رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اليهود خارج فلسطين وفي مستعمرة ألفنتين تعد بابل أكبر تجمعات اليهود خارج فلسطين، تليها مصر، وليس أدل على ذلك من قيام الملك بطليموس فلادلفوس بترجمة التوراة إلى اليونانية، من أجل تشجيع اليهود على الإقامة في مصر، في وقت كانت فيه الأمور قد بدأت تستقر في بلادهم اليهودية، فقد كان يكن لهم مزيد من الحب والتقدير، أما عن الأماكن التي تركز وجودهم فيها بمصر فهما منطقتى الإسكندرية وأسوان ومصر القديمة (بابليون / بابل مصر). اليهود في مستعمرة الفنتين (الفيلة) Elephantine في مصر1 يرد في الرسالة إلى أرستياس Letter of Aristeas وهي من الأسفار الأبوكريفية، أن اليهود دخلوا إلى مصر مع الملك الفارسى قمبيز، بينما أتى آخرون من قبل إلى مصر (يهود من مملكة أشور) ليحاربوا كمرتزقة في جيش الفرعون بسماتيك ويقول هيرودوت Herodotus أن بسماتيك الثاني (593 - 588ق. م.) شن حربًا على الكوشيين (الأحباش) مما يحمل على الظن بأنه استعان باليهود في هذه الحرب، ثم وضعهم في معسكر "فيلة" بالقرب من الحدود المصرية الحبشية، فإن صحَ هذا القول، فإن المجتمع اليهودي في الفيلة قد ازداد من خلال مجندين جدد من فلسطين، حيث خدم جميعهم في الجيش الفارسى. والحقيقة أنه ومع ذلك فإن مجتمع اليهود في فيلة، قد حيّر الكثير من العلماء، وجميع النظريات التي طرحت كان لها معارضون، فقد كانت هناك صلات بين مصر وإسرائيل - ما بين سيئة وحسنة - منذ زمن بعيد على ذلك التاريخ، فعندما قرر يربعام Jerobaam أن يهرب من وجه سليمان وجد في مصر ملجأ، كما كان لكل من أورشليم والسامرة حزب موالٍ لمصر، وذلك قبل تدميرهما من قبل البابليين والآشوريين، وقد طلب إرميا النبي من صديقا ألاَ يلتفت إلى الحزب الموالى لمصر، بينما كان صديقا يتوقع معونة من مصر عند مقاومته لنبوخذ نصر، وإلى مصر أخذ إرميا حيث عاش هناك بقية حياته. وتوضّح إحدى برديات مجتمع الفيلة أن المجتمع اليهودي هناك يسبق في تاريخه غزو قمبيز بن كورش وخليفته لمصر، تقول البردية:"... بنى آباؤنا الأولون هذا الهيكل في حصن فيلة في الماضي في عهد مملكة مصر، وحين سار قمبيز إلى مصر وجده مبنيًا، لقد هدموا كل هياكل آلهة مصر ولكن لم يضر أحدً هذا الهيكل"1. وفى سنة 1907 / 1908م وأثناء عمليات الحفر والتنقيب في جزيرة الفيلة الواقعة مقابل مدينة أسوان (حزقيال 29: 10، 30: 6) عند النبع الأول للنيل، تم اكتشاف الكثير من البرديات المكتوبة باللغة الأرامية، والتي كُتبت من قبل الجماعة اليهودية في القرن الخامس قبل الميلاد، ما بين عامى (492 - 400ق.م.) وكانت تلك البرديات في أغلبها مستندات تجارية: ما بين "قروض ونقل ملكية وما شابه ذلك"، ومما يؤكد يهودية تلك المستندات: الأسماء اليهودية الواردة فيها مثل: هوشع، عزرا، صفنيا، يوناثان، زكريا، ناثان، وهي أسماء معروفة جيدًا لقارئي الكتاب المقدس. غير أن أكثر ما يلفت الأنظار في تلك البرديات تلك التي كتبت عام 407 ق.