بالصوم يتدخَّل الله
لقد جرب هذا الأمر نحميا، وعزرا ودانيال. وجربته الملكة أستير من أجل الشعب كله. وجربته الكنيسة في القرن الرابع في عمق مشكلة آريوس. وجربته الأجيال كلها. وأصبح عقيدة راسخة في ضمير الكنيسة، تصليها في صلاة القسمة في الصوم الكبير، مؤمنه إيمانًا راسخًا أن الصوم يحل المشاكل..
الإنسان الواثق بقوته وذكائه. أما الشاعر بضعفه، فإنّهُ في مشاكله، يلجأ إلي الله بالصوم. في الصوم يتذلل أمام الله، ويطلب رحمته وتدخله قائلًا "قم أيها الرب الإله.." وفي ذلك ينصت إلي قول الرب في المزمور "من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم -يقول الرب- أصنع الخلاص علانية" (مز 11)
الصوم هو فترة صالحة، لإدخال الله في كل مشكلة. فترة ينادي فيها القلب المنسحق، ويستمع فيها الله.
فترة يقترب فيها الناس إلي الله، ويقترب فيها الله من الناس، يستمع حنينهم وإلي أنينهم، ويعمل.. طالما يكون الناس منصرفين إلي رغباتهم وشهواتهم، ومنشغلين بالجسد و المادة فإنهم يشعرون أن الله يقف بعيدًا لا لأنه يريد أن يبعد، وإنما لأننا أبعدناه، أو رفضناه، أو رفضنا أن نقترب منه علي وجه أصح. أما في فترات الصوم الممزوج بالصلاة، فإن الإنسان يقترب إلي الله، ويقول له: اشترك في العمل مع عبيدك.. إنه صراخ القلب إلي الله، لكي يدخل مع الإنسان في الحياة.
يمكن أن يكون في أي وقت. ولكنه في فترة الصوم يكون أعمق، ويكون أصدق ويكون أقوي.
فبالصوم الحقيقي يستطيع الإنسان أن يحنن قلب الله.. والذي يدرك فوائد الصوم، وفاعليه الصوم في حياته، وفي علاقته بالله، إنما يفرح بالصوم.