منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 06 - 2012, 09:37 PM
الصورة الرمزية Ebn Barbara
 
Ebn Barbara Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Ebn Barbara غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 6
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 41
الـــــدولـــــــــــة : EGYPT
المشاركـــــــات : 14,701

فقامَ ورجعَ إلى أبيه. فرآه أبوه قادمًا من بعيد، فأشفقَ عليه وأسرعَ إليه يُعانقهُ ويُقبِّلهُ. فقالَ لهُ الابن: يا أبي، أخطأتُ إلى السماء وإليك، ولا أستحق بعد أن أُدعى لكَ ٱبنًا. فقالَ الأبُ لخدمه: أسرعوا ! هاتوا أفخرَ ثوبٍ وألبسوه، وضعوا خاتمًا في إصبعه وحذاءً في رجليه. وقدِّموا العجلَ المُسمَّن وٱذبحوه، فنأكل ونفرح، لأنَّ ٱبني هذا كانَ ميتًا فعاشَ وكانَ ضالاًّ فوُجدَ. فأخذوا يفرحون. وكانَ الابن الأكبر في الحقل، فلمَّا رجعَ وٱقتربَ من البيت، سمعَ صوتَ الغناء والرقص. فدعا أحد الخدم وسألهُ: ما الخبر؟ فأجابهُ رجعَ أخوكَ سالمًا، فذبحَ أبوكَ العجلَ المُسمَّن. فغضبَ ورفضَ أن يدخل. فخرجَ إليه أبوه يرجو منهُ أن يدخلَ، فقالَ لأبيه: خدمتك كل هذه السنين وما عصيتُ لكَ أمرًا، فما أعطيتني جديًا واحدًا لأفرح بهِ مع أصحابي. ولكن لمَّا رجعَ ٱبنكَ هذا، بعدما أكلَ مالكَ مع البغايا، ذبحتَ العجل المُسمَّن! فأجابهُ أبوه: يا ٱبني، أنتَ معي في كلِّ حين، وكل ما هوَ لي فهوَ لكَ. ولكن كانَ علينا أن نفرح ونمرح، لأنَّ أخاكَ هذا كانَ ميتًا فعاشَ، وكانَ ضالاًّ فوُجدَ " (إنجيل لوقا 15 : 20 – 32).



" وصية جديدة أنا أُعطيكم، أن تُحبّوا بعضكم بعضًا. كما أحببتكم أنا تُحبّون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كانَ لكم حب بعضًا لبعض..



بعدَ كل ما كلّمنا به الرب في المؤتمر، من حقائق ودروس ورسائل خاصة، وكلام علم...، أنهى الرب كلامهُ لنا، بضرورة المحبة الأخوية، تجاه بعضنا البعض، لكـــن... ينبغي أن نُحب بعضنا بعض كما أحبنا الرب تمامًا..

وهكذا كـان ينبغي على الأخ الأكبر، أن يُحب أخاه الأصغر، كما أحبهُ أبوه بالتمام، وهذا هوَ موضوع تأملنا لهذا الصباح، لكي نتعلم معًا من خلال تأملنا بقصة الابن الضال، ما هي الصفات التي كانت للابن الأكبر والتي ينبغي علينا أن نتركها، هذا إن كنَّا نريد أن نحب بعضنا البعض كما أحبنا الرب وكما أوصانا أن نفعل..



ابن أخطأَ، فتركَ بيت أبيه بعد أن أخذَ حصته من الأملاك، وقرَّر أن يعيش حياته على هواه، ، فبدَّد ماله، ثمَّ وقعَ في ضيق شديد، ثمَّ رجعَ إلى نفسه، وقرَّر العودة إلى بيت أبيه، علَّه يُسامحهُ ويعاملهُ كأجير.

وضع مُشابه تمامًا لوضع الكثيرين من أولاد الله حول العالم، حتى لا أقول لكل أولاد الله حولَ العالم، فالكثير منا وخلال رحلتنا مع الرب في هذه الحياة، نُخطىء، ونترك بيت الآب مرارًا عديدة، ونعيش على هوانا خارج خطة الرب لحياتنا، ثمَّ نعود لأنفسنا، نُقرِّر التوبة والعودة إلى بيت الآب..

