التدقيق والوسوسة
ولكن فليحرص كل إنسان أن يفرق بين التدقيق والوسوسة. الوسوسة هي الضمير الذي يظن الخطأ حيث لا يوجد خطأ، أو الذي يكبر من قمة الأخطاء فوق حقيقتها، أو الذي تحاربه عقدة الإثم بدون سبب معقول أو الذي يخرجه حب التدقيق إلى التطرف البعيد عن الحق، فيؤثم تصرفات سليمة...
والوسوسة لون من الحرفية والفريسة وهي سطحية بلا فهم. ومثالها ما كان يراه الكتبة والفريسيون دقة في تقديس يوم السبت وهي لم تكن دقة، وإنما حرفية بلا روح، وبلا عمق، وبلا فهم سليم للوصية.
ونحن نرفض أن نسمي هذا الوضع تدقيقًا. إنما التدقيق هو التصرف الروحي السليم، الذي هو في وضع وسط بين التسيب والوسوسة.
إنه يذكرنا بميزان الصيدلي كل مادة في تركيب الدواء، يكون وزنها دقيقًا جدًا. إن زاد قد يضر، وإن نقص قد يضر.
وهكذا تكون حياة التدقيق روحيًا.. الإنسان المدقق يراقب نفسه ويحاسبها، ولا يتساهل معها في شيء. له مبادئ وقيم يدقق في حفظها ولا يسمح لنفسه أن يهبط مطلقًا عن مستوي هذه القيم والمبادئ التي تمثل علامات واضحة في طريقة الروحي.