رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 22 - تفسير سفر المزامير آلام المسيح المجيدةمن الآلام إلى الأمجاد: يعتبر هذا المزمور بالنسبة للمسيحيين "قدس الأقداس". استخدم مخلصنا كلماته الافتتاحية في صلاته على الصليب وهو يروي لنا في شيء من التفصيل الصلب والقيامة وتأسيس مملكة المسيح الروحية من الأمم. نسمع في هذا المزمور ربنا يسوع -خلال فم داود النبي- يتغنى بتسبحة الألم ليحوّل آلامنا إلى تسبيح! وكما يقول القديس بولس: "ناظرين إلى... يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي فجلس عن يمين عرش الله" (عب 12: 2). مزمور مسياني: هيكل هذا المزمور فريد في نوعه يراه البعض مرثاة لها قوتها الخاصة[442]، ويحسبه آخرون تجميعًا لثلاثة مزامير منفصلة[443]، أو على الأقل لمزمورين: واحد مرثاة [1-21]، والآخر شكر [22-31]. هذان المزموران أو القسمان متمايزان عن بعضهما البعض، لاختلافهم من جهة نفسية المرتل، وأفكاره وأسلوبه[444]. يظن بعض الدارسين أن هذين القسمين كُتبا منفصلين بعد اجتياز المرتل خبرة مُرَّةً رهيبة، وأُضيفا فيما بعد إلى بعضهما البعض لاستخدامهما في الهيكل للعبادة، وقد فُسرا معًا كمزمور مستقبلي يحمل فهمًا مسيانيًا[445]. يتطلع آباء الكنيسة إلى هذا المزمور كمزمور مسياني، يروى بتناغم وتوافق أحداث الصلب المؤلمة جنبًا إلى جنب مع أحداث القيامة المبهجة، وأخبار الكرازة بالإنجيل (الأخبار السارة) بين الأمم لإقامة كنيسة المسيح، مملكة المجيدة! لا يمكن لمسيحي أن يقرأ هذا المزمور إلا ويلتقي بالصلب في حيوية وقوة. "النبوة" ربما هي الموضوع الوحيد لهذا المزمور (1 بط 1: 10-11؛ لو 24: 25-26)، إذ يُحسب إحدى النبوات الكاملة عن آلام المسيح واتضاعه ومملكته المجيدة غير المحدودة بين الأمم. ورد في العهد الجديد اقتباسات من هذا المزمور 13 مرة، منها 9 مرات في قصة الآلام وحدها. وقد اتخذ منه تلاميذ ربنا يسوع المسيح مادة للكرازة بالرسالة الخلاصية لصلب السيد المسيح وموته وقيامته. مع شعور المرتل بالعزلة التامة والتخلي عنه، غير أنه يعيش في مملكة السلام. لا نجده يُلمِّح وهو متألم إلى خطية ما، ولا يناشد بتبرئة نفسه، ولا يدافع قط ضد اتهامات باطلة، ولا ينفث غضبًا ضد أعدائه. لا نجد ذكرًا مباشرًا للأعداء، ولا طلب اللعنة عليهم كما في معظم المراثي[446]. العنوان: "لإمام المغنين على أيلة الصبح (سحر الصباح) Aijeleth Sahar؛ مزمور داود". ماذا يعني تعبير "أيلة الصبح"؟ 1. يصف عمل السيد المسيح الفدائي: آلام القدوس وقيامته. إذ تتألم الأيل الجريحة وهي بريئة ليأتي عليها السحر بالفرج. هكذا تألم مسيحنا وجُرح على الصليب، ليعلن مجده في فجر الأحد بقيامته. مسيحنا مثل غُفْرِ الأيائل على جبال الأطياب (نش 8: 14)، مثل الظبية المحبوبة والوعلة الزهية لدى جميع المؤمنين (أم 5: 19)، ينطق بأقوال حسنة كنفتالي الذي يشبه "أيلة مسبية" (تك 49: 21). 