رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كان الملك داود هارباً من وجه الملك شاول الذي كان يريد قتله، وكان حينها مختبئاً في أرض يهوذا، وكان قد لجأ إليه حوالي 400 رجل. وحينها أيضاً أقدم شاول الملك، وعلى يد دواغ الأدومي على قتل أخيمالك بن أخيطوب الكاهن وجميع بيت أبيه الكهنة، خمسة وثمانين رجلاً لابسي أفود كتان. وضرب نوب مدينة الكهنة بحد السيف. الرجال والنساء والأطفال والرضعان والثيران والحمير والغنم بحد السيف. فنجا ولد واحد لأخيمالك بن أخيطوب اسمه أبياثار وهرب إلى داود، وأخبره بكل ما حصل، فقال له دواد هذا الكلام: " أقم معي. لا تخف. لأنّ الذي يطلب نفسي يطلب نفسك، ولكنك عندي محفوظ " (صموئيل الأول 22 : 23). في بداية هذا العام شعرت بأن الكلام الذي قاله داود الملك لأبياثار، يريد أن يقوله لكل واحد فينا، ليس الملك داود، بل من يرمز إليه داود الملك، ألا وهو ملك الملوك ورب الأرباب الرب يسوع المسيح. وأنا أدعوك أن تستقبل هذا الكلام من فم الرب مباشرةً، وتجعله يسكن في داخلك بغنى، لكي تُدرك من مطلع هذا العام، أنّ الرب يريدك أن تُقيم معه، وأن لا تخاف، وأن تعلم أنّ الذي يطلب نفسك يطلب نفس الرب أيضاً، ولكــن.. يريدك أن تعلم علم اليقين: أنّك عنده محفوظ !!! فالشيطان لا يكرهك لشخصك، والعالم لا يبغضك لشخصك.. لكن الشيطان يكرهك لأنه يكره الرب، ولأنك في المسيح فهو يكرهك، ويريد إيذاءك وتدميرك، وسلب فرحك وسلامك وصحتك وأموالك... إلخ. لكن الحل من مطلع هذا العام: أن تقيم مع الرب بصورة دائمة.. لأنك عنده ستكون محفوظاً.. والرب يسوع سبق وقال لتلاميذه هذا الكلام الذي يؤكد ما أقوله لك: " إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم، لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته. ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم. اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبد أعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم " (يوحنا 15 : 18 - 20). أحبائي: لا يوجد شيء أهم من حضور الرب الدائم في حياتك، وهذا الحضور ينمو ويتأصّل عندما تقيم مع الرب بصورة دائمة. يقول المزمور الشهير 91: " الساكن في ستر العلي في ظل القدير يبيت " (مزمور 91 : 1). وكلمة الساكن تحمل المعاني التالية أيضاً: يعيش، يقيم بصورة دائمة، أي ليس المطلوب أن نقوم بزيارات من وقت لآخر إلى ستر العلي، أو عند الاحتياج، بل أن نسكن ونقيم بصورة دائمة هناك، وهذا ما قصدته الآية التي نتأمل فيها: أقم معي. آساف كاتب المزمور 73، فهم أهمية الإقامة مع الرب، ولهذا قال: " ولكني دائماً معك. أمسكت بيدي اليمنى، برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني، من لي في السماء. ومعك لا أريد شيئاً في الأرض... لأنه هوذا البعداء عنـك يبيدون... أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي. جعلت بالسيد الرب ملجأي لأخبر بكل صنائعك " (مزمور 73 : 23 – 28). الآية المفتاح: ومعك لا أريد شيئاً في الأرض.. أدرك آساف أهمية حضور الله الدائم في حياته، وأهمية التواجد الدائم مع الرب.. وقال: لأن البعداء عنك