والسؤال المُوجَّه لكل واحد منا في هذا الصباح: كيف تعتقد أن الآب سيستقبلنا عندما نعود؟ وكيفَ ستستقبل أنتَ إخوتك عندما يعودون؟ هل كما يستقبلهم الآب؟ أم كما يستقبلهم الابن الأكبر؟ ولماذا؟



لم يتوقَّع الابن الأصغر، أن يبقى ٱبنًا في نظر أبيه، بل ٱعتقدَ أنه سيكون أجيرًا بعد كل الذي فعلهُ، لأنه لم يكن يُدرك معنى المحبة غير المشروطة، ومعنى النعمة الغنية التي تُعطي دون حدود ودون ٱستحقاق، وهذا ما وقع فيه الأخوان معًا الأكبر والأصغر، فالأصغر ولأنه أخطأَ كثيرًا، ولم يفعل كما أرادَ أبوه منه أن يفعل، ٱعتبرَ أن محبة أبيه لهُ قد تغيَّرت، إذ كان يعتبرها محبة تعتمد على حسن تصرفه، أو كرد فعل على ما يقوم بهِ من أعمال، والأكبر ٱعتبر أنه يستحق أن يحصل على محبة ومكافآت أبيه لأنه كان يخدمهُ دائمًا ولم يعصَ لهُ أمر.

المعادلة السائدة في هذه القصة، وفي فكر وذهن أغلبنا هي التالية:

أُخطىء... لا أستحق محبة الآب.

أخدمهُ ولا أعصى لهُ أمرًا... أستحق محبتهُ.

لا ليست هذه أبدًا محبة الآب لنا، لا بل هيَ محبة لا تعتمد أبدًا على ٱستحقاقنا وتصرفاتنا وسلوكنا، مهما كانت، بل هيَ محبة غير مشروطة وغير محدودة، ولا تعتمد أبدًا على خدمتك وتصرفاتك وسلوكك و...

فالآب أحبك ويحبك وسيبقى يحبك مهما فعلت، ومهما ٱرتبكت من خطايا، ومهما خرجت وبعدت عن خطته لحياتك، فمحبته لكَ لن تتغيَّر ولن تتأثَّر أبدًا، وينبغي أن تُعطي الفرصة للروح القدس لكي يغرس هذه الكلمات بداخلك، حتى تُدرك وتختبر مدى محبة الآب لكَ، بالرغم من كل شيء، ومهما كان وضعك ومهما كانت الظروف التي تمر بها الآن.



أولاً لكي تتمتع بهذه المحبة العظيمة، وثانياً لكي تستطيع أن تحب إخوتك عندما يُخطئون كما تُخطىء أنت، لأنهُ إن كنتَ ترى أنَّ الآب يغضب منكَ عندما تُخطىء ولا يعود يُحبك، فبالطبع ستفعل أنتَ الشيء نفسهُ مع إخوتك، عندما يُخطئون ويذهبون بعيدًا عن خطة الرب لحياتهم.

لم يسمح الأب لابنه الأصغر أن يشرح ويُبرِّر أسباب ذهابه أو عودته، بل من اللحظة التي رآه فيها عائدًا ومن بعيد، بٱتجاه البيت، أسرعَ نحوه وعانقهُ وقبَّلهُ، ولم يسمح لابنه أن يُكمل الشرح، لأنهُ إن قرأنا ما كانَ ينوي الابن أن يقوله لأبيه، لاكتشفنا أنهُ لم يقل كل ما نوى أن يقولهُ، لأنَّ أبوه كان مهتمًا بأمـر واحـد فقـط: " ابني هذا كانَ ميتًا فعاش.. وكانَ ضالاًّ فوُجد "، والباقي كلهُ تفاصيل صغيرة أمام هذا الحدث الهام والغالي على قلب الأب، سيعالجها هذا الأب لاحقًا.. لكنَّ الوضع كان مختلفًا مع أخيه عندما علمَ أنهُ رجعَ إلى البيت.