2. بحسب التقليد اليهودي القديم، هذا التعبير يعني الشكناه، أي السحابة المجيدة التي كانت تظهر وسط شعب الله. بحسب التقليد كان الحمل يُقدم كذبيحة صباحية بمجرد أن يرى الرقيب من فوق قبة الهيكل أشعة الفجر (السحر) الأولى، فيصرخ قائلًا: "انظروا ها هي أشعة النهار الأولى قد سطعت". هكذا يتحقق إشراق الفداء المقدس خلال آلام المسيح حمل الله التي نراها في هذا المزمور[447]. 3. يرى آخرون أن هذا التعبير يشير إلى مجرد النغمة التي تستخدم للتسبيح بالمزمور. أقسام المزمور: 1. المسيح المتألم [1-21]. 2. المسيح الممجد [22-31]. 1. المسيح المتألم: ورد هنا وصف كامل لقصة الصلب الرهيبة، التي تحققت تمامًا وبطريقة حرفية خلال آلام السيد المسيح. "إلهي إلهي لماذا تركتني؟! بعيدًا عن خلاصي عن كلام زفيري (عن ثقل خطاياي)" [1]. ربما يقول أحد إن كلمات الافتتاحية هذه تناقض نفسها، إذ كيف يمكن لأحد أن يقول "إلهي" لذاك الإله الذي ترك عبده؟! إلا أننا لا نشعر أننا متروكون من الغرباء إنما فقط يكون لنا هذا الشعور نحو الملاصقين لنا. إنها صرخة يائسة اقتبسها ربنا على الصليب، مظهرًا أنه يختبر ما ورد في هذا المزمور. لقد حُسب ربنا -كمثل للبشرية- كأنه متروك من الآب إلى حين، لأنه صار لعنة لأجلنا (غلا 3: 13)، وصار خطية من أجلنا ذاك الذي لم يعرف خطية (2 كو 5: 21) حتى لا نصير نحن متروكين من الآب أبديًا. جاء في إشعياء "لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة أجمعك، بفيضان الغضب حجبت وجهي عنك لحظة، وبإحسان أبدي أرحمك" (إش 54: 7). شاركنا مخلصنا خبرتنا المُرّة إذ نشعر أن الله تركنا. صارع حتى الموت ليقيم نفسه جسرًا يقودنا خارج ضيقاتنا وينطلق بنا إلى حضن الآب. أُظهر لنا على الصليب مقدار بعدنا عن الله وانفصالنا عنه، هذا الذي هو علّة وجودنا كله. تدخل بنا هذه الكلمات وجهًا لوجه مع أعماق عمل المسيح غير المدرك الحامل لخطايانا، هذا الذي وضع عليه إثم جميعنا. يسوع الذي صار خطية لأجلنا، وفي خضوع وضع نفسه تحت غضب الآب وكراهيته للخطية. "أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن" (إش 53: 10). * لم يكن المسيح متروكًا من الآب ولا من لاهوته كما يظن البعض، أو كما لو كان خائفًا من الآلام فانفصل بلاهوته عن ناسوته أثناء آلامه...؛ وإنما كما قلت إنه كان ينوب عنا في شخصه. نحن كنا قبلًا متروكين ومرذولين، أما الآن فبآلام ذاك الذي لا يسوغ له أن يتألم (حسب اللاهوت) أقامنا وخلصنا[448]. القديس غرغوريوس النزيزى القديس أغسطينوس القديس أغسطينوس القديس أمبروسيوس القديس يوحنا الذهبي الفم قداسة الله تكشف الفرق الشاسع بين عظمة الله وبيننا نحن. خلال الصليب صرنا ملتصقين بالله الذي لا يُدنى منه، إذ ننال الشركة مع الابن الذي هو بِرُّنا وتقديسنا، وفيه نصير قديسين. 