رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 35 - تفسير سفر المزامير نرى هنا داود المتألم من اضطهاد أعدائه، صارخًا إلى الله لينقذه. وما نطق به من لعنات ضدهم كان نبوة عما حدث لهم. وداود يرمز للمسيح البار المتألِّم بلا خطية الذي هاج الكل ضده. ولذلك اقتبس السيد المسيح (آية19) أبغضوني بلا سبب وطبقها على نفسه (يو25:15). وكما تألم المسيح من اضطهاد الأعداء له تتألم كنيسته، جسده. لذلك يصلح تطبيق هذا المزمور كنبوة عن آلام المسيح وكنبوة عن آلام كنيسته. الآيات (1-3): "خاصم يا رب مخاصمي. قاتل مقاتليّ. امسك مجنا وترسا وانهض إلى معونتي. واشرع رمحا وصد تلقاء مطارديّ. قل لنفسي خلاصك أنا." نرى هنا اصطلاحات حربية قاتل.. مجنًا.. ترسًا.. فنحن في حرب روحية (أف10:6-18). والله يعطي أولاده أسلحة روحية ضد إبليس وحروبه. خاصم يا رب مخاصميَّ= فالله هو الذي يهزم لنا إبليس (رؤ2:6). ولذلك نحن نرفع شكوانا لله الذي يعطينا الغلبة والذي دان إبليس من قبل على الصليب. وننظر لله هنا كقاضٍ وديان وكقائد حرب. وما يعطي للنفس راحة في هذه المعركة أن تسمع صوت الله= أني أنا هو خلاصك. فنحن ندخل المعركة ليكون الله نفسه إكليلنا. الآيات (4-6): "ليخز وليخجل الذين يطلبون نفسي. ليرتد إلى الوراء ويخجل المتفكرون بإساءتي. ليكونوا مثل العصافة قدام الريح وملاك الرب داحرهم. ليكن طريقهم ظلاما وزلقا وملاك الرب طاردهم." نرى فيها ما يصيب المضطهدين. وكما سقطوا قدام المسيح حين قال "أنا هو" في البستان، هكذا سيسقطون دائمًا ويسقطون دائمًا أمام قوته غير المحدودة. الآيات (7-9): "لأنهم بلا سبب أخفوا لي هوّة شبكتهم. بلا سبب حفروا لنفسي. لتأته التهلكة وهو لا يعلم ولتنشب به الشبكة التي أخفاها وفي التهلكة نفسها ليقع. أما نفسي فتفرح بالرب وتبتهج بخلاصه." نرى الأعداء في ظلمة قلوبهم وعداؤهم وحقدهم ضد أولاد الله ينصبون شبكة (شرك خداعي) لهم ليسقطوا فيه، والله بحكمته يجعلهم يسقطون هم فيه، وهذا ما حدث على الصليب، وكان رمزًا له قصة هامان ومردخاي (أم27:26). آية (10): "جميع عظامي تقول يا رب من مثلك المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه والفقير والبائس من سالبه." حين ترى النفس عمل المخلص تصرخ من عمق هيكل كيان الإنسان الداخلي يا رب من مثلك. الآيات (11-16): "شهود زور يقومون وعما لم اعلم يسألونني. يجازونني عن الخير شرا ثكلا لنفسي. أما أنا ففي مرضهم كان لباسي مسحا. أذللت بالصوم نفسي. وصلاتي إلى حضني ترجع. كأنه قريب كأنه أخي كنت أتمشى. كمن ينوح على أمه انحنيت حزينا. ولكنهم في ظلعي فرحوا واجتمعوا. اجتمعوا عليّ شاتمين ولم اعلم. مزّقوا ولم يكفوا. بين الفجار المجّان لأجل كعكة حرّقوا عليّ أسنانهم." نرى هنا وصفاً لألام المرنم (أو المسيح أو كنيسته). فالأعداء يقيمون شهود