رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التلمذة يظن بعض الخُدَّام أنَّهم لمَّا أصبحوا خُدامًا إنتهى بالنسبة إليهم عصر التلمذة وهذا فهم خاطئ. إنما لكي تحتفظ بتواضعك إحتفظ بإستمرار بتلمذتك. كل المسيحيين في العصر الرسولى كانوا يُدْعَون تلاميذًا والسيد الرب لمَّا أرسل الاحد عشر للكرازة قال لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت19:28) وفي انتشار الكرازة قيل "وكانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا" (أع7:6). إذن اسْتَمِرْ تلميذًا للرب وتلميذًا للكنيسة ولا يكبر قلبك. وإن شعرت أنَّك صرت مُعَلِّمًا وأصبحت فوق مستوى التلمذة اعرف جيدًا أنَّك بدأت تسقط في الكبرياء. أَتَذَكَرْ أنَّنا حينما كنا خُدَّامًا في مدارس الأحد في كنيسة الأنبا أنطونيوس منذ حوالى 45 سنة كان كل خادم يجلس كمستمع أو كتلميذ في أربعة اجتماعات كل أسبوع، في اجتماع الأسرة وفى اجتماع الخُدَّام واجتماع الشبان وفي الفصل الكبير الذي كان يبدأ في السابعة والربع مساء، بعد إنتهاء التدريس في باقى الفصول. وباستمرار كان الخُدَّام يتعلمون من غيرهم فيستمرون في تواضعهم. قل لنفسك أنا باستمرار مازلت أتعلم ومحتاج أنْ أعرف. وإنْ عشت في حياة التلمذة ستتخلص من مشاكل كثيرة: ستتخلص أولًا من روح الجدل وكثرة المناقشات (المقاوحة) وتكون مستعدًا أنْ تتقبل الرأى الآخر بروح طيبة. لأنَّ الذين يدخل فيهم روح الجدل يُسْلِمَهم إلى روح العناد وتصلب الرأى ويظنون أنَّهم يفهمون أكثر من الكبار. بل وقد يظنون أنَّهم هم الكبار. احتفظ إذن بطفولتك الروحية حسب قول الرب: "إنْ لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت3:18).. وما أكثر الأمثلة لقديسين عاشوا تلاميذ: يشوع ظلَّ تلميذًا لموسى طول حياته إلى أنْ رقد موسى في الرب وأليشع ظلَّ تلميذًا لإيليا إلى أنْ صعد إلى السماء، فوَدَّعَهُ بعبارة يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها (2مل12:2) والقديس أثناسيوس الرسولى مع أنَّه كان بابا الإسكندرية احتفظ بتلمذته للقديس أنطونيوس الكبير ولما كتب سيرته قال "وأنا نفسى صببت ماء على يديه" أي كان يخدمه. كان التلاميذ قديمًا يجلسون عند أقدام مُعَلِّميهم. فلا يجلسون إلى جوارهم وأمامهم بل كان المُعَلِّم يجلس على كرسى وتلاميذه جلوس على الأرض عند قدميه وعن هذا قال القديس بولس الرسول "وُلِدْتُ في طَرْسُوسَ كيليكيَّة ولكن رَبَيْتُ في هذه المدينة مُؤَدَّبًا عند رِجْلَىْ غَمَالائيل" (أع3:22) هذا هو اتضاع التلميذ أمام مُعَلِّمُه ويَعتبر أيضًا أنَّه ليس فقط يُعلِّمُه بل يُربيه أيضًا ويؤدبه. ما أصعب أنَّ خادمًا يقرأ كتابًا أو كتابيْن فيتكبر على مُعلِّميه. ويتكبر أيضًا على آبائه الكهنة ويفرض مشيئته على أب اعترافه فإما أنْ يوافق الأب على رأيه أو يعصاه!! وهكذا يصير حكيمًا في عينىْ نفسه الامر الذي نهانا عنه الكتاب فقال "لا تكن حكيمًا في عينىْ نفسك وعلى فهمك لا تعتمد" (أم7، 5:3) عش إذن تلميذًا متواضعًا. والْتَمِسْ المعرفة من كل مصادرها: تتلمذ على أب اعترافك وعلى آباء الكنيسة وعلى الاجتماعات الروحية وتتلمذ على الطبيعة على زنابق الحقل وطيور السماء وتتلمذ على الكتب الموثوق بها ولا تظن مهما كبرت أنَّك قد ارتفعت عن مستوى التعليم. إنَّ تاريخ الكنيسة يُسجل لنا قصصًا عجيبة عن اتضاع القديسين في التلمذة. تصوروا واحدًا من الآباء الكبار مثل القديس موسى الأسود يطلب كلمة منفعة من الصبى زكريا فلما يستحى الفتى منه قائلًا: "أنت عمود البرية وتطلب منِّى كلمة؟!" يجيبه القديس "صدقنى يا ابنى لقد عرفت من الروح الذي عليك أنَّ عندك كلمة أنا محتاج أنْ أعرفها"..! والقديس مكاريوس الكبير أخذ كلمة منفعة من راعى بقر.. وكان الآباء يلتمسون كلمة منفعة بينما كانت لهم سيرة ملائكية يشتهى الكثيرون أنْ يتعلموا منها |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تكون التلمذة على الحياة، ومنها التلمذة على سير القديسين |
روح التلمذة |
التلمذة |
التلمذة |
التلمذة للمسيح |