2. يُظهر المزمور صورة الصليب بآلامه وعاره. يقول المرتل إن آباءه اتكلوا على الرب [5-6]، أما حالته فميئوس منها، لأنه دودة لا إنسان. "أما أنا فدودة لا إنسان، عار عند البشر ومحتقر الشعب" [6]. هذه هي كلمات السيد المسيح الذي صار مهانًا ومُحتقر الشعب. صار في عيني الأعداء مرزولًا من الله، كدودة مدوسة بالأقدام! الكلمة العبرية المقابلة ل "دودة" تُستخدم للحشرة الصغيرة cocus التي يستخرج منها الصبغة القرمزية اللون أو الأرجوانية، تنتج عن موت الحشرة. هذا اللون كان لازمًا في خيمة الاجتماع. هكذا مات السيد المسيح حتى تصير خطايانا التي كالقرمز بيضاء كالثلج. * "وأما أنا فدودة" ... الآن لا أتكلم كآدم، إنما أنا يسوع المسيح أتحدث باسمي الخاص. لقد وُلدت حاملًا الجسد البشري دون زرع بشر، حتى بكوني إنسنًا أصير فوق البشر؛ بهذا أُخضع الكبرياء البشري بامتثالهم لاتضاعي. * لماذا "... لا إنسان"؟ لأنه هو الله. لماذا وضع نفسه هكذا حتى قال إنه "دودة"؟ هل لأن الدودة تولد من جسم دون اتصال جسدي، كما جاء السيد المسيح من العذراء مريم؟ ... فقد وُلد من جسد لكن دون زرع بشري. القديس أغسطينوس يرى القديس باسيليوس الكبير في كلمات المرتل داود "أنا دودة لا إنسان" دعوة للاتضاع، إذ يقول: [هل احتقرك (إنسان) واستخف بك؟! أذكر أنك قد خُلقت من التراب (تك 3: 19)... إن دعاك وضيعًا، حقيرًا، كلا شيء، قل في نفسك إنك تراب ورماد. فإنك لست أعظم من أبينا إبراهيم الذي اعتاد أن يستخدم هذا الأسلوب مع نفسه (تك 18: 27). إن قال لك عدوك إنك حقير وشحاذ وتافه، قل في نفسك مع داود: "أنا دودة" وُجدت في الحمأة[452]]. هكذا في اتضاع ندرك حقيقة ضعفنا، لكي بالإيمان نتمتع بكرامة مسيحنا المتضع، ونُحسب بحق أولاد الله المكرمين حتى بين السمائيين.! * "عار عند البشر ومحقر الشعب" [6]. اتضاعي جعلي موضع سخرية البشر، فيستطيعون القول باستخفاف وبروح الإساءة: "أنت تلميذ ذاك" (يو 9: 28)، وهكذا يقودون الغوغاء إلى احتقاره. "يفغرون الشفاه ويُنغِضون الرأس" [7]. صمتت قلوبهم، فنطقوا بشفاههم وحدها. القديس أغسطينوس * يقول في المزمور: "لأنك أنت جذبتني من البطن" [9]، مشيرًا إلى أنه وُلد بغير زرع بشر، بكونه أُخذ من بطن العذراء وجسدها، لأن أسلوب الولادة (هنا) مختلف عن أسلوب أولئك الذين يولدون عن طريق الزواج[453]. القديس كيرلس الأورشليمي 4. يظهر مقاوموه -في المزمور- بوضوح أكثر من أي شيء آخر كعلة لآلامه [6، 7، 8، 12، 13، 16، 17، 18]. استخدم المرتل حديثًا مَجازيًّا لوصف أعدائه: الثيران، الكلاب، الأسود، قادة اليهود الأشرار اضطهدوا السيد المسيح كثيرانٍ وأسود متعجرفة بغيضة، وآخرون أقل منهم في المراكز شبههم بالكلاب، الدنسة، الجشعة، لا يكفون عن الحط منه. الشيطان نفسه، الأسد، هو العدو الحقيقي: "خلصني من فم الأسد" [21]. هذا المقاوم الخطير الذي له سلطان الموت قد تحطم بالموت (1 بط 5: 8؛ 2 تي 4: 17؛ عب 2: 14). * أنا نفسي كنت فريسة الأسد، عندما أمسك بي وقادني للموت، وهو يزأر: "أصلبه أصلبه" (يو 19: 6). القديس أغسطينوس القديس أغسطينوس 5. "وإلى تراب الموت تضعني" [15]: الموت الذي اجتازه كان بحسب إرادة الآب، كعمل طاعة من جانبه. 