم وإسماعيل، والاجتماع العام يوم الجمعة....ألخ.
فكيف يقولون بعد ذلك أنّ العرب كانوا يعيشون في ظلام وجهل وهم الذين كانوا يعبدون الله سواء كيهود أو مسيحيّين أو حنفاء أو حتى كمشركين يقرّون بالله الواحد خالق كل شيء في السموات والأرض وإن كانوا قد أشركوا به أصنام اعتبروها ملك له وحده يبقيها أو يهلكها فهو وحده الذي بيده أمر كلّ شيء.
(11) اليعقوبي ج1: 225 وما بعدها.
(12) صحيح البخاري، كتاب الحج، الحديث 31 وما بعده، " المفصل...." ج6 ص 379 وص 375-378.
(13) الجذور التاريخية... خليل عبد الكريم، ص17.


ما المقصود بـ الأمة الغبية؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ازدهار سوق الهواتف الغبية
ما المقصود بظهور الله؟ ما المقصود بظهور المسيح؟
أنا العبدة والأم
الطيور الغبية
أفرحى يامريم العبدة والأم


الساعة الآن 07:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024