لاحظ معي الفرق بين ردة فعله وبينَ ردة فعل أبيه.

سأل أحد الخدم ما الخبر، عندما سمع صوت الغناء والرقص، فأجابهُ الخادم: " رجعَ أخوكَ سالمًا، فذبحَ أبوكَ العجلَ المُسمَّن.. "

لم تكن ردة فعله عندما علم بعودة أخيه كردة فعل أبيه، لأنَّ الأب وعندما رأى ٱبنهُ عائدًا من بعيد وقبل أن يعرف أي شيء، ركضَ وعانقهُ، ولم يسمح لهُ أن يُكمل كلامه، بل أصدرَ الأوامر لخَدَمه لكي يُكرِم ٱبنه، فقط لأنهُ كان يحبه محبة غير مشروطة، ولو كانت هذه المحبة ساكنة في قلب ذلكَ الأخ الأكبر، لكان ٱكتفى أن يسمع من الخـادم المقطـع الأول مـن الإجابة: " رجعَ أخوكَ سالمًا... "، لكي يركض ويدخل البيت ويرتمي على أعناق أخيه ويُقبِّلهُ ويفرح بعودته، لكنه ٱستمع إلى كل الإجابة، وٱنزعج من القسم الثاني منها، المتعلق بتكريم أخيه، فغضب ورفض أن يدخل. لم يكن يُهمه ما كان يُهم الأب: " أخي كان ميتًا فعاش.. وكانَ ضالاًّ فوُجد ".



وهل تأملت مرة كيف رأى ذلكَ الأب ٱبنهُ عائدًا من بعيد. أنا أعتقد أنهُ كان يقف كل يوم في الخارج وينظر إلى البعيد علَّهُ يرى هذا الابن يعود إلى البيت، كان يحبه كثيرًا، وكان منشغلاً بعودته كل يوم، ولا أعلم كم من المرات ربما، شاهد أشخاصًا قادمين من بعيد وركضَ نحوهم، ثمَّ تفاجأ أنهم لم يكونوا ٱبنه، لكن مع الابن الأكبر لم يكن الوضع هكذا، لأنهُ لو كان منشغلاً بعودة أخيه، كانشغال أبيه، لم يكن ليسأل الخادم عندما سمعَ صوت الرقص والغناء في البيت، بل لكانَ أسرعَ الى الداخل قائلاً في نفسه علَّ أخي الضائع قد عاد وأبي يفرح به، لكنه فعلَ العكس وعلى ما أعتقد لم يكن يُحب عودة أخيه، بل كان يُحب أن يدفع ثمن أخطائه إلى النهاية، والسبب واحد لا غير: لم تكن في قلبه نفس محبة أبيه !!!



هل تنطبق تفاصيل هذه القصة علينا اليوم؟ أم هيَ قصة مضت وطواها النسيان؟

هل إذا ٱختطف العالم وشهواته أحد أخوتك من الكنيسة، تنتظر عودته بفارغ الصبر، كما فعل ذلكَ الأب؟ وهل ترفعهُ يوميًا بالصلاة أمام عرش النعمة وتتشفع من أجله لكي يعود إليكَ سالمًا؟ وعندما يعود تراه من بعيد وتركض إليه وترتمي على عنقه وتُزيد من إكرامه؟ أم إذا دخلتَ الكنيسة في إحدى المرات ورأيت أخاكَ هذا قد عاد وراعي الكنيسة يحتفل به، والإخوة يعانقونه ويفرحون به، تغتاظ وتخرج غاضبًا، وتقترح محاسبته على الأفعال التي ٱرتكبها؟ وكنتَ تتمنى أن لا يعود أبدًا بعد كل ما سمعتهُ عنه من قباحات وخطايا ٱرتكبها؟



أسئلة مفصلية، من كلمة الله الحيَّة والفعَّالة، التي تُميِّز أفكار القلب ونياته، دعها وتحت نور الروح القدس تفضح كل ما في داخلك.

