التواضع
الإنسان الذي يعيش في محبة (الأنا)، يهمه أن تكبر ذاته باستمرار، وفي المقارنة يريدها أن تكون اعلي من غيره. وعلاج ذلك أن يضع أمامه قول الرسول:
" مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو 12: 10).
وعن ذلك يقول الشيخ الروحاني "في كل موضع تحل فيه، كن صغير أخوتك وخديمهم". بل أن السيد الرب يقول "إن أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل" (مر9: 35). وهكذا يمارس فضيلة (المتكأ الأخير).
والمقصود بالمتكأ الأخير، أ، يكون الأخير لا من حيث المكان، بل من حيث المكانة.
فلا تحسب نفسك أهم الموجودين في المكان الذي تحل فيه. ولا أن رأيك هو أهم الآراء، وقرارك هو أهم القرارات، ومركزك هو الأهم!! ولا تفكر في أنه ينبغي أن تكون أنت المطاع والمحترم بين الكل!
لا تعط لنفسك كرامة وتفرضها على الآخرين.
إنما اترك الناس يكرمونك من أجل ما يرونه من تواضعك ووداعتك.. لا ترغم الناس على احترامك. فالاحترام شعور ينبع من داخل القلب. لا يُفرض بالإرغام، إنما بالتقدير الشخصي..
قد ترغم إنسانا على طاعتك، ولكن لا تستطيع أن ترغمه على احترامك.
وفي معاملاتك مع الناس، كن نسيمًا لا عاصفة.
كثيرون يحبون صفة العاصفة، لأنها تحمل معني القوة. أما النسيم فيمثل الوداعة واللطف، اللذين ينبغي أن يتصف بهما من ينكر ذاته.
وفي تواضعك لا تفضل نفسك على غيرك. على أن يكون ذلك بعمق الحب وعمق الاتضاع، وبغير رياء..
في اتضاعك، قل أنا. من أنا؟ أنا مجرد تراب ورماد.
بل قبل أن أكون ترابًا، كنت عدمًا. خلق الله التراب قبلًا مني، ثم صنعني من هذا التراب.. وهنا يختفي منك الاعتداد بالذات.
وفي اتضاعك أيضًا، تصل إلي فضيلة (إدانة الذات).