ظلم ضده يشهدون بأشياء خاطئة لم يرتكبها. عَمَّا لَمْ أَعْلَمْ يَسْأَلُونَنِي. فهم قالوا عن المسيح أنه ببعلزبول يخرج الشياطين. وهم ردوا على حبه بالكراهية فهو كان يصلي لأجلهم ويصوم ويذلل نفسه في مرضهم ليشفيهم الله، وأما هم في ألامه فرحوا. وهذا ما حدث مع المسيح الذي كان يجول يصنع خيراً وقالوا أصلبه. وعن داود فلقد قال له شاول "لأنك جازيتني خيراً وأنا أجازيك شراً" (1صم17:24). ولقد بكي داود فعلاً عندما سمع خبر موت شاول وإبشالوم. وَصَلاَتِي إِلَى حِضْنِي تَرْجعُ = كان يصلي لهم بالخير ليشفوا ولكنهم بسبب شرورهم لم يستفيدوا منها، وعادت صلاته إلى حضنه أي أنه هو تمتع ببركة صلاته عن الآخرين، إذ طلب الخير لهم. ولاحظ أن مشاعره نحوهم كانت صادقة فهو حزن عليهم في ضيقتهم كَمَنْ يَنُوحُ عَلَى أُمِّهِ. وهم ردوا محبته شروراً لكي يدمروا نفسه = ثَكَلاً لِنَفْسِي فالمرأة الثكلى هى من مات إبنها. وفي (15) نرى صورة لما حدث على المسيح نفسه إذ شتموه وهزأوا به وهو على الصليب "هو جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله" وفي (16) بَيْنَ الْفُجَّارِ الْمُجَّانِ = من هم يحتفلون احتفالات وثنية في خلاعة ومجون . لأَجْلِ كَعْكَةٍ = لأجل ثمن بخس= حَرَّقُوا عَلَيَّ أَسْنَانَهُمْ = يصرون على أسنانهم في غيظ وحقد يودون لو إفترسوا هذا البرئ. الآيات (17-28): "يا رب إلى متى تنظر. استرد نفسي من تهلكاتهم وحيدتي من الأشبال. أحمدك في الجماعة الكثيرة في شعب عظيم أسبحك. لا يشمت بي الذين هم أعدائي باطلا ولا يتغامز بالعين الذين يبغضونني بلا سبب. لأنهم لا يتكلمون بالسلام وعلى الهادئين في الأرض يفتكرون بكلام مكر. فغروا عليّ أفواههم. قالوا هه هه قد رأت أعيننا. قد رأيت يا رب. لا تسكت يا سيد لا تبتعد عني. استيقظ وانتبه إلى حكمي يا الهي وسيدي إلى دعواي. اقض لي حسب عدلك يا رب الهي فلا يشمتوا بي.لا يقولوا في قلوبهم هه شهوتنا. لا يقولوا قد ابتلعناه. ليخز وليخجل معا الفرحون بمصيبتي. ليلبس الخزي والخجل المتعظمون عليّ. ليهتف ويفرح المبتغون حقي وليقولوا دائمًا ليتعظم الرب المسرور بسلامة عبده. ولساني يلهج بعدلك. اليوم كله بحمدك." نرى هنا تدخل الله وصلاة المرنم ليرى خلاصه ويسبحه في الجماعة الكثيرة أي الكنيسة. ولسان الحال للأشرار يقول هه هه قد رأت أعيننا= أي قد رأينا معجزات كثيرة للمسيح فلنرى الآن معجزة، كيف ينقذ نفسه من على الصليب أو ينقذ كنيسته من ضيقة شديدة دبرناها لها. وقد يصمت الله تاركًا كنيسته لبعض الوقت في ألم لكنه لا يتركها دائمًا. والأشرار إذ يجدونها متألمة يتصورون أن الله تركها. والمرنم يقول في (آية 23) استيقظ وانتبه إلى حكمي= أي لا تتركني طويلًا في هذه التجربة التي سمحت بها حتى لا يشمتوا بي (24) قائلين هه شهواتنا أي هذه هي شهواتنا هلاكه. |
|