ولو تأملنا بعمق أكثر بهذا المقطع الكتابي، فقد نتساءل لماذا لم ينتظر الأب ٱبنه الأكبر ليُشاركه في هذا الإحتفال؟

ربما ليفضح ما بداخله من مرارة وعدم محبة وغيرة وحسد...

وانا أعتقد أن الآب السماوي قد يسمح بأن نمر بمواقف كهذه لكي يفضح أيضًا ما بداخلنا من صفات مُشابهة لصفات ذلكَ الابن الأكبر، ولكن ينبغي أن تعلم أنه يهدف من هذا الفضح أن تكتشف هذه الخطايا وتطلب منه المعونة لكي يُحررك منها لأنه يحبك ويريدك أن تكون إناء صالح للاستخدام بين يديه، وليسَ أبدًا لكي يُدينك ويفشلك. ولكي تتعلَّم أيضًا أن تنشغل بأمور الله التي أوكلك بها، وتعاملات الله الخاصة بك دون سواك، ولا تنشغل بتعاملات الله الخاصة بغيرك، ولا تتساءَل لماذا يتعامل الله معي بطريقة معينة، ويتعامل مع الآخرين بطريقة أخرى، ولماذا لا يسألني رأيي إن كان سيُكرم وسيحتفل بأخ لي، وأنا لا أراه يستحق، يريد أن يُعلِّمك كل هذه الأمور، كما علَّم بطرس عندما تدخلَّ بمصير يوحنا وسأل الرب عنهُ قائلاً: " يا رب وهذا ما لهُ ". فقالَ لهُ يسوع: " إن كنتُ أشاء أنهُ يبقى حتى أجيء فماذا لك. ٱتبعني أنت " (يوحنا 21 : 21 – 22).



ويريد أن يُعلِّمك ما علَّمه للآخرين عندما كانَ على هذه الأرض عندما أعطاهم مَثَلْ صاحب الكرم الذي دفع الأجر نفسه للذين ٱستخدمهم كامل اليوم ونصف اليوم ولمدة ساعة واحدة فقط. هوَ الله وطرقه وأفكاره غير طرقنا وأفكارنا، فلا تغار ولا تحسد ولا تغضب عندما يتعامل الله مع أشخاص معينين، أو مع إخوة لكَ، بطريقة لا تنسجم مع أفكارك وطرقك، بل إنشغل بدعوتك الخاصة بكَ وٱتبعهُ حتى النهاية.

لاحظ معي أيضًا ما قاله الابن الأكبر لأبيه: " ولكن لمَّا رجعَ ٱبنك هذا... ".

لم يقل لأبيه لمَّا رجع أخي.. بل لمَّا رجع ٱبنك، لم يعد يراه أخ له، وتابع يفضح ويُعدد خطايا أخاه: أكلَ مالك مع البغايا...

ابن يخدم أبيه سنين طويلة ولا يعصى أوامره لكن قلبه مملوء بعدم المحبة، بالغيرة والحسد، والمرارة، والدينونة، عدم الرحمة، فضح خطايا الآخرين، التخلِّي عن إخوته عندما يُخطئون، وكل هذا بعيد كل البعد عن إصحاح المحبـة فـي رسالة كورنثوس الأولى 13، الذي يخبرنا عن المحبة التي تتأنَّى وترفق ولا تحسد ولا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تُقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء... وليسَ صدفة أن يخبرنا الرب قصة الابن الضال بعد قصة الخراف التسعة والتسعين الذين يتركهم الراعي لكي يفتش عن الخروف الضائع، فالآب يحب التسعة والتسعين كما يحب الخروف الضائع تمامًا، وليسَ أقل أبدًا، لكنهم محميين وليسوا عرضة لأي خطر، لكن الذي يحتاج منه إلى عناية خاصة الآن هوَ الخروف الضائع، فهل ستحتد وتغضب وتغار إن أراد الرب أن يسترد وينقذ أخوك الضائع؟ ويفرح بهِ عندما يعود ويُكرمهُ؟



