262 - يحدثنا الكتاب المقدس ان فرعون ملك مصر رأى حلما ً أزعجه وأقلقه . رأى نفسه واقفا ً عند النهر وهوذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم فارتعت في روضه ، ثم هوذا سبع بقرات أخرى طالعة ورائها قبيحة المنظر ورقيقة ، اللحم فوقفت بجانب البقرات الاولى على شاطئ النهر فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم ، اكلت البقرات السبعة الحسنة المنظر والسمينة الللحم . وتكرر الحلم بسنابل سمينة وسنابل رقيقة ، واكلت السنابل الرقيقة السنابل السمينة . وفسر يوسف حلم فرعون عما سوف يحدث في مصر فالبقرات والسنابل السمينة هي سبع سنوات شبع تليها سبع سنوات جوع وتلتهم سنوات الجوع سنوات الشبع . وحديثنا اليوم لن يتناول قصة يوسف وفرعون ، لكننا نتأمل في سنوات الجوع وسنوات الشبع . تمر بنا سنوات حسنة المنظر وسمينة ، سنوات رخاء وشبع وراحة وخير ، وتمر بنا سنوات قبيحة المنظر رقيقة اللحم . تبتلع السنوات القبيحة السنوات الحسنة ، وننسى الشبع والراحة والخير ونتذكر الجوع والتعب والشر ونشكو . نشكو ونتذمر وفي شكوانا ننسى تماما ً ما مر بنا قبلا ً من راحة وخير . نتذكر الفشل وننسى النجاح . نتذكر الهزيمة وننسى النصرة . نتذكر الضعف وننسى القوة . نتذكر الحزن وننسى الفرحة . ننظر الى البقرات الرقيقة الضعيفة الهزيلة الجافة ونندب حظنا ونغلق اعيننا عن البقرات السمينة القوية الصحيحة العفية ولا نذكرها . ننظر الى السنابل الرقيقة الفارغة الرفيعة ونحزن ونكتئب . ونغلق انظارنا عن السنابل السمينة والحسنة والممتلئة خيرا ً ونهملها . الخير نقبل والشر لا نقبل . الخير ننتظر والشر نرفض . الله هو الذي يعطي الخير وهو الذي يسمح بالشر . حين يحل بنا الخير ، الواجب علينا أن نتلقاه ونشكره عليه ، وحين يحل بنا الشر ، الواجب علينا أن نقبله ونشكره عليه . يسهل علينا أن نشكر على الخير ويصعب علينا الشكر على الشر . لكننا إن كانت علاقتنا بالرب سوية سليمة دائمة مستمرة يسهل علينا ذلك . إن ثبتنا في المسيح وثبتت محبته فينا . إن داومنا على الإتصال به والشركة معه ، نقدر أن نشكر على القبيح كما نشكر على الجميل ، ونستطيع أن نشكر على السنوات العجاف كما نشكر على سنوات الشبع .
لا تضيع عمرك تركز فيما يُؤلم ويُحزن ويوجع . إملأ قلبك بالتفاؤل وانظر الى ما يُفرح ويُبهج ويريح ، وهنيئا ً لك سنوات الشبع برغم سنوات الجوع . هنيئا ً لك السنابل الممتلئة برغم السنابل الجافة . اشكر دائما ً في كل حين ، فكل شيء من عند الله ، والله يقصد لك كل الخير وكل السعادة وكل الهناء .