م.، وهي عبارة عن خطاب مرسل إلى بيوجفاىBiogvai حاكم اليهودية، ويعرض الخطاب كيف أن كهنة مصر وبإيعاز من الحاكم المحلى وبمعونة ابنه، قد قاموا بهدم الهيكل الذي بناه اليهود في جزيرة فيلة، ويرد في الخطاب:.. لقد دخلوا هذا الهيكل وسوّوّه بالأرض وحطموا الأعمدة الصخرية وكذلك سقفه المصنوع من خشب الأرز، وكل ما كان هناك أحرقوه بالنار، إما الأواني الذهبية والفضية فقد سلبوها جميعًا.. لقد اشمئز الكهنة المصريون من وجود هيكل لإله غريب في وسطهم، وقرروا أن يطهروا أرضهم من نجاسته، وبالطبع وجدوا لدى الشعب عداوة كافية ضد اليهود ليحققوا غرضهم...". وقد طلب يهود فيلة المساعدة لإعادة بناء هيكلهم:"...الآن خادمك يدونيا Yadoniah ومعاونوه وسكان جزيرة فيلة من اليهود جميعهم يقولون، وإن حسن في عين سيدنا فلينظر إلى هذا الهيكل ويعيد بناؤه، لإنهم لا يسمحوا لنا بإعادة بنائه. انظر إلى محبيك وأصدقائك هنا في مصر، فلترسل خطاب من لدنك إليهم بخصوص هيكل الإله يهوه.. ليبنوه في حصن فيلة، كما بُنى من قبل، والتقدمات والبخور وذبائح المحرقة سوف تُقدم باسمك وسوف نصلى من أجلك في كل حين مع زوجاتنا وأولادنا وجميع اليهود الذين هنا إذا فعلت ذلك وأعيد بناء الهيكل، وسوف تنال جزاءك وأجرك من الإله يهوه إله السموات، أكثر من أي رجل يقدم له محرقات وذبائح تساوي آلاف القطع الفضية أو الذهبية، ومن أجل هذا قد كتبنا لنخبرك وكذلك كتبنا مخبرين بكل شيء في خطاب باسمنا إلى "شلميا" و"دلايا" Shelemiah Delaia أبناء سنبلط حاكم السامرة، ولكن ارسوميس Arsumes حاكم إقليم مصر لم يعلم بكل ما فعلوه بنا..."اه -. هذا ويؤرّخ الخطاب في العشرين من شهر ماربشوان Marbeshwan في السنة السابعة عشر لملك داريوس. وبينما كان يهود جزيرة فيلة مهتمين جدًا بالهيكل وعبادة إله إسرائيل يهوه، فإنهم لم يحافظوا على نقاء عبادتهم التي أوصى بها أنبياء إسرائيل، فقد عبدوا آلهة أخرى مثل أشوبيثال Ishumbethal، هيرم بيثال Herembethal، أناثباثال Anathbathal، وكذلك الإله Anathyahu، وكانت Anath إلهة الخصوبة والحرب في كنعان، اخت وزوجة "بعل". ويعتبر وجود الهيكل والذبائح في فيلة دلالة على أن اليهود هناك رفضوا مبدأ الهيكل الواحد المركزى (فى أورشليم) لتقدم فيه الذبائح ليهوه، وعبر مراحل كبيرة في التاريخ كان هناك صراع بين أولئك الذين دافعوا عن الهيكل المركزى وأولئك الذين يرفضون المركزية بل يفضلون تعدد الأماكن والمرتفعات، فقد كانت فكرة أن الإله يهوه إله واحد، تتمشى مع فكرة وحدانية الهيكل، والمصلحين مثل يوشيا قد صمموا على هدم المرتفعات كمراكز للوثنية، وبالتالي فإن العناصر الوثنية في عبادة يهود فيلة