يُقال أنه ربما من السهل أن نتألم مع أخ لنا عندما يتألم، لكن هل من السهل عليك أن تفرح مع أخ لكَ عندما يُكرم؟ لا سيما إن كنتَ تراه لا يستحق؟

يقول أحد الوعاظ، أنه عندما وصلَ يوحنا وبطرس إلى قبر الرب لكي يتأكدا من قيامته، فإن يوحنا وصل قبل بطرس لكنه ٱنتظرهُ وأدخله قبلهُ، ٱحترامًا له، ولكي يؤكد لهُ أنه ما زال يُقدِّره ويحترمه بالرغم من نكرانه للرب !!!

فهل تمتلك قلب يوحنا، وتُقدِّر وتحترم إخوتك بالرغم من ٱرتكابهم الأخطاء والزلاَّت؟ أم أنك تُفضِّل أن تكشف عوراتهم وتستخف بهم؟



والآن صفات أخرى لذلك الابن الأكبر تُعلنها لنا هذه القصة الثمينة...

" خَدَمْتُكَ كل هذه السنين وما عصيتُ لكَ أمرًا، فما أعطيتني جديًا واحدًا لأفرح بهِ مع أصحابي ".

ولنضع إلى جانبها كلمات قالها الرب، علَّها تكشف لنا ما نقصدهُ من هذا التأمل: " كذلـك أنتم أيضًا متى فعلتم كل ما أُمرتم بهِ، فقولوا أننا عبيد بطَّالون. لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا " (لوقا 17 : 10).



لقد فضحت حادثة عودة الابن الضال كل ما خبَّأته السنين الطوال في قلب الابن الأكبر.

لقد كان يخدم أبيه كل هذه السنين، ولم يكن يعصى لهُ أمر.. لكن الدافع لم يكن المحبة، لم تكن له صفات الابن، بل كانت لديه صفات الأجير الذي يخدم ربما عن خوف أو كواجب ثقيل أو كأمر مفروض عليه، وينتظر أجر أو مكافأة لقاء ما يقوم به، ينتظر أن يُمدح أو أن يظهر عملهُ للجميع، كان يحب خدمة القش والتبن الكبيرة الحجم والصغيرة القيمة، ويرفض خدمة الأحجار الثمينة، الصغيرة الحجم والكبيرة القيمة، كان يُحب أن تُقام له الحفلات والولائم لكي يرى الجميع أنه يُكرم من أجل كل ما فعلهُ، وببساطة لم يكن يرى نفسه عبد بطَّال كما أوصانا الرب، وهذا ما توضحه لنا هذه القصة من خلال الكلام الذي قاله ذلك الابن الأكبر لأبيه.



لا تخدم الرب أبدًا هكذا خدمة، بل ٱخدمهُ فقط بعد أن تراه الحمل المذبوح من أجلك، وبعد أن يمتلىء قلبك بمحبة كبيرة له، ولما قام به من أجلك، ولتكن خدمتك كرد فعل على ما قام به الرب من أجلك، خدمة نابعة من قلب تلامس مع نعمته الغنية، قلب ٱختبرَ تعاملات الله المُحبِّة معه، قلب لمسته محبة الآب غير المشروطة ونعمته الغنية التي تفوق إدراكنا وعقولنا، ٱخدمه هذه الخدمة فقط، ولتكن لكَ الآن وقفة جديَّة مع الرب، تتخلَّى فيها عن كل دوافع تقودك لخدمته غير دافع المحبة والامتنان لما فعله الرب من أجلك، وإلاَّ سيُصيبك ما أصاب الابن الأكبر، عاجلاً أم آجلاً...

صفات أخرى أيضًا لذلكَ الابن الأكبر...

" ما أعطيتني جديًا واحدًا لأفرح به مع أصحابي.. ".