6. يصف هذا المزمور موت السيد المسيح على الصليب، هذه الوسيلة التي لم تكن متبعة قط عند اليهود، إنما ابتكرتها الإمبراطورية الرومانية. هنا يصور لنا هذا الموت الرهيب: أ. يشير إلى الظلمة [2] التي غطت الأرض عندما صُلب ربنا. ب. "كالماء انسكبتُ" [14]. عندما طُعن جنب ربنا خرج من الجرح دم وماء. ج. "انفصلت كل عظامي" [14]. عندما عُلق السيد المسيح على الصليب أرهقت العضلات وانفصلت المفاصل عن مكانها. * لا توجد كلمات تصف تمدد جسد (المسيح) فوق الشجرة أفضل من هذه: "أُحصى كل عظامي". القديس أغسطينوس * "تبعثرت كل عظامي" [14]. بالرغم من أن عظام جسمه لم تتبعثر، ولم يُكسر منها واحدة. لكنه إذ تحققت القيامة، قيامة جسد المسيح الكامل الحق، فإنه يجتمع معًا أعضاء جسد المسيح الذين يكونون في ذلك الوقت عظامًا جافة، كل عظم من عظمه، فيلتصق الكل ويرتبط معًا (لأن من كان عاجزًا عن الترابط معًا لن يبلغ الإنسان الكامل)، وهكذا يبلغون إلى قياس ملء قامة المسيح. حينئذ يصير الأعضاء الكثيرون جسد واحد، مع كثرتهم يصير الكل أعضاء الجسد الواحد[454]. العلامة أوريجانوس عظام السيد المسيح هي إيماننا الداخلي به، فإننا كثيرًا ما نئن عندما تشتد التجربة، صارخين في أعماقنا: "إلى متى يا رب تنساني...؟! إلى متى تحجب وجهك عني؟ إلى متى أردد هذه المشورات في نفسي وهذه الأوجاع في قلبي؟" (مز 13: 1-2). كأن الله قد فارقنا أو إيماننا قد ضعف... لكن سرعان ما يعمل الله فينا بنعمته لنكمل صرخات المرتل: "يبتهج قلبي بخلاصك" (مز 13: 5)، معلنين أن عظامه فينا لا تنكسر وإن تبعثرت إلى حين! * بعدما سمعت النبوات الخاصة بموته، تسأل: ماذا يُقال عن صليبه...؟ "ثقبوا يدي ورجلي. أحصى كل عظامي" [16]. هذا عن موت يتحقق برفع الشخص وتعليقه على شجرة، لا يمكن أن يتحقق إلا بالصليب. أيضًا ثقب اليدين والرجلين لا يتم بموتٍ آخر غير الصليب[455]. البابا أثناسيوس الرسولي القديس جيروم * أحشاؤه ترمز إلى الضعفاء في الكنيسة. كيف صار قلبه كالشمع؟؟ قلبه هو إنجيله، أو بالأكثر حكمته المذخرة في الكتب المقدسة. الكتاب المقدس مغلق لا يفهمه أحد. عندما صلب ربنا ذاب الكتاب المقدس مثل الشمع، فصار حتى الضعفاء قادرين على الدخول إلى معانيه. لذلك انشق حجاب الهيكل (مت 27: 15)، لأن ما كان محجوبًا صار ظاهرًا. القديس أغسطينوس ) ز. "ولصق لساني بحنكي" [15]. ح. "وهم ينظرون ويتفرسون فيَّ" [17]. ط. "ويقسِمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون" [18]. * لقد عرفنا أنه يتألم. عظامه قد أُحصيت، أُستهِزئَ به، ثيابه قد قُسَّمت. ألقوا قرعة على لباسه، أحاط به الرجال وهم مملؤون غضبًا وعظامه تبعثرت. إننا نستمع إلى القصة ونقرأ عنها في الأنجيل. القديس أغسطينوس "أنقِذْ من السيف نفسي" [20]. إنه السيف الملتهب الذي للغضب المقدس، الذي يتحرك في كل اتجاه. 2. المسيح الممجد: كما أن الكلمات الأولى للمرثاة [1]. استخدمها السيد المسيح على الصليب. هكذا نُسبت الكلمة الأولى لأغنية النصرة إلى السيد بوضوح (عب 2: 12). في هذا القسم يشير المرتل إلى الشبع والنصرة الذين يهبهما المخلص في آلامه، بإعلانه عن حضرته وسط كنيسته المملؤة فرحًا وشبعًا: 1. أُُقيمت الكنيسة بإعلان "اسم الله" [22]. قال مخلصنا في صلاته الوداعية: "وعرَّفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو 17: 26). لقد تعرفنا عليه خلال حبه الإلهي على الصليب. عمل الكنيسة في كل عبادتها التمتع بالمعرفة الإلهية ومنحها للمؤمنين. فالمعمودية مثلًا تُدعى "سرّ الاستنارة"، وفي الأفخارستيا ننال معرفة عملية جديدة[457]. 