الكرازة طبيعة المسيحي
عندما اختبر سمعان وأندراوس تلاميذ المسيح كان مرقس مازال فتى يافعًا لكنه كان شغوفًا بمتابعة أخبار السيد له المجد، دائبًا على الإلمام بكل دقائق تعاليمه الجذابة أولا بأول. فامتلأ قلبه إيمانًا واعترافًا بألوهيته وتفجرت في قلبه ينابيع حب لإلهه الوديع. فلم ينتظر تكليفًا رسميًا للكرازة، بل اندفع بقوة هذا الحب يكرز بالمخلص إلهًا على الكل. واستهل كرازته هذه بوالده. حدث هذا عندما اصطحبه والده أرسطوبولس في أحد الأيام إلى الأردن. وبينما هما ماشيان لقيهما أسد ولبؤة، فلما نظرهما والده مقبلين من بعيد ارتاع قلبه، وفي أبوه صادقة قال لمرقس أنظر يا ولدى امض أنت سريعًا وانج بنفسك، ودعهما يفترساني وحدي.
وهنا وجد الكاروز الفتى أن الوقت سائح للكرازة بألوهية مخلصه الصالح، وبكل هدوء وطمأنينة أجاب ولده لا تخف يا أبت فالمسيح الذي أؤمن به يستطيع أن ينجينا من كل شدة. وبينما هو يتكلم اقترب الأسدان منهما، فصاح فيهما مرقس قائلا: السيد المسيح إبن الله الحي بأمر كما بأن تنشقا في الحال وينقطع جنسكما من هذا الجبل، فللوقت سقط الأثنان منشقين وماتا، فلما رأى أبوه أنه بقوة الرب يسوع انشق الأسد الجبار وسكنت حركته آمن على يديه بربنا يسوع وسأله أن يأخذه له، وبعد فترة قليلة انتقل هذا الأب التقى من هذا العالم. فأقام مرقس مع والدته التي صارت فيما بعد إحدى المريمات الخادمات اللاتى ذكرهن معلمنا لوقا في إنجيله (لو8: 1). فكان مرقس كارزًا في بيته ولأبيه قبل كل أحد.