الشيطان خبيث في تظاهره بالعطف
عبارات العطف عنده وسيلة ماكرة لإسقاط الناس... فهو (يعطف) عليك حينما تصوم، ويدعوك إلى الأكل، من أجل صحتك! محذرًا إياك من المرض ومن الضعف! ويقول لك إحذر من أن تقتل جسدك، فهو وزنة تمجد بها الله. وقد قال الرسول "إنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه" (أف 5: 29). وهو يعطف عليك حينما تنشط روحيًا، وتسهر في الصلاة والقراءة والمطانيات، ويدعوك في عطف إلى النوم من أجل راحتك.
وهو (عطوف) يخشى عليك من (التطرف) فيدعوك إلى الإقلال من الجهاد.
وفى عمق عملك الروحي، يقول لك: لا داعي لكل هذا، فإن الآباء يعلموننا أن الطريق الوسطى خلصت كثيرين... وهكذا يقول لك: احترس من التطرف، لئلا الشيطان يضربك ضربة يمين وهي أقسى، ولئلا تقع في المجد الباطل وهو شر الرذائل كلها. بل يقول لك: لا شك أن تطرفك هذا في الجهاد هو من عمل الشيطان، وهو لا يقصد بك خيرًا! فاستمع لقول الكتاب "لا تكن بارًا بزيادة... لماذا تخرب نفسك؟" (جا 7: 16).
والشيطان (العطوف) يشفق عليك من البكاء على خطاياك..
يقول لك: لماذا تبكى وتحيا في الكآبة. ليس هذا هو طريق الله... أليس أن خطاياك قد غفرت، ومحاها الرب بدمه؟! لماذا تبكى عليها إذن؟! أتريد أن تظل في البكاء حتى تتلف أعصابك ونفسيتك، وحتى تنكشف، أمام الناس؟! أليس أن الكتاب يقول "افرحوا في الرب كل حين" (فى 4: 4).. ويظل بك حتى تفقد انسحاق القلب، وتفقد دموع التوبة، وتفتر حرارتك.. وإذ تفعل هذا، تسهل عليك الخطية وربما تعود إليها. وطبعًا ينسيك قول الكتاب "بكآبة الوجه يصلح القلب" (جا 7: 3).
والشيطان (العطوف) يبرر لك أخطاءك، حتى لا يتعبك ضميرك.
إنه يمنع عنك التبكيت، حرصًا على مشاعرك! وإشفاقًا عليك من الحزن ومن اليأس! ولذلك في كل أخطائك يقدم لك العديد من الأعذار ومن التبريرات، وينصحك قائلًا: لا تقل على كل شيء إنه خطأ، ولا تبالغ في تبكيت نفسك، لئلا يقودك هذا إلى الوسوسة... حقًا إن هذا خطأ، ولكنك لم تكن تقصد، ونيتك طيبة، وهي تشفع لك. والله ينظر إلى النيات... وهذا خطأ، ولكن ماذا كان بإمكانك أن تفعل؟! الظروف كانت ضاغطة. وصدقني لو أنا في موضعك ما كنت أستطيع أن أفعل غير هذا. والله لا يطلب منك فوق طاقتك. لذلك لا تكتئب.. وبتبرير أخطائك، تجعل ضميرك واسعًا يبلغ الجمل، ويبعدك عن التوبة وعن الحرص والتدقيق، وعن الأمانة في القليل.. إن (العطف) عند الشيطان ليس حبًا، إنما وسيلة للإسقاط. فاحترس منه، ولا تسمع له. وكن حازمًا مع نفسك. واسلك بتدقيق.. وتأكد أن الشيطان في كل حروبه معك يكون غير مخلص. كل نصائحه غير مخلصة، حتى لو كانت بمظهر الخير. إنه لا يريد سوى ضياعك.
من صفات الشيطان أيضًا أنه حسود.