رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح في رؤيا يوحنا اللاهوتي إلى جوار ما عمله الروح القدس للتلاميذ بعد يوم الخمسين فإن السيد المسيح قد شارك في إعلان أمورًا لرسله القديسين، منها ما أعلنه ليوحنا في سفر الرؤيا أو ما أراه إياه. فقد كتب يوحنا الرسول إنجيلًا بوحي من الروح القدس أفاض فيه في شرح حقائق الإيمان بالثالوث القدوس. فهو الذي أوضح أن يسوع المسيح هو نفسه الله الكلمة الذي تجسد من أجل خلاصنا وأنه هو وحيد الجنس (monogenh,j مونوجينيس) المولود من الآب والكائن في حضن الآب أي أنه هو ابن الله الوحيد الذي يحمل نفس طبيعة الآب وجوهره. كما أوضح القديس يوحنا أقنومية الروح القدس (معزيًا آخر) وأنه من عند الآب ينبثق، وأنه يسمع ويتكلم ويشهد ويأخذ ويخبر ويعلم ويرشد. وجاء إنجيل يوحنا في نهاية القرن الأول المسيحي ليؤكّد كل الإيمان الرسولي الذي تم تسليمه مرة للقديسين وليسجّل حقائق هذا الإيمان وليرد على الهرطقات التي بدأت تظهر في فجر المسيحية. وكان إنجيل يوحنا هو آخر ما تم كتابته من الأناجيل. إلى جوار ذلك كتب القديس يوحنا الرسول ثلاث رسائل حسبت ضمن الرسائل الجامعة تحوى تعاليمًا كثيرة هامة في حياة الكنيسة وفي تفسير وتأكيد تعاليم السيد المسيح خاصة وصية المحبة التي أوصى بها تلاميذه. وكتب يوحنا في رسائله يقول أن "الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه" (1يو4: 16). ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل أراد الرب أن يستخدم تلميذه الحبيب يوحنا في إعلان أمور تخص الآخرة والحياة الأبدية ومستقبل الكنيسة ونهاية العالم بصورة نبوية رؤيوية تحوى كثيرًا من الرموز والأختام والأسرار وتدعو إلى التأمل العميق، كما تكشف أبعاد لاهوتية في منتهى القوة تسند الكنيسة في صراعها ضد الهرطقات وفي مواجهة الأيام الأخيرة. الجميل في هذا الأمر أن سفر الرؤيا (أبو غالمسيس) تبدأ أحداثه بظهور السيد المسيح في مجده السمائي ليوحنا ليعلن له كثيرًا من الأمور التي لم يكن من الممكن أن يذكرها لتلاميذه أثناء خدمته على الأرض بل قال لهم: "إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن" (يو16: 12). يقول يوحنا في رؤياه: "كنت في الروح في يوم الرب، وسمعت ورائي صوتًا عظيمًا كصوت بوق قائلًا: أنا هو الألف والياء الأول والآخر. والذي تراه، اكتب في كتاب وأرسل إلى السبع الكنائس التي في أسيا.. فالتفتُّ لأنظر الصوت الذي تكلّم معي. ولما التفتُّ رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان، متسربلًا بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياه كثيرة. ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه، ووجهه كالشمس وهى تضئ في قوتها" (رؤ1: 10-16). الذي ظهر ليوحنا في رؤياه هو السيد المسيح بدليل قوله له: "لا تخف. أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين" (رؤ1: 17، 18). وأوصاه السيد قائلًا: "اكتب ما رأيت، وما هو كائن، وما هو عتيد أن يكون بعد هذا" (رؤ1: 19). وبعد أن أوصاه أن يكتب رسالة حددها له إلى كل أسقف من أساقفة الكنائس السبعة ممتلئة من التعاليم الهامة والنافعة والتحذيرية، يقول القديس يوحنا: "بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء، والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلًا: اصعد إلى هنا فأريك ما لابد أن يصير بعد هذا. وللوقت صرت في الروح، وإذا عرش موضوع في السماء، وعلى العرش جالس" (رؤ4: 1، 2). لقد اخترق يوحنا بالرؤيا حاجز الزمن بروح النبوة ليرى أمورًا مستقبلية. أما الله فهو كائن في كل زمان بما في ذلك المستقبل لأن الله فوق الزمن لذلك قال ليوحنا "اصعد إلى هنا فأريك ما لابد أن يصير بعد هذا". إن اللسان ينعقد أمام هذه الإعلانات الإلهية المملوءة سرًا ويقف الإنسان مبهورًا أمام روعة العمل الإلهي،وها هو السيد المسيح من السماء العليا يواصل عنايته بكنيسته المحبوبة يخاطبها ويرسل إليها الرسائل ويعلن لها أسرار الأبدية ويعمل فيها بروحه القدوس بكل قوة. حقًا ما أعجب اسمك يا رب، وعظيمة هي أعمالك يا ملك القديسين! |
|