تسهم في رفض فكرة أن هيكل أورشليم هو المكان الأوحد للعبادة والذبائح، غير أن يهود فيلة اعتبروا أنفسهم مستقيمى العقيدة. وتفيد كتابتهم بإنهم اهتمَوا بالفصح والفطير، وكان نظام الكهنوت وتقديم الذبائح الموجود في معبد فيلة، مأخوذ عن نظام الهيكل في أورشليم، ويؤكد التجاءهم إلى كل من أورشليم والسامرة: عدم التحيّز في الانتماء إلى أي من الطرفين في صراعهم. أما اللغة التي كتبت بها البرديات فهي الآرامية وليست العبرية، فقد كان اليهود الذين حضروا إلى مصر قبل سبى بابل يتكلمون العبرية بينما الآخرون الذين حضروا بعد ذلك كانوا يتكلمون الأرامية. ويثير البعض مشكلة أخرى من حيث تاريخ وجود اليهود في فيلة، إذ يرون أن بسماتيك الثاني كان يعتلى عرش مصر في الفترة التي سبقت سقوط أورشليم، فكيف يتخلى اليهود عن أرضهم ووطنهم ليحاربوا في جيوش بسماتيك ضد الكوشيين، ويرى أولئك أنه من الممكن أن يكون بسماتيك قد أتى بمجندين يونانيين مرتزقة، وبالتالي فلم يكن بحاجة ملحة إلى مجندين من اليهود. ولكن ديسترلى W.D.E.Desterley يطرح نظرية أخرى مفادها أن المستوطنين في منطقة فيلة، كانوا يتكونون من يهود ولكن من مملكة أشور، ويعتقد أن الأسرى المسبيين الذين أخذوا من إسرائيل بعد سقوط السامرة قد تم تجنيدهم بإرادتهم، أو ربما فروا من جيش أشوربانيبال، وبعد غزو الخير مصر اُقيمت حاميات وحصون آشورية في أماكن عديدة من المنطقة، غير أن تولى أشوربانيببال لمصر لم يدم طويلًا، وترجع انتصاراته إلى سنة 667ق.م. ولكنه ومع اقتراب سنة 663ق. م. طهّر بسماتيك الثاني كافة البلاد من الحصون الأشورية ويعتقد "ديسترلى" هذا أن بسماتيك نظر إلى حصن فيلة باعتباره يخص اليهود فجنّدهم وضمَهم إلى جيوشه. ومن المحتمل أن يكون يهود فيلة قد سعدوا بابتعادهم عن بلاد أشور، وقد كانت لغتهم في أشور هي الأرامية، ولذلك كتبت مخطوطاتهم بالأرامية. هذا وتشرح وجهة نظر ديسترلى هذه، السبب في طلبهم المعونة من أهل السامرة، ويحتمل أن الغالبية العظمى في مجتمع فيلة ترجع أنسابهم إلى السامريين، إذ أن أوصاف السامريين الواردة في الأسفار المقدسة تتفق مع العناصر الوثنية لمجتمع فيلة، ففي كلا المجتمعين ومع أنهم يخشون "يهوه" إلاَّ أنهم لا يجدون غضاضة في عبادة آلهة أخرى.! وفى النهاية فإنه وإن كان نحميا المصلح الديني قد بدا متشددًا، جادًا فيما يتعلق بجيرانه من السامريين والوثنيين، فقد ظهر في فيلة في المقابل الخطر الناجم عن ترك اليهود لمجتمعهم الذي يحيون فيه، وسكناهم بجوار مجتمع وثني في مصر حيث انضم يهوه إلى "هيكل كل الآلهة" الوثنيين!! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
"المَجمَع" فتشير إلى مكان اجتماع اليهود الدِّيني في مدن فلسطين |
مستعمرة النمل |
تقسيم مستعمرة النحل |
مستعمرة بلا ملكة |
قبيلة ياوان | مستعمرة |