بينما أبوه قالَ له: كل ما هو لي فهوَ لكَ.. كل الجداء التي أملكها هي لكَ، ويمكنك أن تتصرَّف بها كما تشاء، وتفرح بها مع أصحابك عندما تشاء..

وبينما كلمة الله تقول لنا أيضًا:

" لا تخف أيها القطيع الصغير لأنَّ أباكم قد سُرَّ أن يُعطيكم الملكوت " (لوقا 12 : 32).

" الذي لم يُشفق على ٱبنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معهُ كل شيء " (رومية 8 : 32).



أعطانا الآب كل شيء في المسيح، وهوَ يقول لنا كل ما هو لي هو لكم، أُطلبوا ليكون فرحكم كاملاً، بينما نحن نعيش في عوز وفي المرض وفي الحزن وفي الإكتئاب وفي الفشل وفي الهزيمة وفي...

والأهم من كل ذلك، أننا وإن لم نقلها علنًا أو بالصوت العالي، فإنَّ قلوبنا تمتلىء بالعتب على الرب والمرارة أحيانًا، ظانين أنهُ هو من لا يعطينا الجداء لنفرح بها مع أصحابنا، وهو من يحرمنا من التمتع بالبركات التي دفع دمه الثمين لكي تصبح متاحة لكل واحد منا. لا، ليس هذا هوَ الآب المحب، وأنا هنا لن أدخل في تفاصيل ما قد يحرمك من التمتع ببركات الرب الكاملة، فقد تكون الخطيئة أو عدم الإيمان، أو لعنات أو... لكن ما يهمني أن تقوم به عندما لا تعرف السبب الحقيقي لعدم نيلك هذه البركات أن تقول: أنه يُمكن أن يكون السبب أي شيء، لكن ليسَ الرب أبدًا من يحرمني منها، ليس ذلكَ الأب المحب من منع عن ٱبنه تلكَ الجداء، بل هوَ من حرمَ نفسه منها، لأنهُ كان يعتبر نفسه كأجير عند أبيه وليس ٱبنًا يتمتع بكل حقوق البنوة، وهذا ما أكَّده له أبوه عندما قال له: كل ما هوَ لي فهوَ لك...



صفات كثيرة للابن الأكبر تكلمنا عنها، وأسئلة كثيرة طرحناها، وسأتركها بين يديك، وأطلب منكَ أن تُعطي الفرصة للروح القدس، أن يتعامل معك بجدية، لكي يساعدك في الإجابة على هذه الأسئلة، ولكي يُساعدك في التحرر من كل ما لا يتناسب مع أبناء الله الذين يريدون أن يكونوا نافعين للسيد، لكي يُعطيك أن تُحب إخوتك كما أحبك الرب تمامًا، تحزن عندما يقعون في التجارب والخطايا، تستر خطاياهم ولا تفضحها، تتشفع مـن أجلهـم، تنتظر عودتهم بفارغ الصبر، تفرح بهم عندما يعودون، وتُسَّر بأن تستقبلهم وتكرمهم، وتمحو آثار الذنب من حياتهم، يُساعدك لكي تخدم الرب من كل قلبك، تخدمهُ من قلب ممتن لهُ، ممتن لكل ما قامَ به من أجلك، وتعرف دومًا أنهُ دفعَ دمهُ الثمين، لكي يهبك بركات كثيرة، ولكي تعرف أنهُ ليسَ هوَ من يحرمك من التمتع، ومن ذبح الجداء والفرح بها مع أصحابك..



هكذا أريدك أن تُصلِّي في هذا الصباح، وأن تطلب من الآب، أن ينزع منكَ قلب الإبن الأكبر، قلب الحجر، ويُعطيك قلبهُ هوَ فقط.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في الخصام يعتذر الأكثر حبا وليس الأكثر خطأ
"مَعي دائماً أبداً" فتشير إلى عدم عمل وليمة للابن الأكبر
حيوان الليمور الأكثر ذكاءا هو الأكثر شعبية
دهون البطن الأكثر خطورة بين النساء الأكبر سنا من البدانة
صور للابن الضال


الساعة الآن 05:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024