2. المدعون (للعضوية في كنيسة المسيح) يدخلون في علاقة قرب شديدة للسيد المسيح، فيُحسبون "إخوته". "أُخبْر باسمك إخوتي، في وسط الجماعة أسبحك" [22]. بينما رأيناه على الصليب وحيدًا، لا نراه هكذا بعد، بل يظهر وسط إخوته. في يوم قيامته قدم الرسالة المفرحة: "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو 20: 17). نسمعه يخاطب تلاميذه كإخوته وذلك في يوم قيامته المجيدة بعدما اجتاز آلامه. فإننا إذ نتقدس بعمله الخلاصي (آلام الصليب)، ليس فقط لا يخجل بل يُسر جدًا أن يدعوهم هكذا "إخوته" (عب 2: 12). * إننا أقرباء الرب حسب الجسد، لذا يقول: "أخبر باسمك إخوتي" (عب 2: 12؛ مز 22: 22). وكما أن الأغصان واحدة مع الكرمة (الأصل) وهي منها (يو 15: 1) هكذا نحن أيضًا جسد واحد متجانس مع جسد الرب، ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا (يو 1: 16)، ولنا هذا الجسد كأصل لقيامتنا وخلاصنا[458]. القديس أثناسيوس الرسولي * بفرح أعلن مجدك في أركان كنيستي. القديس أغسطينوس الحب ومخافة الرب هنا متكاملان في حياة المؤمنين. بهما يُعد المؤمنين زرع يعقوب وإسرائيل، وعليه تحل بركة إبراهيم [23]. 5. هؤلاء الإخوة الذين ينالون الحب مع مخافة الرب المقدسين يلزمهم أن ينضموا في الجماعة العظيمة [25]، الكنيسة الجامعة. فالكنيسة كمملكة الله يليق بها أن تمتد إلى كل أركان الأرض [27-28]. تنبأ عن خلاص الأمم قائلًا: "تَذكُر وترجِعُ إلى الرب كل أقاصي الأرض" [27]، يأتي العالم ليعبد الرب. "الجماعية" كموضوع هذا المزمور موحاة من (مز 18: 44) في اختصار، ومن مزمور 87 بأكثر توسع[459]. * ستتعبد له كل أجناس المسكونة داخل قلوبهم، "لأن للرب المُلْك، وهو المتسلط على الأمم" [28]. المملكة هي للرب لا للإنسان المتكبر، وهو يتسلط على الأمم. القديس أغسطينوس * إن نفسي التي تستهين بهذا العالم يبدو كميت في نظر الإنسان، تنسى ذاتها لتعيش في (المسيح). القديس أغسطينوس يصير المساكين بالروح أغنياء بالبركات الروحية، ويشبع الجياع بالخيرات، لأن السيد المسيح نفسه هو شبعهم! يرى القديس أكليمندس الإسكندري في العبارة: "تحيا قلوبكم إلى الأبد" [26] أن سرّ الشبع والحياة هي المعرفة الروحية التي وُهبت لنا بالسيد المسيح. * الذين يطلبونه بالحق مسبحين الرب يمتلئون معرفة، وتحيا نفوسهم، فإن يُقال عن النفس "قلبًا" من قبيل الرمز، هذا الذي يدبر الحياة[460]. القديس أكليمندس الإسكندرى 8. يليق بالكنيسة أن تستمر حتى النهاية، عبر الأجيال. "تحيا قلوبُكُم إلى الأبد" [26]. لأننا في المسيح يسوع المُقام لن نعرف الموت قط إنما نعيش فيه أبديًا، نشاركه أمجاده. عندما نترنّم بهذا المزمور نتأمل في آلام السيد المسيح وقيامته، نشاركه صلبه ونبلغ قوة قيامته ومجدها، كمصدر نصرتنا على الموت وتمتعنا بالمجد السماوي. |
|