يبيدون.. عندما تكون بعيداً عن الرب، سواء بسبب خطيئة، أو بسبب انجذابك لأمور العالم، وسواء بسبب الكسل أو الشعور بالاكتفاء، فأنت ستكون عرضة لهجمات العدو وفاقد للحماية.. لكن عندما تقيم مع الرب، فهو سيقول لك: لا تخف.. لأنك عندي محفوظ.. ستشعر بالأمان، بالسلام، بالفرح، بالطمأنينة، بالصحة الجيدة والشفاء، بتسديد الاحتياجات، وتستطيع أن تضيف ما شئت على هذه اللائحة.. ولهذا السبب قال آساف للرب: ومعك لا أريد شيئاً في الأرض.. لأنّ في الرب كل الكفاية.. وماذا قال داود أيضاً في هذا السياق: " واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس. أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرّس في هيكله لأنّه يخبئني في مظلته في يوم الشر، يسترني بستر خيمته، على صخرة يرفعني، والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي، فأذبح في خيمته ذبائح الهتاف. أغنّي وأرنّم للرب، استمع يا رب، بصوتي أدعو فارحمني واستجب لي، لك قال قلبي، قلت اطلبوا وجهي. وجهك يا رب أطلب " (مزمور 27 : 4 – 8). كلام واضح لا يحتاج إلى تفسير كثير.. واحدة سألت من الرب.. ولهذه الكلمة معنى عميق، أي أنه لا يريد غيرها، لم يسأله أمر آخر، واحدة فقط، ولم يسأله مجرّد سؤال، بل كان يلتمس التماساً، أي بشغف وبإصرار وبتوسّل، وهي أن يقيم مع الرب كل أيام حياته، يتمتّع بحضوره ويتفرّس بجماله، مدركاً أن الرب يحميه ويستره في يوم الشر، لا بل يرفعه على صخرة، ويرفع رأسه على أعدائه.. أقم معي. لا تخف. لأنّ الذي يطلب نفسي يطلب نفسك، ولكنك عندي محفوظ.. وماذا عن موسى؟ طلب الرب منه إخراج الشعب من أرض مصر، أرض العبودية، فقال له موسى: " ... انظر، أنت قائل لي أصعد هذا الشعب، وأنت لم تعرّفني من ترسل معي. وأنت قد قلت عرفتك باسمك، ووجدت أيضا نعمة في عينيّ... فقال وجهي يسير فأريحك، فقال له: إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا من ههنا، فإنه بماذا يعلم أنّي وجدت نعمة في عينيك أنا وشعبك. أليس بمسيرك معنا، فنمتاز أنا وشعبك عن جميع الشعوب الذين على وجه الأرض. فقال الرب لموسى: هذا الأمر أيضاً الذي تكلمت عنه أفعله. لأنك وجدت نعمة في عيني وعرفتك باسمك " (خروج 33 : 12 – 17). في الترجمات الانكليزية، كلمة وجهي، تأتي بمعنى حضور الله " My Presence ". تكلم موسى بجرأة وبصراحة مع الله، وقال له، إن لم يكن حضورك معنا فلا تصعدنا من ههنا، لم يكن يريد ملاكاً يسير أمامه، بل الرب نفسه، لأنه عالم أنه دون حضور الرب في حياته وفي حياة شعبه، ودون قيادة الرب وحمايته، لن يتمكنوا أبداً من فعل أي أمر، أو من تحقيق خطة الرب لهم.. والآن... وكما قال الرسول بولس: " ليس أنّي قد نلت أو صرت كاملاً... أيها الإخوة أنا لست أحسب نفسي أنّي قد أدركت، ولكني أفعل شيئاً واحداً: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدّام " (فيلبي 3 : 12 – 13). أحبائي: لنبدأ هذا العام مقتدين بالمبدأ الذي اعتمده الرسول بولس. ما هو الذي أزعجك في العام الماضي والذي ما زال يزعجك؟ مهدد بأمراض؟ لا تتمتع بالحياة كما وعدنا الرب؟ مضطرب؟ قلق؟ خائف؟ واهن القوى؟ حزين؟ مكتئب؟ متفشل؟ أمورك المادية متعثّرة أو سيئة؟ أمورك العائلية صعبة؟ أولادك بعيدين عن الرب أو أن حياتهم مع الرب فاترة؟ الحروب والضيقات تلاحقك؟ تعاني من فقدان الحماس والحرارة الروحية لخدمة الرب؟ أو أية أمور أخرى مشابهة تعكّر حياتك وعيشك؟ لا بأس.. بولس كان في السجن في روما عندما كتب رسالة فيلبي، وكانت حياته قد اقتربت من نهايتها، وكان يقول أنه لم يصر كاملاً ولم يدرك بعد ما كان يبتغيه.. فلا تتفشل لأن الرب لم يعطنا روح الفشل.. لكن فلننسى ما هو وراء ولنمتد إلى ما هو قدّام.. لننسى العام الماضي وما تعرضنا له من أمور مزعجة مهما كانت، ولنمتد إلى الأمام.. ولنطع طلب الرب منّا اليوم، واسمعه معي يقول لك من جديد: أقم معي. لا تخف. لأنّ الذي يطلب نفسي يطلب نفسك، ولكنك عندي محفوظ.. فالرب يريد أن يدخلك إلى ستره، ستر العلي، ليحفظك ويحميك، ليضمّد جراحك ويشفيها، ليعالج كل ما عانيت وتعاني منه، يريد أن ينزع من حياتك المخاوف والهموم والفتور والاضطراب.. كل.. كل ما يزعجك وكل ما هو خارج خطته لك.. وهو يقول لك: من يطلب نفسك ليؤذيك يطلب نفسي أنا أيضاً.. لكنك عندي محفوظ !!! والآن.. قد تسألني: عملياً كيف أقيم مع الرب؟ ببساطة متناهية، أن يكون لك شركة دائمة مع الرب، من خلال جلوسك اليومي معه، مع كلمته بالتحديد، ولا تجعل شركتك معه تقتصر على خلوة محددة يومياً - وهذا ما ينبغي أن نفعله - لكن لتكن شركة طوال اليوم، حدثّه في الطريق، حدثّه في العمل، حدثّه عن كل أمر أصغيراً كان أم كبيراً، لقد خلقنا لكي يتمتع بالشركة معنا، فهو من قال: لذّاتي مع بني آدم (أمثال 8 : 31)، كلمه عن كل ما يدور في فكرك وقلبك، أخبره عن مخاوفك وهمومك، ودعه يتعامل معها، سبّح اسمه واشكره على كل الأمور والأحوال، دعه يعلن عن محبته لك بطريقة جديدة تملأ كيانك كله، ادرس الكلمة وتأمل فيها، ودع الروح القدس يرفع إيمانك من خلالها، ويساعدك على تخطي كل الصعاب التي تواجهك، ودع ثمر الروح القدس ومواهبه ينموان في حياتك باستمرار، لكي تعيش الحياة المنتصرة.. هكذا نقيم مع الرب أيها الأحباء.. وإن لاقيت صعوبة في البداية لا تتراجع أبداً، بل اطلب منه القوة والمعونة لتكمل الطريق.. وتمسّك بهذه الآية العظيمة التي كانت نتائجها في حياتي مذهلة، عندما كنت أحاول أن أسلك في طرق الله أو أن أتحرر من أمور طالما ضايقتني، وهي تقول: " يا رب أرشدني لعمل برك عند مواجهة أعدائي لي، وسهّل أمامي طريقك " (مزمور 5 : 8). اجعلها صلاتك الدائمة، لأن العدو سيحاول جاهداً أن يعترض إقامتك مع الرب كما شرحناها، ولأن الجسد ضعيف وسيحاول التملّص والتهرب، عندما تقرر أن تسلك بطاعة كاملة للرب.. لكن كلما صادفتك مقاومة من العدو أو من الجسد، ردّد هذه الآية بروح الصلاة والإيمان.. وقل للرب دوماً: يا رب سهل أمامي طريقك.. وسوف ترى يده معك، يسير بوجهه أمامك يمهّد الهضاب والجبال ويسهّل لك طريقه.. للرب كل المجد.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إنت عندى مقبول إنت عندى محبوب💜 |
صورة كارتون | لكنك عندي محفوظ |
المتكبر عنيد والهرطوقي أيضًا عنيد، والمبتدع عنيد |
ولكنك كنت بجانبي .. |
ولكنك عندى محفوظ |