|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف يكون صلح الله الشرط الأول، الذي بدونه لا يتم الصلح، هو: 1- أن تكون لك رغبة صادقة في الصلح مع الله.. كل ما تفعله وسائط النعمة والمؤثرات الروحية، وكل ما يفعله لمرشدون الروحيون، هو أن تدخل هذه الرغبة إلي قلبك. فتقول في صدق "أريد يا رب أن أصطلح معك".. وإن كانت رغبتك صادقة، ومن عمق القلب، فستجد بلا شك الوسيلة التي توصلك إلي لله.. الله نفسه سيوصلك إليه.. 2- إذن ترغب، وتبدأ التنفيذ، إن كنت جادًا في رغبتك.. لأن هناك من يقول إنه يريد الله. وألف صوت في قلبه يصيح "أريد الخطية". الرغبة في الصلح مع الله، هي رغبة علي شفتيه فقط، ولكنها ليست في قلبه. يقول: "أريد"، وفي أعماقه لا يريد، لأن الصلح مع الله، سيحرمه من أشياء كثيرة يحبها، وسيجعله يدخل من الباب الضيق وهو لا يرغب في ذلك.. ولعل السبب في ذلك، خطية محبوبة، داخل القلب، أو عادة مسيطرة، أو طبع ثابت.. والإرادة عاجزة عن العلاج.. ربما الذي يجعلك عاجزًا عن الصلح مع الله، أن حالتك تشبه ما وصفه معلمنا بولس الرسول في (رو 7: 18): "الإرادة حاضر عندي. أما أن أفعل الحسنى فلست أجد".. "لست أفعل الصالح الذي أريده. بل الشر الذي لست أريده، إياه أفعل "".. لست بعد أفعله أنا، بل الخطية الساكنة في" (رو 7: 20). فإن كنت هكذا يا أخي.. 3- نصيحتي لك: جاهد مع الله، لكي يغير قلبك. قل له: خلصني يا رب من قلبي ومن قلبي ومن خطيئتي، ومن طباعي، فلا يكن ذلك عائقًا أمام الصلح معك. أنت غيرت قلوب كثيرين، ربما كانت حالتهم أسوأ مني بمراحل.ليتني أكون كواحد منهم. أنت يا رب غيرت قلب موسي الأسود، وأوغسطينوس، مريم القبطية، وأوريانوس والي أنصنا.. فهل تعصي عليك حالتي؟! أعتبرتي حالة معقدة، ولكنها ليست صعبة أمام قدرتك اللانهائية. أنا يا رب لا أستطيع أن أصلح قلبي أولًا، لكي أصطلح معك. وإنما أنت الذي تصطلح هذا القلب، وتضع فيه المشاعر المقدسة اللائقة بهذا الصلح.. أتقول يا إبني أعطني قلبك (أم 23: 26). خذه كما هو.. أنضح عليه بزوفاك فيطهر. وإغسله فيبيض أكثر من الثلج (مز 50). لست أطلب أن ترمم هذا القلب. إنما إخلق في قلبًا نقيًا (مز 50). وأعطني روحًا جديدًا (حز 36: 26). إن لم يكن في قلبي حب لك، فأعطني هذا الحب.. لا تلمني علي عدم محبتي، إنما "اسكب في هذا الحب من الروح القدس "حسب قول رسولك (رو 5: 5). أعتبرني كطفل صغير، يريد ولا يعرف، ويريد ولا يقدر، "وقوم خطواتي" (مز 119). فكثيرًا ما أعثر.. إن كنت أنا لست جادًا فيما يتعلق بخلاص نفسي.. يكفي أنك يا رب جاد في تخليص هذه النفس.. إن كان خلاص نفسي لا تقوي عليه إرادتي.. فلا شك أن نعمتك تقوي وتقدر.. إن كنت أنا بفساد طبيعتي، لا أريد الحياة معك.. يكفي أنك تريد أن أحيا معك. وإرادتك تفعل كل شيء.. إن تركتني يا رب إلي إرادتي وإلي ضعفي، فسوف أضيع. أعتبرني مريضًا لا يقوي علي شفاء نفسه، ولا يقوي علي الذهاب إلي الطبيب. وقل كلمة فيبرأ الغلام (مت 8: 8). هكذا قدم للرب صلاة من كل قلبك. لأنه إن كان جهادك لا يقدر، فإن الصلاة تقتدر كثيرًا في فعلها (يع 5: 16). وفي صلحك مع الله، لا تعتمد كثيرا علي عقلك، ولا علي ذراعك البشري. "علي فهمك لا تعتمد" (أم 3: 5). إنما خذ من القوة التي تسند ضعفك.. الله يريد منك القلب والإرادة والإيمان.. والإرادة ليس المقصود بها القوة والعزيمة، وإنما الرغبة.. فقد يكون الإنسان ضعيفًا، ويمنحه الله القوة ليعمل، بل الله نفسه يعمل فيه، ويعمل معه. وكما قال القديس بولس الرسول "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا أن تعملوا" (في 2: 13). الله يريد رغبتك، لأنه لا يرغم أحدًا علي مصالحته. فإن قدمت هذه الرغبة سيعمل هو معك. ولا أقول يعمل وحده، لئلا يدفع هذا إلي التراخي. كما أن أعملك معه يدل علي جدية رغبتك في مصالحته.. قلنا إنه ينبغي أن تكون لك رغبة صادقة في الصلح.. وأن تنفيذ ما دمت جادًا في رغبتك.. وأن تصلي طالبًا المعونة، فيما تعترضك من عقبات.. |
|